السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
الحديدة ما بعد "حمّام الدم": "لم نر سلاماً يا بان"
الساعة 14:33 (الرأي برس - عربي )

إنتهك "التحالف العربي" قانون الحرب في حملته العسكرية التي يشنّها في اليمن، منذ 25 مارس 2015. لم يمتنع عن استخدام القسوة، ولم يهتمّ بتقليل الخراب الذي ألحقه بالأشخاص والممتلكات، كما حدث، مؤخّرًا، في مدينة الحديدة التي تلقّت ضربات تزامنت مع اليوم العالمي للسلام.


يقول عبد اللطيف الحكيمي، في حسابه على "فيس بوك"، "الإبتسامة كانت لا تفارقه أبدًا، طيّب القلب محمّد البحر، نائب مدير عام الشؤون المالية والإدارية بديوان محافظة الحديدة". سقط البحر ضحية هجمات "التحالف" على منازل المواطنين في سوق الهنود بمدينة الحديدة.


مدنيّون سقطوا بين قتلى وجرحى، منازل تدمّرت على رؤوس ساكنيها. الناشطة الميدانية، أمل الرباعي، المتواجدة في مدينة الحديدة، قالت، في إحدى رسائلها بإحدى المجموعات على تطبيق "واتسآب"، "كان هناك أشلاء أطفال تحت الأنقاض، واستخرجوا رأس أحدهم".


ليلًا، وقبل ساعات من انقضاء اليوم العالمي للسلام، أقدم طيران "التحالف" على خرق القانون الدولي الإنساني، وقام بتوجيه ضربة ولّدت معاناة لأناس ليس لهم علاقة بالحرب. الوكيل المساعد لمحافظة الحديدة، هاشم العزعزي، قام بزيارة الحيّ الذي تعرّض للضربة، نشر في حسابه على "فيس بوك" صورة لإحدى الجريحات في المستشفى، وقد فقدت إحدى رجليها وإحدى يديها.


نشر أيضًا صورًا للدمار الذي أحدثه طيران "التحالف" على المساكن، مؤكّدًا وقوع ضحايا مدنيّين. سبق ذلك منشور تحدّث فيه عن تناثر زجاج بيته جرّاء الضربات القوية التي استهدفت المحافظة في تلك الليلة، التي عاشها أبناء الحديدة بخوف.


طيران "التحالف" لم يحترم قرار الجمعية العامة للأمم المتّحدة باعتبار 21 سبتمبر يوماً للإمتناع عن العنف ووقف إطلاق النار، ولم يلتزم بوقف أعماله العدائية، بل أحياه بانتهاك حقّ المجتمع بالسلام. ولم يهتمّ بأحكام اتّفاقيات جنيف الأربع الخاصّة بالنزاعات المسلّحة الدولية، التي تؤكّد أنّه يجب تفادي مهاجمة المدنيّين.


"إحتفلت اليمن باليوم العالمي للسلام بسقوط ضحايا مدنيّين"، تقول فاطمة صلاح، وتضيف "كنّا نتوقّع أن يتراجع النزاع ويقلّ الدم المهدور للمدنيّين الذين لا يحلمون سوى بالسلام، لكن التحالف أظهر عدم احترامه لحقوق الإنسان"، ثمّ تساءلت "ألا يمكن إحلال السلام ولو ليوم واحد؟".


رسائل سلام رغم العنف
من الرياض، عاصمة السعودية التي تقود تدخّلاً عسكريّاً في اليمن، أكّد مجلس التعاون الخليجي أهمّية الرسالة التي يُجسّدها اليوم الدولي للسلام لـ"الدول الأعضاء بالمجلس".


وفي بيان صحافي للسفير حمد المري، الأمين العام المساعد للشؤون التشريعية والقانونية في الأمانة العامّة للمجلس، قال إن "رسالة المجلس تُجسّد إيمانها العميق وحرصها البالغ لتجنّب الحروب، ونبذ النزاعات والتعايش مع الشعوب الأخرى، وبناء حصون السلام، فهي الغاية التي منذ بدايات النزاع، عاشت الحديدة في وضع مزرٍ تنشدُها في مساعيها اليومية"، مشيرًا إلى أن "يوم السلام بمثابة دعوة لوقف إطلاق النار والعنف في العالم وبناء مجتمعات أقوى وأفضل للجميع، تتّسم بالشمولية والسلام".


بعيدًا عن الرياض، هناك في جنيف، وقف بان كي مون، الأمين العام للأمم المتّحدة، في 16 سبتمبر الجاري، دقيقة صمت، ثمّ قام بدقّ "جرس السلام". طقوس احتفل من خلالها باليوم العالمي للسلام في مقرّ الأمم المتّحدة.


على بعد أمتار من الطقوس التي أدّاها الأمين العام، ثمّة طقوس أخرى. خلالها، تمّ تحديد احتفال هذا العام بيوم السلام، بموضوع "أهداف التنمية المستدامة: بناء أحجار أساس من أجل السلام". جاء ذلك بعد أن اجتمعت الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة في سبتمبر 2015، واعتمدت أهداف "التنمية المستدامة 2015 – 2030"، داعية الدول الأعضاء إلى "بذل الجهود وتحقيق أهدافها".


هذه الدعوة تشابهت مع دعوتها السابقة لتحقيق "الأهداف الإنمائية للألفية"، التي ما زالت تعاني منها الدول نفسها التي وافقت على تنفيذها.


الحديدة... بلد للموت
قبل إقدام "التحالف" على "جريمة الحرب" بحقّ المدنيّين، ومنذ بدايات النزاع، عاشت الحديدة في وضع مزرٍ. شهدت موجات نزوح إليها في فترة الشتاء ثم موجات مماثلة في فترة الصيف. يعمل أبناؤها بنظام الأجر اليومي، وبسبب عدم وجود الديزل وارتفاع سعره في الأسواق السوداء، خسر الكثيرون أعمالهم، وأصبحوا عاطلين عن العمل.


تعرّضت مديريّاتها لسيول جارفة نتيجة الأمطار، وأدّى انقطاع التيّار الكهربائي عنها لكثير من المشكلات وانتشار الأمراض بشكل مخيف وتسجيل حالات موت في المستشفيات. أصيب أبناءها بأوبئة مختلفة يعانون منها حتّى الآن، كحمّى الضنك وأمراض جلدية مختلفة وداء الكلب، فيما لا تتوفّر في المحافظة العلاجات اللازمة.


قواعد الحرب في القانون الدولي الإنساني تحمي الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية، إلّا أن النزاع المسلّح في اليمن لا يحمي هؤلاء الأشخاص. المدنيّون الذين لا يشاركون في الحرب يلاحظون الغياب التامّ في حمايتهم وصون كرامتهم.


"نصف السكّان ليس لديهم طعام كاف. وفي بعض المناطق، تمّت عرقلة تسليم الطعام بشكل مُتعمّد". ذلك ما بيّنه تقرير صدر مؤخّرًا عن منظّمة "أوكسفام" الدولية للإغاثة.


يُعاني المدنيّون في اليمن من دمار النزاع، قال التقرير إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص اضطروا لمغادرة منازلهم في اليمن خلال 18 شهراً من الحرب، وأشار إلى أن حوالي شخص واحد من كلّ خمسة أشخاص التقت بهم المنظمة أفادوا بأن منازلهم تدمّرت، تشرّد ثلثاهم لمدّة عشرة أشهر أو أكثر، وثلثاهم أكّدوا أن أفراد أسرهم توفّوا أو أصيبوا نتيجة للصراع.


"حياة ملايين اليمينيّين تتدهور سريعاً، وسُبل بقائهم على قيد الحياة آخذة في النفاد". جاء ذلك في تقرير المنظّمة، في الوقت الذي يأمل فيه المدنيّون في اليمن بأن يحظوا بحقّهم في الحياة والنجاة من كارثة الوضع المأساوي الذي خلّفه النزاع.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً