الخميس 21 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
علي جار الله: القضية الجنوبية أضحية استُغلّت ودُفنت
الساعة 19:00 (الرأي برس - عربي )

يرى القيادي في الحراك الجنوبي، الكاتب السياسي، الدكتور علي جار الله، أن الحرب في اليمن لا يمكن أن تحسم لصالح أيّ طرف من أطرافها، معتبراً ما يجري الآن محاولات من كلّ جانب لتحسين وضعه في الحوارات القادمة. ويعتقد جار الله، في حوار، أن القضية الجنوبية أصبحت بمثابة الأضحية التي تمّ استغلالها ودفنها، بعدما شارك الحراك الجنوبي في الحرب إلى جانب "التحالف العربي" دون ضمانات، معتبراً أن غموض دعوة محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، إلى تشكيل "كيان سياسي جنوبي"، مؤشّر إلى فشلها وعدم جدّيّتها. إلى تفاصيل الحوار.


بداية، كيف تقرأ المشهد اليمني في ظلّ النزاع المستمرّ منذ أكثر من عام ونصف العام؟ وأين موقع القضية الجنوبية من كلّ ذلك؟
الصراع في اليمن لا يمكن حسمه بالحرب أبداً، والحرب بعد استمرارها سنة وثمانية أشهر دون الحسم لصالح أيّ طرف فيها تحوّلت في نظر كلّ طرف من أطراف الحرب إلى تحسين وضع كلّ طرف في الحوارات القادمة، التي على أساسها سيتمّ التوافق بين القوى المتصارعة، ونصيب كلّ طرف في السلطة والسيطرة على البلاد مستقبلاً، وهذا ينطبق على حجم الدور الإقليمي في الحرب والنفوذ في اليمن مستقبلاً. زد على ذلك أن كلّاً من طرفي الصراع يراها مصيرية، وكلّ طرف لديه محرّك إقليمي يوجّهه في الدور المنوط ليلعبه، بمعنى أن الحرب إقليمية قبل أن تكون يمنية يمنية، وهذا يجعل من الحلّ عن طريق القوة والحسم الميداني مستحيلاً، ويزيد من تعقيدها كما هو حاصل في سوريا اليوم.


الوجه الآخر من السؤال حول القضية الجنوبية وموقعها ممّا يدور في اليمن اليوم، أعتقد وهو المُشاهد بعد تحرير المناطق الجنوبية، أن القضية الجنوبية كانت الأضحية التي تمّ استغلالها ودفنها، فهي لم تكن حاضرة في أيّ حوار بين أطراف الحرب في اليمن، وآخرها الحوار الذي كان في الكويت بين الشرعية وحلفائها والحوثيّين وحلفائهم. فمكوّن الحراك الذي شارك في حوار الكويت لحلّ الصراع في اليمن معروف أنّه مستنسخ منقسم على بعضه سابقاً، ولا يمثّل الحراك الجنوبي بل يمثّل الشرعية على الأساس الذي تمّ الإتّفاق عليه في الحوار الوطني اليمني الذي كان في صنعاء عقب ما سُمّيت بثورة التغيير اليمنية، وهو مختلف، أعني هذا المكوّن، عن الحراك الوطني الجنوبي بالأهداف والمبادئ التي تمّ الإتّفاق عليها بالحركة الوطنية الجنوبية (الحراك الجنوبي)؛ فالحراك الجنوبي يسعى نحو استقلال الجنوب وبناء دولة مستقلّة، وهذا المكوّن الذي شارك في الحوار باسم الحراك الجنوبي يسعى نحو الشراكة الوطنية في ظلّ الدولة اليمنية الواحدة.


هل تقصد أنّه تمّ التآمر على القضية الجنوبية؟ ومن يمثّل هذه القضية إذا كان الرئيس هادي ومكوّن الحراك المشارك في حوار الكويت لا يمثّلانها؟ جار الله: تبريرات السلطة لضعف الخدمات ليست دقيقة وغير مهنية
دعني أجيب من الآخر على من يمثّل القضية الجنوبية لنعرف كيف تمّ استغلال القضية الجنوبية ودفنها. إذا ما نظرنا إلى جوهر حقيقة إنشاء الحركة الوطنية الجنوبية (الحراك الجنوبي) سنجد أن الحركة لم يتمّ إنشاؤها كحركة ذات طابع تنظيمي، يستطيع حصر عناصره ليسيطر على أتباعه ويمتلك الشرعية الثورية التي سطّرتها جماهير الحراك في الفعّاليّات المليونية السابقة، ومكوّنات الحراك جاءت بعد حركة الجماهير لتكون تابعة لها ولم تكن الجماهير تابعة للمكوّنات، فكان من الطبيعي أن تهدر طاقات تلك المكوّنات في الإختلاف على من يملك تلك الجماهير، وهذا هو السبب الرئيس في استغلال الحراك الجنوبي من قبل كلّ الأطراف.


وعلى سبيل المثال، عندما أعلن الملك سلمان عن عاصفة الحزم وتمّ إنشاء التحالف العربي لمساندة الشرعية، كانت جماهير الحركة الوطنية (الحراك الجنوبي) العامل الأوّل في الحرب لصالح الشرعية وعاصفة الحزم، ولم يكن التحالف العربي في حربه قد جاء من أجل مطالب الحركة الوطنية الجنوبية بل لم يتمّ التنسيق بين التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبين الحراك الجنوبي كجهة تقود مع التحالف الحرب، والسبب في ذلك فشل الحراك أو قياداته في السيطرة على أتباعهم سابقاً حتّى يكونوا بعد ذلك لاعباً معترفاً به في التحرير والحرب، فدخلت المقاومة الجنوبية إلى جانب التحالف العربي دون ضمانات على الدور الذي تلعبه بعد الحرب، فتمّ إقصاؤها بعد التحرير، ومن وجه آخر تمّ استقطاب بعض عناصر الحراك ليتقلّدوا مناصب في سلطة الشرعية دون معرفة مكوّناتها أو الإتّفاق معها، حتّى تتمّ السيطرة على ردّة فعل المقاومة إذا ما فكّرت في التمرّد على الشرعية لاحقاً.


إذاً، المتّهم الرئيس في التآمر على الحراك هم بعض قيادة الحراك التي مارست دور القائد، ودفعت بالحركة نحو العشوائية والفوضى، ثمّ سارعت نحو التسابق على السلطة دون النظر إلى حجم المشاركة وقوّتها وعلى أيّ أساس.


لكن تلك القيادات تقول إنّها قبلت بالمناصب لخدمة القضية الجنوبية؟
نحن حتّى الآن لم نر ذلك، ونتمنّى أن تكون القيادات التي شاركت في السلطة عند حسن ظنّ الجماهير بها، لكنّنا نؤكّد أن الطريقة التي قبلوا بها العمل لم تكن قد تمّت بمعرفة المكوّنات، بل أضعفت الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية والجماهير ستعرف ذلك لاحقاً.


لطالما دعوت إلى تنظيم "العمل الوطني" حتّى تأخذ القضية الجنوبية مكانها، هل ترى أن دعوة محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، إلى إنشاء "كيان سياسي جنوبي" تندرج في المسار نفسه الذي تتكلّم عنه؟
نحن تكلّمنا عن فشل الحركة الوطنية الجنوبية (الحراك الجنوبي) بعدم تنظيمها واستغلالها لصالح المشروع الوطني الجنوبي، وأن ذلك الفشل بسبب دفعها نحو العشوائية والفوضى، وهذا يحتاج إلى تفصيل فيه إسهاب في الحديث. وإذا ما نظرنا إلى دعوة المحافظ عيدروس فإنّنا نترك عليها استفهاماً وتساؤلات كثيرة كونها لم تكن واضحة، وهذا يكفي لفشلها وعدم جدّيّتها.


كيف ترون الوضع الأمني في محافظة عدن وما جاورها، في ظلّ حديث السلطات المحلّية عن تحقيقها تقدّماً كبيراً على هذا الصعيد؟
الأمن ما زال يحتاج إلى الكثير من الجهد حتى يستتبّ تماماً، لكنّه تحسّن كثيراً عمّا كان عليه بعد تحرير عدن، ونحن جميعاً مسؤولون عن الأمن، وننصح بالعمل الإستخباراتي أفضل من الإكثار من النقاط الأمنية في الشوارع، لأن قطع الشوارع فيها يعني الفشل في عمل المخابرات والتضييق على الناس لا غير.


وبالنسبة لوضع الخدمات؟
وضع الخدمات في عدن وفي كافّة المناطق المحرّرة ما زال يحتاج إلى جهد وشفافية من قبل السلطة. هناك مشكلة كبيرة تواجه السلطة، وعدم الشفافية في طرح مشكلة الخدمات من قبل السلطة للناس، وعلى رأسها خدمة الكهرباء في عدن على وجه الخصوص، يجعل من المشكلة مجرّد تكهّنات في مجالس الناس حول السبب الرئيس في غياب الخدمات عن عدن.


وبنظري، أرى أن مشكلة غياب الخدمات عن الناس، وبالذات الكهرباء، ناتج عن سببين رئيسين: الأوّل الفساد داخل السلطة، وهو الذي أدّى إلى عدم الشفافية وطرح المشكلة للناس بشكل مقنع، والتبريرات التي تقوم بها السلطة ما بين الفينة والأخرى ليست دقيقة ومهنية، والمقصود منها فقط رسالة ضدّ من يطالب بكشف حقيقة الفساد وحقيقة المشكلة، وساعد في ذلك ضعف مناقشة المشكلة من قبل الجمهور المتلقّي، الذي دائماً ما يميل إلى القناعة التامّة في طرح السلطة والمروّجين لأخطائها في مواقع التواصل الإجتماعي.


والسبب الثاني؟
السبب الثاني أنّه لم توجد خطّة متكاملة من قبل التحالف العربي والسلطة لإعادة الحياة والإعمار للمناطق المحرّرة، والتي على أساسها يتمّ حلّ مشكلة الخدمات العامّة. ولم توجد مراقبة وضغط ومحاسبة من قبل التحالف على السلطة في هذا الجانب، وكأن التحالف يرحّل هذه المشكلة إلى ما بعد الإنتهاء من الحرب، ليتابع مشكلات الخدمات ومحاربة الفساد. لكنّنا نتمنّى من التحالف، وخاصّة الإمارات العربية المتّحدة كونها المعنية في عدن، الإلتفات إلى مشكلة الخدمات في المناطق المحرّرة، لأن معاناة الناس قد بلغت حدّها الأخير.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص