السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مزارع اليمن تُستهدف عمداً
الساعة 20:25 (الرأي برس - عربي )

رأى  أن "حرب اليمن تجمع على نحو فريد ما بين المأساة، والنفاق، والمهزلة". وتابع الكاتب البريطاني الشهير في مقاله الأخير أنه "في المقام الأول، تأتي أعداد الضحايا التي تقارب الـ 10.000، بينهم 4000 شخص من المدنيين. ومن ثم، يأتي أولئك مجهولو الهوية من المستشارين البريطانيين والأمريكيين الذين يبدون مقتنعين للغاية في المضي قدماً بمساعدة السعوديين بالانقضاض على الجنازات، والأسواق، وغيرها من الأهداف العسكرية الواضحة، من منظور البريطانيين"، على حد تعبير فيسك.


وزاد فيسك، بالاستناد إلى إحصاءات بنك "ستاندرد تشارترد"، من خلال القول "ثم تأتي التكاليف السعودية المقدّرة بأكثر من 250 مليون دولار أمريكي في الشهر، أي حوالي 200 مليون جنيه إسترليني"، وذلك "بالنسبة إلى بلد، غير قادر على دفع مستحقّات شركات الإنشاءات". وأردف الكاتب في مقاله الذي نشرته صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية بالقول "أما الآن، فيأتي الجزء المتعلق بالكوميديا السوداء، حيث شمل السعوديون ضمن أهداف قصفهم، الأبقار، والمزارع، ومحاصيل الحبوب التي يمكن استخدامها للحصول على الخبر، أو علف الحيوانات، إلى جانب العديد من المنشآت الزراعية".


وأشار الكاتب في المقال، الذي حمل عنوان "السعودية تستهدف مزارع اليمن الفقير والصناعات الزراعية عمداً"، إلى وجود "أدلة ملموسة" على قيام السعوديين وحلفائهم، بـ"الاستهداف المتعمّد لللقطاع الزراعي اليمني، صغير الحجم" في سياق حملة عسكرية من شأنها أن تودي باليمن في مرحلة ما بعد الحرب، "ليس فقط إلى المجاعة، بل إلى الاعتماد الكلّي على الواردات الغذائية من دول الخليج التي تتولّى قصف البلد الفقير حالياً".


ولم يفت فيسك الإشارة إلى "الحرب بالوكالة" بين إيران والسعودية في مختلف أرجاء المنطقة، معتبراً أن حرب اليمن "قد جرى التعامل معها، وإن على مضض، على أنها إحدى أجزاء السردية الطائفية القائمة في الشرق الأوسط". كما أعرب عن أسفه لسقوط ضحايا مدنيين جرّاء القصف في اليمن، ومن ضرب الأهداف الزراعية، التي رأى أنها "شيء مختلف تماماً". إستهداف 357 هدفاً زراعياً في 20 محافظة


إلى ذلك، شدّد فيسك على أن "الأكاديميين قد قاموا بجمع معلومات وبيانات من داخل اليمن، تشير بقوّة إلى أن الحملة السعودية هناك تحمل برنامجاً لتدمير سبل العيش في المناطق الريفية". وفي هذا السياق، أوضحت الأستاذة الفخرية في كليّة لندن للاقتصاد، مارتا موندي، وزميلتها، سينتيا غاريوس، التي تواظب على مهامها البحثية من لبنان، وبالعودة إلى ما جاء في إحصاءات وزارة الزراعة اليمنية أن البيانات بدأت تظهر مؤشرات حول قيام السعوديين في بعض المناطق اليمنية بـ"ضرب البنية التحتية الزراعية بشكل متعمّد، وذلك من أجل تدمير المجتمع المدني". 


ومن بين المراجع التي اعتمدت عليها الباحثتان، أشارت موندي إلى ما جاء في أحد تقارير وزارة الزراعة والري في اليمن، من تفاصيل بشأن "استهداف 357 هدفاً (زراعيا) في 20 محافظة من محافظات البلاد، شملت مزارع (لا سيما في مديريتي مرّان وباقم الواقعتين في محافظة صعدة)، وحيوانات، ومنشآت بنى تحتية لشبكة المياه، ومخازن مواد غذائية، وبنوكاً زراعية، وأسواقاً، وشاحنات مخصصّة لنقل الغذاء"، وقارنت بين حصيلة تلك الغارات، مع الاحصاءات الواردة في مشروع "يمن داتا" الصادرة قبل بضعة أسابيع، مستخلصةً نتائج "غير سعيدة في الأغلب"، وفق الكاتب. 


وتشير إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى أن مساحة الأرض المزروعة تمثّل ما نسبته 2.8 من مساحة اليمن ككل، في وقت تبدو فيه غارات التحالف السعودي "المتهم أصلاً بارتكاب جرائم حرب" على حقول ومنشآت زراعية "تضيف إلى (قائمة) نكث العهود من قبل السعوديين"، لا سيما وأن المملكة العربية السعودية هي من الدول الموقّعة على البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف في أغسطس من العام 1949، الذي ينصّ تحديداً على "حظر مهاجمة" أو "تدمير" أو القيام بأي ما من شأنه الإضرار بـ"الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة"، و"أيّاً كانت الدوافع والمبرّرات".


وقد سلّط فيسك الضوء على ما أدلت به موندي، خلال محاضرة ألقتها في بيروت، بشأن "العواقب الخطيرة للسياسات الاقتصادية السابقة في اليمن"، التي أولت اهتماماً بشحنات القمح الأمريكي الرخيص في سبعينيات القرن الماضي، والواردات الغذائية من البلدان الأخرى، باعتبارها عاملاً "غير مشجع لحفاظ المزارعين على (نمط) الحياة الزراعية"، وكذلك على "تأثير الحرب السعودية على الأرض (اليمنية)"، مشدّدة على أن "جيوش وأسلحة جو (أنظمة) البترو- دولار جاءت لتدمير ما تبقّى من الثروة الزراعية والحيوانية، ومن ناتج القوّة العاملة اليمنية، التي نجت من الخراب الاقتصادي في ما مضى"، الأمر الذي يدل عليه "العدد الهائل من صور المصانع والمزارع المدمّرة (للنحل والدواجن وغيرها)، والحيوانات النافقة في الحقول التي تتناثر فيها بقايا القذائف، والتي تمنع بشكل فاعل عودة المزارعين إلى العمل لأشهر، أو ربما لسنوات.


وتابع فيسك بقوله "حتى اليوم، أكثر من نصف سكّان اليمن، يعتمدون، سواء بشكل كلّي أو جزئي، على الزراعة، والتدجين". كما عاد إلى حديث موندي التي أفادت للصحيفة أن "مباني إدارة الدعم الفنّي لقطاع الزراعة قد جرى استهدافها أيضاً"، إلى جانب ضرب المبنى الرئيسي لـ"هيئة تطوير تهامة، التي أنشئت في سبعينيات القرن الماضي"، وعدد من منشآت الريّ التي تعد بمثابة "الذاكرة المكتوبة لسنوات من خطط التنمية".


وقد خلص الكاتب إلى القول إن حرباً أو حربين من حروب الشرق الأوسط، هي كل ما يستطيع العالم أن يأخذ به، وجلّ ما تملك وسائل الإعلام من الاستعداد لتغطيته، موضحاً بشيء من السخرية أن الحرب في "حلب والموصل، تكفي تماماً. أما اليمن، أو حتّى ليبيا، وفلسطين، فإنها فوق طاقتهما (العالم والإعلام) بكثير".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً