السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
هادي و"تدوير" المصالح بالتعيينات
الساعة 13:54 (الرأي برس - عربي )

منذ خروجها إلى الرياض وعودتها إلى عدن لمرّات، وعلى شكل زيارات قصيرة، تخضع الحكومة اليمنية للتغييرات والتعيينات ما بين فترة وأخرى. كلّ تعيين أو تبديل يطرح تساؤلات واستفسارات، وعادة ما تجد الإرادة الإقليمية والحسابات الخارجية حاضرة في الواجهة، وفي القراءة السياسية لسياسيين وكتّاب ومحلّلين.


الغريب أن الحكومة أصلاً ظلّت لفترة طويلة في المنفى، ولم تكن تماس الأدوار المنوطة بأي حكومة، حتّى تخضع لسلسلة طويلة من التغييرات والتعيينات التي ليس لها أسباب مقنعة غالباً، سوى أنها نوع من استمرار المحاصصة والتقاسم للسلطة والحصول على المال، لا أقلّ ولا أكثر.


الوسط السياسي اليمني، بما فيه الوسط الشعبي، غير مهتمّ بأي تغييرات في إطار الحكومة، بحكم أنها حكومة بعيدة عن هموم الناس، من جهة، ومن جهة ثانية بات الوسط الشعبي اليمني مدركاً تماماً لطبيعة الإجراءات والتبديلات التي تتمّ، ومدركاً تماماً لأبعاد اللعبة التي صارت واضحة أمامه وضوح الشمس.


كثيرة هي الحقائب الوزارية التي أجرى فيها هادي تغييراً وتبديل وزراء بآخرين. هذه المرّة، كان من بين تلك الحقائب الوزارية حقيبة السياحة، فقد تمّ تعيين الدكتور محمد عبد المجيد قباطي وزيراً لها، والذي سبق للرئيس هادي أن عيّنه وزيراً للإعلام، وبعد فترة تمّت إقالته، وأصدر قراراً بتعيين شخص آخر بدلاً منه، ولكن المثير للتساؤل: هل لا تزال في اليمن سياحة في ظلّ الحرب الطاحنة؟! وماذا عسى أن يقدّمه هذا الوزير؟ سؤال طرحناه على وزير السياحة نفسه، لمعرفة هذا البعد ومعرفة رؤيته وخطّته في هذا المنصب.


القباطي أجاب على تساؤلات "العربي" بالقول "غنيّ عن الإشارة أنه بسبب مفاعيل العملية الانقلابية، وآثار الحرب وقبلها عقود الفساد والإفساد، وعدم الكفاءة، والإدارة بالأزمات، وإضعاف سيادة القانون والنظام، وتغييب الأمن وتوظيف ملفّ الإرهاب لابتزاز المانحين، فإن حقيبة السياحة وتنشيط صناعتها تبدو في خضمّ كلّ ذلك معقّدة وشائكة وملغومة بالمشاكل والصعوبات، وتحيطها كلّ صنوف العوائق؛ ولكن بتعاون ومساندة كلّ الخيرين، نتعشم أن نوفّق في زحزحة جزئيات هذا الملف تباعاً، وبصورة متواترة".


وأسهب قباطي في الإجابة "لعلّه في هذا المقام ليس لنا من خيار غير أن نؤكّد على أننا سنجتهد ونثابر لنبقى عند حسن ظنّ الجميع، وربّنا يكون في عوننا لتحمّل أعباء هذه الحقيبة الشائكة مرحلياً، في هذا المنعطف العصيب من تاريخنا المعاصر"، وتابع "إننا على ثقة بأن الجميع لن يتردّد في تقديم المشورة والنصح لنا، فنجاحنا مرهون بتعاون الجميع، وبالذات كلّ من خبروا هموم الصناعة السياحية، وكذا المدركين لطبيعة التعقيدات والعوائق المتراكمة في مختلف جوانب عمل ونشاط مرافق وزارة السياحة ومؤسّساتها منذ فترة طويلة".


حسناً... من جهة ثانية، لو ذهبنا نحو التأمّل في بعض التغييرات الوزارية الجديدة هذه، سنجد أن ما تقوم به "الشرعية" ليس نابعاً من ذاتها، وأن بعض القرارات يتحكّم بها صانع القرار الإقليمي. يبدو هذا واضحاً ربما في قرار تغيير وزير الدولة، هاني بن بريك، الذي كان له وجهة نظر سابقة ومواقف معلنة. ولأن تلك المواقف لا توافق "الشرعية"، واعتبرها البعض أنها تأتي ضمن الاستجابة لتحرّك الإمارات في جنوب اليمن، وتحديداً في عدن.


الناشط السياسي، محمد ناصر المقبلي، اعتبر، في حديثه إلى أن مواقف بن بريك "غير المتّفقة مع الشرعية" كانت سبباً في تغييره، وتغيير بن بريك دليل واضح على أن التعديلات الوزارية "تأتي وفق التوازنات الخارجية، ووفق الإملاءات، والأهمّ من ذلك هو أن هذه الحكومة ليست هي الحكومة التي يراهن عليها الشعب في المستقبل، وهذه الحكومة ما هي إلا وقتية، ولذا لا جديد في مسألة التحويل والتبديل بين الحين والآخر".


تبدو رؤية الكثير من السياسيين متقاربة نوعاً ما، تجاه هذه التعديلات الوزارية والتغييرات في حكومة الرئيس هادي، وهناك توافق، وربما إجماع، على أبعاد هذه التغييرات، ومن أبرزها أنها تأتي في سياق الخلافات، وغياب التواف في صفّ فريق "الشرعية"، ولهذا السبب الرئيس كثرت التعيينات والتغييرات بين حين وآخر، يلي ذلك الصراع الإقليمي على مراكز النفوذ والتحكّم بصناعة القرار في اليمن.


يقول الكاتب الصحافي والمحلّل السياسي، عبد السلام جابر، في تعليقه على التعيينات الجديدة في حكومة هادي، إن "التعديل الحكومي الذي لجأ إليه هادي، يندرج ضمن الخلافات التي تعصف بمنظومة ما تسمّى بالشرعية، وهو قرار استباقي لإخماد هذا الصراع، قبل أن يتحوّل إلى انقسام عميق تصعب السيطرة عليه... الأيام القادمة سوف تبرز تجلّيات هذا الصراع على المستوى الميداني، وقد بدأت بالفعل دعوات من بعض وزراء المنفى تخاطب الناس في تعز للخروج ضدّ شرعية هادي". ويرى جابر أن التعديل الحكومي "يؤكّد على تخبّط هادي وعجزه عن تفعيل حكومة هي نفسها تشعر بأنها غير شرعية، وأنها ليست سوى حكومة وهمية تؤدّي دوراً لخدمة العدوان وشرعنة الحرب ضدّ بلدهم اليمن" محذّراً من أن ما سمّاها "منظومة هادي" غارقة في "مستنقع صراع المصالح الشخصية".


في المقابل، يرى باسم الحكيمي (محلّل سياسي) أن بعض القرارات "جديدة، وحملت وجوهاً جديدة"، ولكن البعض الآخر من القرارات هي "عائدة من الأرشيف، وتكرار لشخصيات قديمة، ومرتبطة بصراع الماضي، ولا تشير إلى أنه سيكون لها دور مستقبلي أو أن الناس تراهن عليها".


إذاً، هو تعديل وزاري آخر سيسجّل في قائمة التخبّط الكبير للرئيس هادي ولحكومته التي تعتبر، حتّى الآن، وفق تقديرات سياسية، حكومة "المصلحة والتقاسم وتوزيع الحصص"، ليس إلا، ومع كلّ تعديل وزاري تتّضح هذه الصورة أكثر، فمرّة يقصى حزب، وأخرى يمثّل حزب آخر في الحكومة، وهكذا يتم تبادل المصلحة وتدويرها.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً