الاثنين 11 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الاثنين 4 نوفمبر 2024
تعز: الكوليرا ينافس آلة الحرب
الساعة 19:43 (الرأي برس - عربي )

مع اشتداد حدة المعارك في اليمن، تفاقم الوضع الصحي بشكل كارثي، فليس الرصاص وحده يقتل المدنيين، الأوبئة والأمراض الفتاكة تنافس آلة الحرب هذه على إسقاط المئات من السكان، حسب تقارير المنظمات الراصدة للأوضاع الصحية. 


وتعدّ تعز أكثر المحافظات التي اكتوت بنيران الأمراض والأوبئة. وقد أكّدت التقارير أن انتشار الأمراض تزايد إلى حد كبير في أوساط السكان بسبب الحرب، وتعطل البرامج الوقائية والمكافحة، ما جعل منها بؤرة حاضنة لتكاثر البعوض ونواقل الأمراض، وفي مقدمتها الكوليرا الذي ظهر مؤخراً. وباء يهدد حياة المئات من السكان، بحسب التقارير الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية، والتي سجلت بلوغ عدد المصابين بالكوليرا 1090 شخصاً في اليمن، 268 إصابة من نصيب تعز، في الوقت الذي يقبع فيه 7 مليون و600 ألف يمني في مناطق انتشار الكوليرا.


الشرعية "تقتل" تعز بالكوليرا
حالة من القلق يعيشها اليمنيون من وباء الكوليرا الذي بدأ بالانتشار في البلاد، مسجّلاً المئات من الحالات في كل محافظة، في وقت يعيش فيه القطاع الصحي في أسوأ حالاته على كل المستويات، في ظل تكتم على الوباء الذي تصاعد انتشاره في اليمن مؤخراً. وما يزايد القلق أكثر، هو عدم وجود الإمكانات اللازمة لمواجهة هذا الوباء وغيره في ظل استمرار الحرب، وغياب الدور الحكومي وتجاهله للوضع الصحي. فمنذ اندلاع الحرب حتى الآن لم تبدأ أية خطوات من قبل الحكومة للتعامل الجاد والرسمي إزاء الوضع الصحي الكارثي، لا سيما وباء الكوليرا "الغول القادم"، متذرعة بعدم قدرتها على إدخال المواد الاغاثية لإنقاذ المدنيين.


نائب رئيس اللجنة الاغاثية في تعز، عبد الرحيم السامعي، وفي تصريح ، يؤكد أن "وزارة الصحة والحكومة الشرعية غائبتان تماماً، وكأن تعز تعيش في كوكب آخر لا ينتمي إلى مجموعة كواكب الشرعية، فالوضع لا يحتمل، مع تزايد عدد حالات وباء الكوليرا يومياً، و توفي أربع حالات، منها حالتان في المواسط، في الوقت الذي لم تتوفر إمكانية التأكّد أن حالات كثيرة مصابة بمرض الكوليرا" .


ويتابع السامعي "أطلقنا نداءات متكررة للحكومة وهم أيضاً يعلمون ما هو حاصل في تعز، ويتذرعون بعدم القدرة على دخول المدينة، قلنا لهم مراراً وفروا هذه الإمكانيات واتركوها لنا في الصحراء ونحن قادرون على إدخالها تعز، لكن يبدو أن هناك من يريد أن يستخدم كربلاء تعز لمزيد من الكسب".


الإصابات في تزايد
وقد أكد رئيس نقابة الأطباء في تعز، أن "الحالات المبلغة عن الاسهال المائي المؤشر للمرض الكوليرا في تعز ما بين 30 و35 حالة يومياً، وهو واحد من أسرع الأمراض القاتلة، يفتك بمئات الحالات خلال أسابيع، في ظل عدم وجود تحرك يوازي هذا الانتشار من قبل الجهات ذات العلاقة، والنقص الشديد، والانعدام في المحاليل اللازمة لتشخيص المرض، ونحن بدورنا نوجه السؤال لماذا لا توفر الجهات المعنية هذه المحاليل؟".


ويذكر الشجاع أن مناطق انتشار وباء الكوليرا "هي مديريات مقبنة والوازعية بدرجة أساسية، ومديريات المخا وموزع وذباب بدرجة أخف، وهناك تسجيل حالات اشتباه في مديريات أخرى، وقد تم توقف الابلاغ عن حالات الوفاة لسبب لا نعرفه، وهناك شيء لا نعلمه أيضاً وراء تأخر النتائج أو تعذر إجرائها في تعز، وانتشار الأمراض الوبائية دليل على فشل النظام الصحي ودليل فشل الدولة والمنظمات الصحية العالمية، وعودة الكوليرا تعني عودة الجهل والفقر والمرض".


ويضيف رئيس نقابة هيئة الأطباء في تعز أن "سيارة الأسعاف تكلف الشخص 25 ألف ريال لنقله إلى مركز معالجة الإسهالات الحادة الذي تم افتتاحه في مستشفى البرح، لكن السؤال من أين للفقير هذا المبلغ؟ مما يؤدي إلى كثرة الوفيات".


يأتي ذلك في ظل انتقادات مجتمعية واسعة، وغياب بيانات صحفية رسمية توضح للناس حقيقة الوضع في التعامل مع المرض، والتوعية والتثقيف من خلال وسائل الإعلام المتفرغة لمزيد من الشحن والتحريض الحربي. 


وتستنكر منظمات حقوقية ما آل إليه الوضع الصحي في تعز مع انتشار وباء الكوليرا، بالإضافة إلى انعدام الأدوية والمحاليل الضرورية لمكافحته، معبرة عن قلقها من تفشي الأمراض الوبائية مع تدهور الوضع الصحي وتوقف معظم المستشفيات عن العمل وانعدام الأدوية والمراكز الصحية، ما ينذر بكارثة صحية وشيكة في تعز قد تودي بحياة المئات من المرضى والجرحى، ما جعل "اليونيسف" تشرع في إعداد مجموعة تثقيف صحي مكونة من 250 شخصاً يخضعون لدورات تثقيفية، بالإضافة إلى استخدام مادة الكلور لتعقيم المياه، مع اختيار المناطق الموبوءة كما أكّد المصدر.


وتتعالى التحذيرات من كارثة انتشار الكوليرا في تعز جراء استمرار الحرب، وعدم وصول المواد الطبية التي تحد من الوباء، ومع تضاعف حالات الاشتباه بالكوليرا ترتفع المناشدات لإنقاذ المحافظة من الوضع الصحي الكارثي الذي تمر به في ظل الحرب المستعرة منذُ عامين.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص