السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"مجزرة" في قطاع الإعلام: الفصل طاول 170 صحافياً
الساعة 19:47 (الرأي برس - عربي )

كما أن الحرب في هذه البلاد عسكرية، هي إعلامية بدرجة أخرى، ولهذا من الطبيعي أن نجد قرارات الفصل والتسريح من الوظيفة العامة في هذا القطاع، ولنسبة وكبيرة من الصحافيين العاملين في مختلف الصحف والمؤسسات.


في اليمن، رافقت هذه الإجراءات الحرب منذُ انطلاقتها الأولى، ومنذُ سيطرت جماعة "أنصار الله" على مؤسسات الدولة في صنعاء، حيث بدأ واقع جديد يفرض نفسه على الأرض، وطرف سيطر على كل مفاصل الدولة. من هنا بدأ الفرز وبدأ التصنيف، وبدأ الفرز لمجموعة الصحافيين العاملين، وللصحف والوسائل بمتخلف أشكالها، من هو معارض لهذا الطرف، ومؤيد للطرف الآخر جرى تسريحه، عندها شعر الكثير من الصحافيين بالخطر، فاضطروا لمغادرة صنعاء باتجاه عدن، وتعز، ومن ثم باتجاه العديد من البلدان الأخرى، وحيث مقرات وسائلهم التي يعملون بها.

 


تقاسمت الأطراف الحرب، وتقاسمها الإعلاميين والصحافيين أيضاً، سواء الذين يعملون لدى وسائل إعلام حرة وخاصة، أو أولئك الذين كانوا ينخرطون في العمل الصحافي لدى المؤسسات الإعلامية الرسمية التابعة للدولة.


في هذه التحولات اختلفت الظروف السياسية في البلد، إذ بات لكل طرف مؤيدون ومعارضون من صحافيين ومدنيين وعسكريين ومدنيين، فهناك من ترك وظيفته في الدولة مثلاً، وذهب للعمل مع أحد الأطراف السياسية في الحرب، وذهب للتعبير عن قناعاته وآراءه السياسية، وفي مقدمة هؤلاء الصحافيون والمحلون والكتاب، حتى الأحزاب السياسية انقسمت في مواقفها بين مؤيد ومعارض لما حصل.


من هنا تبدأ قصة العقاب لكثير من الناس بالفصل من الوظيفة العامة، والذي صار أداة من أدوات الحرب بين الطرفين. 170 صحافياً، بينهم 37 يعملون لدى وكالة "سبأ"


ظهرت مجموعة من الصحافيين على وسائل الاعلام الخارجية كمجموعة معارضة لجماعة "أنصار الله"، ومؤيدة لحكومة الرئيس هادي. وكان على القائمين على المؤسسات الإعلامية اتخاذ إجراءاتهم، وباسم القانون، وتحت مواد الدستور كما يشيرون. وقد تم اتخاذ إجراءات الفصل بحقهم تحت مسوغات قانونية؛ مضمونها انقطاعهم عن عملهم، حيث جرى الحديث عن فصل ما يقارب 170 صحافياً، بينهم 37 يعملون لدى وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، حصل "العربي" على نسخة من الوثيقة التي تؤكد فصلهم وتوضح الأسباب والمبررات. 


تشير وثيقة الفصل إلى المبررات، وإلى الجانب القانوني الذي تم الاستناد عليه، حيث تقول الوثيقة إن المذكورين عليهم العودة للممارسة عملهم، ما لم... سيتم فصلهم.


تواصل مع بعض من تم بحقهم هذا الاجراء. الصحافي غمدان اليوسفي، الذي يعمل لدى وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، يبدو اسمه بارزاً في لائحة المفصولين من الوظيفة العامة، ويقول لـ"العربي": "تعامل الحوثيون مع الوظيفة كمنحة لمقربيهم، وكأحقية نزع لمن لا يوافقون أفكارهم، ومشروعهم وأعمالهم، وتم فصل من يريدون، برغم أن قوانين الفصل من الوظيفة العامة معقدة، وتستلزم إجراءات تتطلب موافقة عدد كبير من المسؤولين، وليس لمدير المؤسسة ذاتها حق الفصل، لكن الحوثيين جاءوا وعينوا من أنصارهم من ليس لهم الحق بتلك الوظائف، فكان القرار القادم هو فصل الموظفين، الذين هرب معظمهم من الاستهداف السياسي".


وتابع اليوسفي "هناك موظفون صغار ساندوا الحوثي ووصلوا لمراتب عليا قاموا بتصفية حسابات مع زملائهم وإقصائهم، وهناك حالات بالآلاف من هذا النوع، ونحن نتحدث هنا عن هذه الجرائم في سلك الوظيفة العامة في القطاع التابع للدولة. بعيداً عن القطاع الخاص الذي كان الإعلام أول ضحاياه، وهذه الجرائم توضح مدى عدم قدرة الحوثيين على استيعاب من هم ليسوا معهم، جرائم يمكن أن تمر اليوم، لكن المستقبل سيكون قاس في الرد على هذه الانتهاكات، في النهاية هذه أرزاق آلاف الأسر ولن يكون القادم هيناً".


في تعليقه، أنيس منصور (أحد الذين طالتهم الاجراءات)، يؤكّد لـ"العربي": "القرار واضح أنه استهداف وانتقام ممن عارض أنصار الله، وبالنسبة لتغيبي عن عملي هو ليس عن إرادة وإنما كان إجباراً". 

 

تحدث إلى بعض المعنيين والعاملين في هذا القطاع، والمحسوبين على جماعة "أنصار الله"، وطرح عليهم هذه التهم للرد عليها. الصحافي والقيادي في الجماعة، أحمد المؤيد، يرى أن "إجراءات الفصل أو التعيينات التي تمت من قبل اللجنة الثورية العليا أو من قبل المؤسسات نفسها، كانت تخضع تحت مبدأ سد الفراغ والمساهمة في الإدارة الفعالة لمؤسسات الدولة مؤقتاً طبعاً، وبالنسبة لقرارات الفصل كانت تصب في ترشيد النفقات، حيث وأن الميزانية فيها بنود يجب تعطيلها، وتبقى البنود الرئيسية؛ تعطيل النفقات الإضافية، ومن ضمنها الأشخاص المتغيبين عن العمل، بعد توجيه قرار لهم بالحضور، إذا لم يحضروا فيجب إيقاف مرتباتهم، حتى يتسنى رفد الميزانية ببعض الأموال، وخاصة وأن هناك عجزاً، بالنسبة للفصل هي خاضعة للائحة الداخلية للخدمة المدنية، والتي تنص بوضوح على أن أي شخص لا يزاول مهنته ويتغيب لفترة معينة، فإنه يعاقب بالفصل". 


عقاب آخر من "الشرعية"!
يتحدث الكثير من الصحافيين، الذين تم بحقهم هذا الاجراء، عن وضع مؤسف، إذ إن البعض لا يزال مقيماً في البلاد والآخر خارجها، وليس لديهم مصادر دخل، وأصبحوا يواجهون الجوع ثمناً لمواقفهم السياسية، على اعتبار أن الذين وردت أسماؤهم ضمن قائمة الفصل من الوظيفة العامة في الدولة هم ممن أيدوا شرعية الرئيس هادي وذهبوا للدفاع عنها في وسائل الإعلام ووسائل الرأي العام؛ ويتساءلون "أليس من المفترض أن تضع لهم الشرعية اعتباراً واهتماماً، ويفترض أن تضع لهم حلولاً لمشاكلهم أو تقدم التعويض لهم بحكم أنهم من مدافعيها ومناصريها؟ وإلا لماذا تعيين وزير إعلام من قبل حكومة الرئيس هادي؟".


أسئلة طرحناها على بعض من تم بحقهم الفصل، على خلفية مواقف سياسية مؤيدة لشرعية هادي. الصحافي غمدان اليوسفي أجاب بأن "وزير الاعلام المعين من قبل الشرعية لم يعط أي اهتمام بهذا الأمر، فوزير الإعلام قال إن التعيينات والقرارات غير شرعية، لكن حياتنا بدون رواتب حكومية، ولا تعنيهم، لا هذا الطرف أو ذاك. 38 صحافي في مؤسستي ليس لديهم أي دخل، فأنا أعيش من مكافآت أتقاضاها مقابل ظهوري كصحافي وكاتب في بعض القنوات. لكن هذا دخل غير ثابت. وبأي لحظة يمكن أن يتوقف جراء أي موقف لا يعجب هذه القناة أو تلك كمحلل سياسي، ومناهض لجماعة أنصار الله الحوثيين، ومعارض لهم، ولأساليبهم، ومؤيد للشرعية".

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً