الخميس 21 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
جمال بن عطاف: على حكومة بن دغر الكفّ عن المراهقة السياسية
الساعة 22:01 (الرأي برس - عربي )

بن عطاف: يجب أن ندعم دعوة اللواء الزبيدي لقطع الطريق على من يستثمرون التباين الموجود بين التكتّلات الجنوبية


لا يرى شيخ مشائخ قبائل الباقري في كلد بيافع، جمال بن عطاف، دعوة محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، إلى تشكيل "كيان سياسي جنوبي" بعيدة من النجاح؛ بل على العكس منذ ذلك، يعتقد بوجود العديد من المقوّمات لبلوغها أهدافها. إلّا أنّه يشدّد، في هذا السياق، على ضرورة "الإبتعاد عن الأنانية، والإستفادة من التجارب السابقة، وعدم الوقوف طويلاً عند المصطلحات الجدلية". عوامل يعتبرها الرجل ضرورية للمّ الشمل الجنوبي، وإيجاد حامل سياسي يكون جزءاً من الحلّ. حلّ يتوقّع الرجل، في حوار ، أن يرسو، في شقّه الشمالي، على "مثلّث نفوذ"، تتمثّل أضلاعه في "الإصلاح بدون إخوان، والمؤتمر بدون عفاش، والحوثي بدون إيران".


أطلق محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، مؤخّراً، دعوة إلى تشكيل كيان سياسي جنوبي. كيف تلقّيتم هذه الدعوة؟
الدعوة التي أطلقها اللواء عيدروس الزبيدي ضرورة حتمية، للحفاظ على تضحيات شعبنا منذ ما بعد 94م، ومروراً بـ2007م وثورته السلمية التي سقط في سبيلها آلاف الشهداء والجرحى، وللحفاظ على مقاومة الشعب الجنوبي الشريفة خلال عاصفة الحزم، والتي استطاعت بشراكة قوية مع قوّات التحالف العربي إنجاز الكثير خلال وقت يسير، بخلاف ما هو موجود في أماكن أخرى. لذا، يجب أن ندعم دعوة اللواء الزبيدي لقطع الطريق على من يستثمرون التباين الموجود بين التكتّلات الجنوبية المختلفة، بغرض النيل من القضية الجنوبية العادلة. فتأييد فكرة إنشاء كيان جنوبي جامع، يمثّل إرادة الشعب في المفاوضات القادمة، كي لا يتمّ سرقة النصر والقفز على التضحيات من قبل لصوص الثورات. 


برأيكم، هل تملك هذه الدعوة مقوّمات نجاح؟ 
فرص نجاح دعوة اللواء الزبيدي كثيرة ومنها:
- أنّها جاءت من شخصية جنوبية متوافق عليها، سواءً كان من ناحية الزخم الشعبي أو من الناحية الرسمية والغطاء الشرعي، وكون الزبيدي قائداً في المقاومة الجنوبية والنضال السلمي. 
- ضرورة المرحلة بعد الإنتصار وخلوّ الجنوب من الهيمنة والوصاية التي كانت مفروضة عليه من قبل عصابات صنعاء.
- سرعة موافقة غالبية التكتّلات والفصائل والقيادات الجنوبية مع الدعوة ومباركتها.
- الإشارات التي يرسلها التحالف العربي للملمة الشمل الجنوبي على كلمة سواء، تعبّر عن إرادة الشعب الذي فرض أمراً واقعاً، حتّى لا يحدث فراغ سياسي يستغلّه أعداء المنطقة ويُحسب الفشل على قوّات التحالف في المناطق المحرّرة. 
- الإستفادة من أخطاء الماضي وتجاربه، فقد علّمتنا الحياة كثيراً أن خلافنا وعدم اتّحادنا في كيان جامع في مرحلة التحرّر يستغلّه الخصم لصالحه. 
- إنشغال خصوم الشعب الجنوبي بأنفسهم، وهو فرصة ذهبية لن تتكرّر.
- وجود رئيس جنوبي ورئيس وزراء جنوبي عانوا من ظلم صنعاء وبطشها.
- عدم وجود كيان وطني جنوبي منذ 50 عاماً، حتّى الحزب الإشتراكي اليمني قبل الوحدة جعل هويّته لكلّ اليمن، ولم يكن يمثّل إرادة الشعب الجنوبي، بل حارب كلّ من يدعو لذلك، وهذه فرصة نجاح لإنشاء حامل سياسي جنوبي يعبّر عن إرادته في مرحلة حرجة.
- الإلتفاف الشعبي الكبير ووجود قيادات جنوبية بارزة في إدارة المحافظات الجنوبية ومناطقه العسكرية والأمنية يساهم في نجاح الدعوة. 


لكن ثمّة من يتوقّع الفشل لهذه الدعوة بسبب فشل محاولات سابقة للم الشمل الجنوبي، كان آخرها فشل انعقاد المؤتمر الجنوبي الجامع قبل سنوات؟
الموتمر الجامع الذي دعا له الشيخ صالح بن فريد ورفاقه كان خطوة مهمّة، تُسجّل في تاريخ نضال شعبنا نحو الإستقلال التامّ، ولكن الظروف اختلفت اليوم. فالجهود السابقة تمّت في ظلّ وجود القوّات الغازية وأدواتها التخريبية في أعلى هرم السلطة، الذين لبس بعضهم ثوب الحراك لشقّ بن عطاف: غياب المكوّن الحقيقي الذي يمثّل إرادة الشعب الجنوبي عن أيّ مفاوضات سياسية سيؤدّي إلى فشلها الصف، وإثارة البلبلة، كما فضحتهم الحرب الأخيرة، والدعوة إلى مؤتمر جامع وقتها أزعجتهم فسخّروا كلّ إمكانيّاتهم لإفشالها، ولكن بعد استعادة المقاومة الجنوبية لزمام المبادرة، وإحكام سيطرتها على المحافظات الجنوبية الأساسية، لا يمكن المقارنة، ولا داعي للتخوّف من الفشل إذا صدقت النوايا وترك قادتنا الأنانية، لا سيّما وأن قوّات التحالف تريد حاملاً سياسيّاً جنوبيّاً قويّاً، يكون جزءاً من الحلّ سواءً من القيادات بالداخل أو التي في الخارج، فعدم وجود كيان سياسي جامع يعني فراغاً سياسيّاً كارثيّاً، قد تستغلّه إيران وعملاؤها أو الجماعات المسلّحة الإرهابية للعبث بأهمّ موقع استراتيجي في المنطقة، ممثّلاً بخليج عدن وباب المندب.


طيّب، كيف ستّتفق تلك القيادات في ظلّ الخلافات القائمة بينها؟
القيادات الجنوبية يوجد بينها خلاف أنانية فقط، زرعه بينهم نظام فرّق تسد، للأسف الشديد. وبعد الدمار الذي لحق بالجنوب في الحرب الأخيرة، وما تبعها من عمليّات إرهابية متتالية ودخول قوّات التحالف العربي على الخطّ، لم يعد لهذه القيادات أيّ عذر أمام شعبهم. لذا يجب عليهم التوحّد، والإستفادة ممّا يحدث للمعارضة السورية وللفصائل في ليبيا، التي أدّت خلافاتهم الداخلية إلى دمار هذين البلدين. 


والحقيقة أن أجمل ما في الدعوة للمؤتمر، هو أنّها جاءت من اللواء عيدروس الزبيدي، الرجل الذي يمثّل إرادة المقاومة ويحظى بقبول من جميع القيادات، وهذه نقطة إيجابية نحو النجاح، كون المقاومة الجنوبية ضحّت بفلذات أكبادها وسطّرت أروع البطولات في ساحات النضال السلمي والتحرّري، حتّى وصلنا إلى مراحل متقدّمة في خدمة قضيّتنا، وهنا نشيد بكلّ القادة الذين أعلنوا موافقتهم وتأييدهم للدعوة، وإذا كان لدى البعض أيّ ملاحظات جوهرية، فعليهم طرحها للإستفادة والتصحيح، ما لم فإن معارضتهم ستكون من أجل المعارضة فقط. 


لنفترض أن دعوة عيدروس الزبيدي لاقت سبيلها إلى التنفيذ، كيف سينعكس ذلك على المشهد السياسي في اليمن؟
إن غياب المكوّن الحقيقي الذي يمثّل إرادة الشعب الجنوبي عن أيّ مفاوضات سياسية سيؤدّي إلى فشلها، كما أثبتت الأحداث السابقة، لكون أصل الصراع في اليمن هو فشل الوحدة اليمنية غير المباركة بين الشمال والجنوب، وقد ذكرنا ذلك مراراً وتكراراً، حتّى أيقن المجتمع الدولي بذلك، فصرّح ولد الشيخ بأن القيادات الجنوبية التي تعبّر عن الشعب ومقاومته لا بدّ من تمثيلها في مرحلة الحوار السياسي، لكن ذلك لم يتمّ حتّى الآن، وأمّا ما يحدث الآن من حوارات فهي فقط لإنهاء الإنقلاب في المدن الرئيسة في الشمال، وهذا الأمر يعنينا ولكن بصورة غير مباشرة، كون المليشيات تمتلك صواريخ بالستية تهدّد المنطقة ومنها أمن جنوبنا الحبيب، ويجب دعم جهود تسليم الأسلحة إلى جهة محايدة كما تنصّ المبادرات. 


و في آخر المطاف، لا بدّ من الحلّ السياسي، إذ لا يمكن أن تستمرّ الحروب إلى الأبد. وهنا تأتي أهمّية الإعداد لكيان جنوبي جامع يمثّل إرادة الشعب في تلك المفاوضات، التي تشرف عليها الأمم المتّحدة ودول الخليج، وحتّى لا نعيد أخطاء غيابنا عن مؤتمر الحوار، فإن ذهابنا متّحدين برؤية سياسية واحدة مؤيّدة بملايين الشعب ستحدث تغيّراً كبيراً نحو ما نصبو إليه.


إذاً أنتم تتوقّعون دعماً أمميّاً للكيان السياسي الجنوبي في حال إشهاره؟ 
لدينا تجربة واقعية في الشمال. فالكيان السياسي الذي أنشأه الإنقلابيّون لم يعترف به العالم، ولكنّهم يتعاملون معه كأمر واقع، لأن الهدف الحالي للتحالف العربي والمجتمع الدولي هو عودة الدولة ومؤسّساتها إلى الشرعية، ولكن لا شكّ أن وجود كيان واحد مجمع عليه في الجنوب سيسهّل الكثير على المجتمع الدولي ودول التحالف، لأن الحلّ لا بدّ أن يكون شاملاً لجميع مشاكل اليمن، التي تُعدّ القضية الجنوبية مفتاح حلّها الرئيسي.


لكن كثيرين يرون أن ما تطالبون به كحراك جنوبي، خصوصاً في ما يتعلّق باستعادة دولة جنوب اليمن السابقة، غير قابل للتحقيق، أقلّه على المدى المنظور؟ 
دولة الجنوب ستعود إن شاء الله، وكلّ المؤشّرات تؤدّي إلى ذلك، لأنّها قضية عادلة خلفها شعب عظيم ومحمية بمقاومة وجيش وطني مخلص. وقد أيقن التحالف والإقليم ودول العالم بأنّه لا استقرار في اليمن إلّا بعودة الدولتين، ما لم فالفوضى هي البديل. وهنا أقول للمتشائمين، عليكم أن تنظروا أين كنّا عام 97م وعام 2007م وكيف نحن اليوم؛ لقد كان رفع العلم الجنوبي جريمة تستحقّ عقوبة الإعدام، واليوم ها هو يرفرف على مؤسّسات الدولة بكلّ شموخ، والقادم أجمل، فقط عليكم رصّ الصفوف والتأنّي بالصبر، لنقطف سويّاً ثمرة الإستقلال قريباً إن شاء الله. 


ما هي الرسالة التي تتوجّهون بها إلى المعنيّين بدعوة الزبيدي؟ 
أنصح النخب في الجنوب بأن يستفيدوا من خبراتهم التنظيمية التي كسبوها من دولة الجنوب السابقة على كافّة الأصعدة، والإستفادة من كافّة شرائح المجتمع، ليقدّموا رؤية عميقة قابلة للتطبيق، ومتدرّجة المراحل، حسب الظروف المتاحة، مع الحفاظ على الهدف الإستراتيجي. كما عليهم ألّا يقفوا مطوّلاً عند المصطلحات الجدلية التي ساهمت في تأخير ركب الثورة الجنوبية لثماني سنوات، وعليهم الحذر من تحويل قضيّتنا السياسية إلى مجرّد مطالب حقوقية أو خدماتية. 


إنتقادات كثيرة وجّهت إلى دعوة الزبيدي، خصوصاً من قبل النخب في الشمال، بوصفها دعوة "طائفية" أو لترسيخ "الإنفصال"، ما ردّكم؟
دعني أختلف معك في التوصيف، فلا يوجد نخب في الشمال. فمن أهمّ صفات من يمتلك هذه المقوّمات، أن يكون منصفاً، وهذا ما لم نشهده للأسف، إلّا في حالات نادرة جدّاً. لذا فمن الطبيعي أن تُشنّ مثل هذه الحملات الشرسة ضدّ دعوة الزبيدي، لأنّهم يعملون أنّها ستقطع عليهم الطريق، وستبدّد زعمهم بأن الحراك والمقاومة عبارة عن فصائل مفكّكة، وهذا ما حاولوا فعلاً الترويج له أمام المجتمع الدولي، عبر حوار "موفنبيك". 


ماذا عن أداء الحكومة اليمنية؟ هل أنتم راضون عنه؟
الحكومة بقيادة بن دغر تعاني أزمة اقتصادية، وقد بذلت جهوداً تشكر عليها، ولكن يجب عليها أن تستوعب المتغيّرات بعد حرب 2015م، وأن لا تستمرّ في خطاباتها وشعاراتها التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، كخطاب الوحدة، والجمهورية، واليمن الإتّحادي. فالمهمّة الرئيسية للحكومة هي توفير الخدمات الأساسية للمواطن، لا ممارسة المزيد من المراهقة السياسية. وكما رحّب الشعب الجنوبي بعودتها إلى عدن، فإنّه ينتظر منها حلّاً جذريّاً للمشاكل الخدمية كالماء والكهرباء والأمن الغذائي. ونصيحتي لرئيس الوزراء والوزراء أن لا يتّخذوا قرارات تمسّ إرادة الشعب الجنوبي وتستفزّ مقاومته الباسلة.


بنظرة عامّة، ما قراءتكم للوضع الراهن في اليمن؟ وإلى أين تتّجه الأزمة برأيكم؟
المشهد السياسي اليمني في الوضع الراهن يمرّ في مرحلة تأمين وتحرير؛ تأمين المناطق المحرّرة وتحرير المناطق التي في قبضة المليشيات الإنقلابية، وفي كلتا الحالتين نجد أن ذلك يصبّ لصالح قضيّتنا. فتأمين المناطق المحرّرة من الخلايا النائمة أو الإرهابية التابعة لعصابات صنعاء هدف سام نحو حفظ الأمن واستعادة المؤسّسات، وأسفرت هذه العملية عن عودة البنك المركزي للجنوب؛ أمّا عركة تحرير صنعاء، فهي هدف لإضعاف قوى النفوذ في الشمال، كي لا يتكرّر غزو الجنوب، مرّة أخرى. 


وأتوقّع أن التحالف العربي جاد ّفي استعادة صنعاء سواءً بالسلم أو الحرب، فعاصفة الحزم هدفها الأساسي هو عودة الشرعية إلى صنعاء، لذا فما دون ذلك، يعتبر فشلاً ذريعاً. كما أتوقّع أنّه يلي عملية استعادة صنعاء تقاسم الشمال بين مثلّث النفوذ: الإصلاح بدون إخوان، والمؤتمر بدون عفاش، والحوثي بدون إيران، وأمّا الجنوب فله قصّة أخرى ستحدّدها المرحلة المقبلة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص