السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"التحالف" للمدافعين عنه: هذا ما حصل!
الساعة 20:00 (الرأي برس - عربي )

لم يكد "التحالف العربي" يرتكب أكبر جريمة في تاريخ الحرب اليمنية، من خلال قصفه لقاعة عزاء آل الرويشان الأسبوع الماضي، حتّى بدأت شلّة المدافعين عن المملكة العربية السعودية حملة إنكار واسعة لوقوف "التحالف" وراء الحادثة، موجّهة الاتّهامات لأطراف في الداخل.


إستمرّت الحملة لأيام في مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض القنوات الفضائية والإذاعات ووسائل الرأي العام الأخرى، على الرغم من أن دلائل واضحة ربما كانت تشير إلى أن العملية تمّت من قبل طيران "التحالف العربي". حجم الحادثة والحرائق التي تسبّبت بها، ورسمتها على أجساد المئات من الناس المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوّة، واحدة من تلك الدلائل، إضافة إلى سماع صوت الطيران وقت الحادثة وبعض التفاصيل الأخرى التي وثّقت أثناء قصف القاعة بالصاروخ الثاني.


نزيف الدم وارتفاع عدد الضحايا وهول الحادثة، دفع أطرافاً دولية وإقليمية نحو المطالبة بالتحقيق السريع والعاجل، والتوصّل إلى نتائج توضح من هو الطرف الذي ارتكب المجزرة الأليمة، حيث ظلّت المهاترات وتبادل التهم في وسائل الرأي العام مستمرّة وبشكل مؤسف.


حجم الضغوطات الدولية على المملكة العربية السعودية وقيادة "التحالف العربي" أجبر السعودية على الإعتراف بالحادثة، عبر بيان أصدرته بعد أيام من وقوع العملية. إعترف "التحالف العربي"، وقال إن طائراته هي التي قصفت مجلس العزاء في صنعاء السبت الماضي، مشيراً إلى أن هذا القصف نجم عن خطأين أساسيين: الأوّل، تقديم القوّات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي معلومات مغلوطة عن وجود قيادات عسكرية في العزاء. والثاني، أن هذه الغارات تمّت دون الحصول على الموافقة النهائية لقيادة "التحالف"، ودون اعتماد الإجراءات الإحترازية اللازمة.
هذان العذران رأى فيهما بعض السياسيين أنهما "أقبح من الذنب الأصلي"، وبأن ما جرى تبريرات تدين "التحالف" وقيادته للحرب في اليمن. فكيف تقوم طائرات بقصف مجلس عزاء بالأساس، في خرق لكلّ الأعراف الإسلامية والأخلاقية، وحتّى القبلية، حتّى لو كان بين الحضور قيادات عسكرية؟
وبحسب هؤلاء، أيضاً، إذا كانت قوّات الرئيس هادي هي التي قدّمت المعلومات عن وجود قيادات عسكرية في مجلس العزاء، وحرّضت على قصفه، مثلما جاء في بيان "التحالف"، فإن هذه القوّات وقيادتها لا تتمتّع بأي شرعية، ولا يجوز أن يكون لهم أي دور في مرحلة ما بعد اتّفاق وقف إطلاق النار، والعملية السياسية التي ستنطلق لاحقاً لترتيب البيت اليمني، وتحقيق المصالحة الوطنية. ومثل هؤلاء، بحسب المصدر، ينطبق عليهم المثل الإنكليزي المعروف "في ظلّ وجود هكذا حلفاء فمن يحتاج أعداء".


وفي المقابل، رأى آخرون أن اعتراف فريق التحقيق بالذنب "فضيلة" تحسب له وللذين قرّروا تشكيله، واعتبروا أنها "ظاهرة عربية تشكّل سابقة حميدة". في حين ينتظر مراقبون "اعترافاً أهمّ"، يتلخّص بأن الحرب التي فرّخت كلّ هذا الدمار وحمامات الدم قد فشلت في تحقيق أي من أهدافها، وألحقت ضرراً بالغاً بأصحابها والذين أطلقوا غارتها الأولى. حراجة الموقف دفعت بالبعض منهم إلى الإكتفاء بعبارة "لا تعليق"


وتبقى النقطة المهمّة في هذا الجانب هي تلك المتعلّقة بالمدافعين عن المملكة العربية السعودية، والذين جعلتهم المملكة و"التحالف العربي" في مأزق أخلاقي وضميري، وأظهرتهم بهذا الإعتراف أنهم منحازون ضدّ الحقيقة. وهذا الإعتراف أوقع المدافعين عن "التحالف" في مأزق أخلاقي، فظهروا بعد الاعتراف كمجموعة أفراد لا تتوفّر لديهم المسؤولية الأخلاقية عند التعاطي مع هكذا قضايا، حيث أن تبرير الجريمة يكون أهون وأقلّ ضرراً من إنكارها وتحميلها طرفاً آخر.


ويذهب سياسيون إلى القول أن التبرير السعودي ضمّن اعترافه بقصف الصالة، وتحميل مسؤوليتها الجانب اليمني، المتحالف معه، "متخاذل"، بمعنى أنه ضمّن نظرته لليمن "كمقصورة خلفية للتغوّط" (والكلام للمصدر). لكن الأكثر حراجة الآن، هم الصنف الذي دافع عن السعودية وحاول إنكار تورّطها الواضح في جريمة صالة العزاء.


 وأثناء إعداد هذا التقرير، حاول طرح هذه النقاط على بعض أصحاب المواقف السابقة، إلا أن حراجة الموقف دفعت بالبعض منهم إلى الإكتفاء بعبارة "لا تعليق". الكاتب الصحافي، نبيل الأسيدي، كان له رأي آخر، واعتبر، في حديثه إلى "العربي"، أن "الصحفيين والحقوقيين محمّلون أمانه قول الحقيقة والصدح بها، وأتمنّى أن لا يساهموا في سفك الدم اليمني بتعصّبهم للقتلة دون وعي، وعليهم أن يقفوا صفّاً واحداً أمام كلّ منتهك".


وأضاف الأسيدي "لا يمكن تغطية عين الشمس بغربال، عليهم أن يتحمّلوا المسؤولية كاملة جرّاء قصفهم لصالة العزاء والمدنيين، وعلى الآخرين أن يتحمّلوا المسؤولية جرّاء المجازر التي ارتكبوها في حقّ المدنيين اليمنيين، هذه ليست الجريمة الأولى في الحرب، فما يحدث في تعز مجزرة يومية للمدنيين، وما يحدث في الحديدة أيضاً، وما حدث من مجازر في عدد من المحافظات جرّاء الحرب القذرة".


من جهته، يرى الكاتب الصحافي، وضاح الجليل، بأن "الحادثة جاءت في سياق حرب مفتوحة، ترتكب فيها يومياً الكثير من الجرائم، وبالتالي فإن الحديث عن هذه الجريمة بالذات أخذ حيّزاً واسعاً انشغل فيه الناس بالحديث عن أخلاقيات الحرب، بينما الحرب نفسها جريمة، ولأنها جريمة فإن الحديث عن جرائم تحدث في سياقها هو عبث"، لكن الفرق أن التحالف العربي يخوض حرباً بمرجعية القوانين الدولية، بينما لا شيء يضبط حرب المليشيات أو جرائمها، الأمر الذي يقود إلى جعل هذه الفئة في موضع الإدانة بالضرورة"، واستدرك قائلاً "إلا أنه لم يكن منطقياً الدفاع عن التحالف ونفي أن يكون هو الفاعل في جريمة الصالة الكبرى، فهو الذي يدير العمليات العسكرية في اليمن ويسيطر على الأجواء، وكان واضحاً منذ البداية أن الحادثة وقعت بقصف طيران، إلا أن الكثيرين دأبوا على تبرئة التحالف بدون حصافة أو منطق، حتّى أن التحالف نفسه اعترف بمسؤوليته عن الحادثة، وإن كان أحالها إلى هيئة الأركان اليمنية، وبقدر ما كان هذا الإعتراف إيجابياً؛ إلا أنه لم يرقَ إلى مستوى المسؤولية".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً