السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
لماذا هي هدنة هشّة؟
الساعة 19:28 (الرأي برس - عربي )

 

مرة جديدة الأطراف اليمنية أمام اختبار حقيقي للالتزام بالهدنة الإنسانية التي دعا إليها وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قبل أيام، في إطار مباحثات في العاصمة البريطانية جمعت كيري بنظيره البريطاني وموفد الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووزيري الخارجية، السعودي والإماراتي. ودعا كيري الأطراف اليمنية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ودون شروط، مشيراً إلى أن الغرض من وقف إطلاق النار هو الانتقال إلى طاولة المفاوضات.


الأطراف اليمنية وكما يبدو استجابت للدعوة، وبدأت الهدنة سريانها منذ منتصف ليلة أمس الأربعاء، وعلى أساس استمرارها 72ساعة، قابلة للتمديد في حال التزمت كل الأطراف بذلك، وتعتبر هذه الهدنة هي الهدنة السادسة في مسلسل التجربة التفاوضية، علماً أن جميع الهدنات السابقة كان مصيرها الفشل، بما في ذلك جولات الحوار والمفاوضات التي تمّت بين الأطراف اليمنية في كل من جنيف والكويت.


وتأتي دعوة كيري الجديدة إلى هذه الهدنة محاولة منه ومن المجتمع الدولي، وعلى رأسهم المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في إعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، وهذه العودة محكومة الآن بمدى نجاح الهدنة والتزام الأطراف بها دون أي خروقات.


المؤشّرات الأولى للهدنة لا تزال تتراوح بين إمكانية النجاح والفشل، ففي بعض الجبهات وبعض محافظات الجمهورية مرّت الهدنة بسلام، وربما دون أي خروقات تذكر، في حين خرقت الهدنة منذ الساعة الأولى في مدينة تعز، حيث استمر القصف على المدينة من قبل جماعة "أنصار الله"، كما تفيد بعض المصادر الميدانية، في حين لم يوضح الطرف الآخر هذا المسار ولم يرد على هذه الاتهامات.
الخروقات بشكل كبير سجلت في تعز، وربما في الضالع وفي بعض جبهات محافظة الحديدة، وتحديداً في جبهة ميدي، حيث تحدثت مصادر ميدانية عن استمرار القصف والمعارك في هذه الجبهة بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ.


المراقبون السياسيون انقسموا بين متفائل ومستاء. الخروقات التي سجلت في تعز، وعلى الوتيرة المعتادة، جعلت الكثير من المراقبين السياسيين يطرحون استفسارات عما إذا كانت هذه الهدنة هدنة عسكرية أم دبلوماسية؟ في حين يذهب آخرون نحو التشكيك من النجاح ومن الأرضية الصلبة التي يجب أن تبنى عليها الهدنة وعن الهدف الحقيقي والرئيس منها. الساعات القادمة كفيلة بإيضاح مسار هذا التشكيك


فهناك من يتساءل، ويجيب في الوقت ذاته، بالقول "هدنة 72 ساعة من أجل ماذا؟ ماهي الحاجة لها؟ إتاحة الفرصة لإسعاف الجرحى وسحب الجثث؟ لا. فض الاشتباك والفصل بين المتقاتلين بقوات محايدة؟ لا. السماح بمرور مواد الإغاثة؟ لا. أين هي هذه المواد؟ على أي المنافذ تتكدس؟ لا يوجد. ولا شيء".


من طرح هذه الأسئلة، في اعتباره إن الهدنة مغالطة لكسب الوقت "بغية خلخلة الموقف الدولي الساعي لإيقاف العدوان بقرار أممي؟ ربما". أو "فرملة تقدّم عسكري في جبهة ما لالتقاط الأنفاس وتعزيزها بما يمنع سقوطها وحدوث هزيمة فاضحة" احتمال آخر لدى بعض المعنيين. 


من زاوية أخرى، هناك من يرى بأن فكرة الهدنة لإيقاف الأعمال القتالية في اليمن ليس لها علاقة سوى بإيقاف الضربات الجوّية لـ"التحالف". أما الأعمال القتالية في الميدان، يبدو أن الأمم المتحدة لم تدخلها في حسابها إلا كمحاولة فقط، وليس كفرض لتنفيذها، لذلك سرعان ما انهارت واستمرت المواجهات وتواصل القصف المدفعي، وكأنه ليس ثمة فرق بين ما قبل وما بعد الساعة 11:59 مساء الأربعاء - صباح الخميس (توقيت سريان الهدنة). 


وللسياسيين في هذه الهدنة ملاحظة أن الأمم المتحدة هنا، وعلى عكس الهدنة السابقة التي أعلنت منتصف أبريل الماضي، لم تعلن عن/ أو تستبعد أية إجراءات وآليات ميدانية لمراقبة نجاح سريان الهدنة عبر المراقبين الميدانيين المكلفين بالمتابعة والرصد الميداني والعمل على حل الإشكاليات التي قد تنشأ أولاً بأول على الأرض لفرض تنفيذ الهدنة.


ومن هنا، يرى الكاتب الصحافي عبد الحكيم هلال أن "فكرة الهدنة، إلى جانب أنها تتعلّق فقط بإيقاف الضربات الجوّية، فإنها ليست بذات الأهمّية التي تستهدفها الأمم المتحدة ورعاة الحل في اليمن، من عودة للمفاوضات السياسية طبقاً لتفاصيل خارطة الطريق التي توافقت عليها الرباعية في اجتماع لندن الأخير، الأحد الماضي 17 أكتوبر، حيث يمكن تخمين أن أرباب تلك الخارطة، رأوا أن إنجاح فكرة العودة إلى المفاوضات السياسية يجب أن يرتبط أكثر بإيقاف الضربات الجوية، من إيقاف المواجهات العسكرية على الأرض، خصوصاً تلك التداعيات التي خلفتها حادثة استهداف صالة العزاء بصنعاء". 


التشكيك بهذه الهدنة وأبعادها سيد الموقف في المشهد الآن، باعتبار أن الهدنة لا بد وأن ترافقها جهود ومساعٍ جادة بشأن إنجاحها والتوصل إلى إقناع الأطراف بالعودة إلى طاولة الحوار وبصورة جدية. مصادر سياسية في صنعاء تقول إن الهدنة التي أعلن عنها ولد الشيخ "غير مرحب بها"، لكونها لا تحمل أي آفاق تدل على أن الأمم المتحدة باتت حريصة على صون وحماية دماء اليمنيين، بل إن هدنة كهذه "تثير شكوكاً كثيرة حيال المغزى من طرحها في هذا التوقيت" الذي كانت فيه الكثير من القوى الدولية تقترب من الاتفاق على مشروع قرار يصدر عن مجلس الأمن، يدعو إلى وقف الحرب بصورة نهائية، وهو "ما يوحي مع المؤسف ابأن ولد الشيخ ينفذ لعبة كبيرة وأن تلقيم الصواريخ التي تتساقط علينا من الجو لن يتوقف".


إذاً، تبقى الساعات القادمة كفيلة بإيضاح مسار هذا التشكيك من خلال مسار الهدنة ومدى الالتزام بها من قبل الأطراف، خاصة وأن الهدنة تواجه بهجوم لاذع، حيث تتعرض للإختراق في وسائل الاعلام أكثر من اختراقها على الأرض، مع ذلك هناك من يقول إن الهدنة مستمرة ويجب أن تحظى بدعم ومساندة وتشجيع من قبل الأطراف المعنية ومن قبل كل المعنيين ومن لهم صلة بهذا الشأن.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً