السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
لماذا انقلبت "قاعدة" اليمن على "الدولة الإسلامية"؟
الساعة 19:18 (الرأي برس - عربي )

لا زالت دوافع انقلاب فرع تنظيم "القاعدة" في اليمن على تنظيم "الدولة الإسلامية" غامضة، بغضّ النظر عمّا قاله هذا الفرع لاحقاً، ممّا يمكن أن يُوضع في سياق المبرّرات لا الأسباب والدوافع، وهو ما يؤكّده تدرّج مواقفه وتناقضها؛ حيث أنكر، في بداية الخلاف، على الفصائل "الجهادية" في سورية تصنيفها العقدي لـ"الدولة"، قبل أن يعود ويعتنق مذهب تلك الفصائل في وقت لاحق.


من المؤكّد أن التنظيم في اليمن تردّد كثيرًا قبل أن يتّخذ موقفاً يتناقض مع توجّهاته السابقة، وذلك حين أعلن، بعد أشهر من ظهور الخلاف، أن كلّ الخطوات التي قام بها تنظيم "الدولة" غير شرعية وأنّه غير ملزم بالبيعة.


وخلال فترة التردّد، ظلّ فرع "قاعدة" اليمن يتّخذ مواقف رمادية ممّا يجري في سوريا، مع ميل طفيف لتنظيم "الدولة" كشف من خلاله عن مواقفه الحقيقية التي دفعته أسباب ما إلى التخلّي عنها بعد ذلك.


حين أعلنت جبهة "النصرة" الحرب على تنظيم "الدولة" إن لم ينسحب من مناطق في محافظة حلب بسوريا خلال أسبوع، سارع فرع "قاعدة" اليمن إلى إصدار بيان بعنوان "رسالة إلى الفصائل المجاهدة في الشام"، حذّر فيها من أيّ اقتتال داخلي، ودعا إلى "توحيد الجهود لمحاربة العدو المشترك"، وأضاف، بلغة توحي أن قرار "النصرة" كان متهوّراً، أنّه "لن يعدم المجاهدون كافراً يقاتلونه".


وقد اتُهم فرع اليمن حينها بالإنحياز إلى تنظيم "الدولة"، الذي وضع حدّاً للإستمرار في لعب مثل هذه الأدوار، حين دعا كل أفرع "القاعدة" إلى اتّخاذ مواقف صريحة ممّا يجري.


وكان هذا الفرع قد استفاد من عدم تبلور خلفية عقائدية للخلاف للإستمرار في لعب هذا الدور، ومن هنا اعترض على تصنيف الفصائل الجهادية في سورية لتنظيم "الدولة" عقائديّاً، وقال، في بيان له، إنّـ"هم إخواننا وليسوا خوارج".


تهيئة
لم يكن بمقدور فرع تنظيم "القاعدة" في اليمن الإستمرار في لعب دور المصلح والوسيط إلى ما لا نهاية، خصوصاً بعد أن وُضع الخلاف، من قبل طرفَيه، في إطار عقائدي، وبعد أن طالب تنظيم "الدولة" أفرع "القاعدة" باتّخاذ مواقف صريحة من كلّ قضايا الخلاف. لم يكن بمقدور "القاعدة" في اليمن الإستمرار في لعب دور المصلح والوسيط إلى ما لا نهاية


كما لم يكن بمقدور هذا الفرع الإعلان عن الموقف الذي قرّر اتّخاذه، قبل أن يهيّئ أعضاءه له، على اعتبار أن معظمهم كانوا مهيّئين لموقف آخر.


إلى جانب الدورات الداخلية التي كلّف بها عدداً من قادته المؤثّرين، ممّن كانت لهم مواقف مناهضة لـ"الدولة"، كالنظاري والربيش وأبو زكريا، حرص فرع اليمن على استثمار حِدّة خطاب تنظيم "الدولة" لصالح القرار الذي ينوي اتّخاذه، كي يظهر القرار في سياق ردّة فعل ومستجدّات استدعته وليس انقلاباً على مواقف سابقة.


وفي ردّه على كلمة المتحدّث الرسمي باسم تنظيم "الدولة" (سابقاً)، أبو محمّد العدناني، عقب التدخّل الروسي في سوريا، والتي كان عنوانها "قل للذين كفروا ستُغلبون"، قال القيادي البارز في "قاعدة" اليمن، خالد باطرفي، إن "جماعة الدولة" كشفت عن "مخبوء العقائد". وقد بدت هذه الجملة بمثابة تبرير للموقف السابق: "هم إخواننا وليسوا خوارج".


ويُلاحظ، من خلال ما تقدّم، أن "قاعدة" اليمن عانت في سبيل تجاوز مواقفها السابقة من تنظيم "الدولة"، لاتّخاذ قرارات مقطوعة الصلة بتلك المواقف.


لماذا؟
يذهب خبير في شؤون تنظيم "القاعدة" إلى أن موقف قيادة فرع اليمن من "الدولة" تختلف عن موقف معظم أعضاء هذا الفرع، على اعتبار أن قيادته محسوبة، منذ زمن، على جناج أيمن الظواهري في "القاعدة" وليس على جناح بن لادن، على حدّ وصفه.


ويضيف الخبير، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن قيادة فرع اليمن كانت ضدّ خطوات تنظيم "الدولة" منذ البداية، تبعاً لموقف القيادة العامّة في خراسان، لكنّها تأخّرت في اتّخاذ القرار حتّى لا تخسر قطاعاً واسعاً من مؤيّدي "الدولة" في صفّها.


وبحسبه، فإن هذه المعلومة هي "الحلقة المفقودة" التي حالت دون فهم كثيرين لما جرى.
غير أن هناك من يرى أن "قاعدة" اليمن كانت حريصة على تجنّب اتّخاذ أيّ قرار يمكن أن يشقّ الصف، وقد هدّدت، سرًّا، بعض قادتها المؤيّدين لـ"الدولة" بالسجن إن هم جاهروا بموقفهم.
وذهب إلى أن وقوف "قاعدة" اليمن ضدّ تهديد "النصرة" بمهاجمة "الدولة" في حلب، يأتي في هذا السياق.


وأشار إلى أن الحديث عن وجود أجنحة في "القاعدة" غير دقيق، رغم وجود سياسات معينة لكلّ قيادي، وأن زعيم فرع اليمن (سابقاً)، ناصر الوحيشي، رغم تأثّره بأسامة بن لادن، إلّا أنّه تأقلم مع سياسة الظواهري، بحجّة أن اتّخاذ غير هذا الموقف "سيشقّ عصا الطاعة".


وأضاف، نقلاً عن مقرّب من الوحيشي، أن الأخير قال: "إنْ وصلت الدولة إلى اليمن بايعناها"، مستدركاً بأن "هذا في البداية كان، أمّا بعد اتّساع الخلاف فقد اتّبع الوحيشي الظواهري".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً