الاربعاء 13 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الاثنين 4 نوفمبر 2024
مشهد الإحتفاء بسبتمبر: ماذا تبقّى؟
الساعة 14:44 (الرأي برس - عربي )

اليوم، وقد تغيّر العالم سياسياً واقتصادياً، بل وجغرافياً، يحتفل اليمنيون بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962. وفي هذه الذكرى، التي تأتي في ظلّ ظروف استثنائية ومعقّدة، وفي مشهد يكاد أن يكون نسخة من مشهد ما بعد سبتمبر، يخطر لدى البعض أن يتساءل "هل حقّقت الثورة أهدافها؟ ولماذا؟ وهل اجتازت موروثات العهد البائد من الأوضاع السيئة بكلّ أشكالها من محسوبية ونفعية وانتهازية؟ ولماذا لا يكون العهد الحاضر بلا أزمات وبلا خيانة للوطن؟" 


أسئلة كثيرة وكثيرة تجعل اليمنيين يدورون في دائرة مليئة بالغموض والتناقض والحيرة، لكن الجميع يبدو مدركاً تماماً أن الثورة لم تحقّق أهدافها الستّة، لأسباب كثيرة ظلّت، ولا تزال، حاضرة حتّى يومنا هذا. ثقافة الإستيلاء على السلطة، والمحاصصة والتقاسم، وبناء مراكز النفوذ، لا بناء الدولة، دولة النظام والقانون، ربما هي التي جعلت اليمنيين يستمرّون في نفس المربّع، إضافة إلى ذلك استمرار القوى الإقليمية والدولية في تحكّمها بواقع اليمن، وصياغته وفق مصالحها.


وعلى الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على ثورة سبتمبر، إلا أن اليمن لم تتغيّر، وتفاصيل الأحداث وتفاصيل الحرب الدائرة فيها تذكّر الكثيرين بتفاصيل حرب الثورة في الستينيات. اللاعبون هم اللاعبون، ربما خصوصاً الإقليميون والدوليون، والواضح أن النزعة القتالية ونزعة الحروب في اليمن وراثية، ممتدّة في الحكم من تاريخ سبتمبر وحتّى يومنا هذا، وفي إطار الحكم الذي ينبغي أن يسقط، والحكم الذي ينبغي أن يقوم. 


عوامل متعدّدة ومتداخلة ومعقّدة، يقول عنها سياسيون أنها تسبّبت كلّها في فشل بناء الدولة التي قامت الثورة من أجل بنائها، منها ما هو متعلّق بشخوص ومراكز نفوذ كانوا وما زالوا عوامل إعاقة للدولة، ومنها ما هو متعلّق بكيانات موازية مثّلت دولة داخل الدولة.هل حقّقت الثورة أهدافها الستّة؟
في حديث إلى "العربي"، تقول الناشطة السياسية، أميرة العراسي، إن "العيد 54 من سبتمبر الثورة ضدّ الإمامة، قام به أحرار اليمن في ذلك الوقت ابتغاء حياة كريمة لهم، والأجيال القادمة ضحّى بها الكثير من قيادات الثورة السبتمبرية، وخرج من بينهم نور الجمهورية التي نعيش جميعنا تحت مظلّتها... ولكنها كثورة انتصرت بطبيعة الحال على الإمامية المقيتة، ولكنها خلّفت لنا عاهات، ما زال وطننا يعاني منها حتّى اليوم، فمن ثورة ضدّ الإمام إلى ثورة ضدّ نظام حاكم جمهوري فاسد، إلى ثورة ثالثة شعبية، أسقطت ما تبقّى من وهن الفساد والعبودية، إلى خليط لن يتكرّر من المتناقضات، والذي جعل شعبنا اليوم يعاني كلا الأمرّين منها حتّى هذه اللحظة". وتتوجّه العراسي إلى السياسيين "القدامى والجدد"، بالتذكير أن "شرعية الثورات هي شرعية الشعب، وأن شرعية السلطة هي المستمدّة من الشعب، ولا شيء يعلو فوق الشعب وإرادته".


وفي إطار الحديث عن هذه الذكرى وعما يدور في أذهان اليمنيين، خصوصاً فيما يتعلّق بأهداف ثورة سبتمبر، وإلى أين وصلت باليمن، يقول الكاتب الصحافي، رداد السلامي، لـ"العربي"، "تبقّى أمل رغم أن أي من أهدافها الستّة لم يتحقّق. بعد مرور 54 عاماً، لم تتحوّل الثورة إلى دولة ومؤسّسات وثقافة تحكم السلوك والوجدان العامّ. عادت الإمامة التي قامت الثورة ضدّها أشدّ قسوة وشراسة من ذي قبل، واستثمرت الجهل الموجود لصالح عودتها، ليقف الشعب ضدّ ذاته معها بجهل، وهكذا يتكرّر التاريخ على شكل ملهاة تراجيدية محزنة، لكننا نثق أن الثورة مستمرّة، فالثورة، أي ثورة، لا يمكن أن تحقّق أهدافها بسرعة، ولا بدّ من أن تمرّ بصيرورة من التحدّيات التي معها يعاد تصحيح الوضع وإنضاج الوعي".


الكثيرون من السياسين والمراقبين، وفي حديثهم عن هذه الثورة، يجمعون على مسألة عدم تحقيقها لطموحات وآمال اليمنيين الذين يعيشون اليوم وضعاً أسوء بكثير عما قبل، فثورة سبتمبر خضعت لظروف قاسية، وتحوّلت إلى حرب أوّلاً، ومن ثم تحوّلت إلى صراع مصالح محلّية وإقليمية، ولهذا لم تتّخذ أي من السلطات التي حكمت اليمن بعد سبتمبر أي إجراءات تتعلّق في مسألة بناء الدولة.
اليوم، يعيش اليمن في المربّع ذاته، مربّع الإحتراب والصراع على السلطة ومراكز النفوذ. مع ذلك، هناك من يتحدّث بلغة الإيجاب، وأن سبتمبر سيظلّ "درساً تاريخياً وروحياً"، وأنه سيظلّ "الوعي حاضراً" لدى اليمنيين بأهمّية الثورة والتحرّر من الإستبداد ومن قوى النفوذ.


ويرى الناشط السياسي، محمد الشرعبي، أن تعزيز فكرة سبتمبر بأنها كانت في الجانب الصحيح من التاريخ اليمني، وبأن سبتمبر "التي حدثتنا كأجيال جديدة عن التاريخ الأسود للإمامة، جاء انقلاب سبتمبر على سبتمبر وعلى فبراير، ليجعلنا نشاهد عينة من المشروع الإمامي في الألفية الثالثة".


في المقابل، ينفي فريق "أنصار الله" الإتّهامات بمحاولة الإنقلاب على النظام الجمهوري، أو إعاددة نظام الإمامة، فيما يرى خصومهم أنهم يتحفّظون بشكل مريب على ذكرى سبتمبر، وأنهم لا يعيرون الإحتفاء بها اهتماماً جدّياً.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً