السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"مركزي" صنعاء : القرار مخالف لقانون البنك
الساعة 20:23 (الرأي برس - عربي )

تسبّب قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي، القاضي بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن وإعفاء محافظه المخضرم، محمد بن همام، من مهامّه، وإعادة تشكيل مجلس إدارة موالٍ له بارتفاع أسعار صرف الدولار أمام الريال اليمني إلى 305 ريالات للدولار، بالإضافة إلى ارتفاع الريال السعودي إلى ما فوق 80 ريالاً صباح اليوم.


القرار الذي جاء بعد شهر من تلقّي هادي وحكومته تحذيرات دولية اعتبرت نقل البنك من صنعاء إلى عدن وحجر احتياطاته المالية الأجنبية خطّاً أحمر. مصادر مقرّبة من حكومة هادي، أفادت ، بأن قرار نقل البنك المركزي سيمكّن حكومة هادي من القيام بواجبها في المحافظات المحرّرة.


لا خطوط حمراء
تجاوز هادي "الخطوط الحمراء" هذه المرّة، بإصدار قرارات جمهورية شملت تغيير محافظ البنك المركزي اليمني، محمد عوض بن همام، بوزير المالية السابق في حكومة هادي، منصر صالح القعيطي، وفقاً للقرار الجمهوري رقم 116. وتمّ تعيين عباس أحمد عبد الله الباشا نائباً لمحافظ البنك المركزي، وفقاً للقرار رقم 117. وشمل التغيير الإداري والقيادي في البنك المركزي اليمني تغيير مجلس إدارة البنك، المكوّن من سبعة، رئيس ونائب وممثّل لوزارة المالية وأربعة أعضاء، وفق قانون البنك، إذ أعاد هادي تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي اليمني وفقاً للقرار الجمهوري رقم 119 للعام 2016، برئاسة منصر صالح محمد القعيطي، محافظاً للبنك المركزي، وعباس الباشا نائباً، وتعيين الدكتور منصور علي الباطني ممثّلاً عن وزارة المالية، وعضوية أحمد حسين أبوبكر، والدكتور جلال إبراهيم فقيرة، وشرف محمد سعيد الفودعي، وشكيب سعيد عبد الله حبيشي. وقضت المادّة الثانية من القرار بنقل المقرّ الرئيسي للبنك المركزي اليمني وإدارة عملياته إلى عدن.
الإحتياطات الخارجية


قبل عدّة أيّام من صدور القرار، أعلنت حكومة أحمد عبيد بن دغر عن تقديم تقرير تفصيلي إلى المؤسّسات المالية الدولية، تثبت فيه "عدم حياد" البنك المركزي في صنعاء. وأكّد رئيس الحكومة المعيّن من قبل هادي، في لقاء جمعه إلى هادي مطلع الأسبوع الجاري، أن نقل البنك المركزي أصبح ضرورة لإنقاذ الإقتصاد اليمني من الإنهيار، متّهماً "أنصار الله" بالعبث بالمال العام. وطالب بن دغر، قبل عدّة أشهر، صندوقَ النقد الدولي بوقف التعامل مع محافظ البنك، محمد عوض بن همام، وحجز الاحتياطات المالية الأجنبية للبنك في البنوك الدولية، والبالغة 1.6 مليار دولار. ووفق مراقبين، فإن قرار هادي الأخير سيحدث حالة من الإرباك الشديد للقطاع المصرفي المحلّي، وفي ما يتعلّق بالتعاملات المالية الدولية. فبموجب القرار، تستطيع حكومة بن دغر الاستحواذ على الاحتياطات المالية الأجنبية للبنك في البنوك الدولية، باعتبار حكومة هادي معترفاً بها دولياً، يضاف إلى ذلك أن قرار وقف التعامل مع البنك المركزي في صنعاء سوف يتسبّب بوقف التحويلات المالية الدولية كافّة إلى صنعاء، وتحويلها إلى عدن، كما سيجبر البنوك التجارية والاسلامية على التعامل مع البنك في عدن، باعتباره معترفاً به دولياً،


إعلان حرب
قرار سحب السلطة المالية من صنعاء إلى عدن، اعتبره الموالون لـ"التحالف" قراراً "تاريخياً" سيفقد "أنصار الله" أهمّ مصادر التمويل للعمليات العسكرية. في المقابل، رأى فيه الناطق الرسمي باسم جماعة "أنصار الله"، محمد عبد السلام، "مخالفة واضحة" لكلّ قرارات مجلس الأمن الدولي، بما فيها القرار 2216، بالإضافة إلى أن القرار يتعارض مع بيان مجلس الأمن الأخير، الذي حثّ الأطراف كافّة على التهدئة والعمل على التوصّل إلى السلام. وأكّد عبد السلام أن هادي و"التحالف" يتعاملان مع الورقة الإقتصادية "كورقة حرب يمارسها العدوان على الشعب اليمني". وخلال حديث تلفزيوني، مساء أمس، وصف القرارات بأنها "بمثابة إعلان حرب على الشعب اليمني، بهدف تركيع اليمنيين والنيل من صمودهم"، وأنها "غير شرعية" و"حمقاء".


غير قانوني؟
مصدر في البنك المركزي، أكّد، أن البنك يترقّب ردود الفعل من قبل المؤسّسات المالية الدولية والمنظّمات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومدى تأييدهم أو رفضهم للقرارات، كون المؤسّستين تصرّان على حيادية البنك المركزي وبقائة في العاصمة صنعاء تحت قيادة بن همام. وأشار المصدر إلى أن قرار هادي الخاصّ بنقل البنك وتغيير مجلس إدارته "غير دستوري وغير قانوني"، مشيراً إلى أن المادّة الرابعة من القانون رقم 14 لسنة 2000، بشأن البنك المركزي اليمني، تقضي بأن يكون المقرّ الرئيسيي للبنك مدينة صنعاء. كما حدّدت المادّة 10 من القانون قانونية تعيين محافظ البنك المركزي ونائبه وأعضاء مجلس الإدارة وضوابط إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك، مؤكّداً بأن حكومة بن دغر، التي رشّحت أعضاء مجلس الإدارة "ليست شرعية، لعدم حصولها على ثقة البرلمان اليمني"، بالإضافة إلى أن قرار إقالة مجلس إدارة البنك السابق مخالف للمادّة 11 من قانون البنك، والتي لا تجيز تعيين عضو في مجلس إدارة البنك موظّفاً عامّاً، باستثناء ممثّل المالية. وأكّد المصدر أن قانون البنك (الفقرة الرابعة من المادّة 11) لا يجيز تنحية المحافظ أو نائبه أو أي عضو من أعضاء المجلس من منصبه، ويتيح للمحافظ ونائبه وأعضاء مجلس الإدارة الإستمرار في مهامّهم بقوّة القانون، حتّى إكمال الفترة القانونية.


تسرّب "البرطوم"
على مدى الأشهر الماضية، ظلّ حصول حكومة بن دغر على الكشوفات المالية لموظّفي الدولة حلماً، لا سيما وأن تلك الكشوفات، والتي يطلق عليها محلّياً "البرطوم"، تحت سيطرة "أنصار الله"، خصوصاً وأن تلك الكشوفات متواجدة في وزارة المالية بصنعاء، ووزارة الخدمة المدنية أيضاً.
قرار هادي بنقل البنك المركزي إلى صنعاء أثار جملة تساؤلات حول من؟ وكيف؟ ومتى تسرّبت كشوفات مرتّبات موظّفي الدولة والسندات المهمّة من البنك المركزي اليمني إلى الرياض؟.
محافظ البنك المركزي المعيّن من قبل هادي والمقرّب منه، منصر القعيطي، لم يتحدّث عن التزامات للحكومة أو البنك تجاه موظّفي الدولة. وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده اليوم بمقرّ السفارة اليمنية في الرياض، اتّهم سلفه بـ"تبديد الإحتياطات الأجنبية للبنك، وعدم الحيادية، والسعي إلى إصدار نقدي جديد دون موافقة" حكومة هادي، إلا أنه كشف عن السبب الرئيسي للقرار، بقوله إن بقاء البنك المركزي في صنعاء تحت سيطرة "أنصار الله" يطيل أمد الحرب. واتّهم القعيطي "أنصار الله" باستخدام موارد البنك لتمويل المجهود الحربي.


"القرارات الأخطر"
رئيس "مركز الدراسات والإعلام"، الإقتصادي مصطفى نصر، أكّد أن قرار هادي تعيين قيادة جديدة للبنك المركزي، ونقل مقرّه إلى العاصمة المؤقّتة عدن، متوقّع منذ اشهر، إلا أنه وصف القرار بـ"أخطر القرارات" الإقتصادية التي تمّ اتّخاذها خلال ‏الأزمة اليمنية منذ عامين تقريباً، و"ستكون له تداعيات كبيرة خلال المرحلة المقبلة"، وربط نجاح القرار بكفاءة الحكومة في إدارة الأزمة ومستوى التنسيق والدعم من قبل دول مجلس التعاون ‏الخليجي والدول الراعية للمبادرة، وكذلك البنك وصندوق النقد الدوليين‎. وأشار إلى أن هناك متطلّبات أساسية لنجاح هذه الخطوة، تتعلّق بتعزيز الإستقرار الأمني والسياسي في عدن كعاصمة لكلّ ‏اليمنيين، وتفعيل استقطاب الموارد بكفاءة، وتشغيل الموانئ وتنشيط الحركة التجارية والاقتصادية‎. وحول الإيرادات المالية، أفاد بأنه سيكون على دول "التحالف" ‏مساندة حكومة هادي، عبر تقديم دعم مالي مباشر، سواء كودائع تغذّي عمليات استيراد الموادّ الأساسية، أو ‏دعم نفقات المرتّبات والنفقات التشغيلية.


مخاوف
قرار هادي أثار مخاوف قطاعات واسعة من المجتمع اليمني، من موظّفين وتجّار ومهنيين. واستغرب مراقبون قرار نقل البنك إلى عدن، التي تعاني من "أزمة حادّة" في السيولة المالية، وحتّى الآن لم يتقاض الآلاف من الموظّفين مرتّباهم، بالإضافة إلى شكوك كثيرين بقدرات حكومة بن دغر على تحمّل تبعات الأزمة المالية التي تعرّضت لها البلاد، والحدّ من أزمة السيولة، وسداد مرتّبات موظّفي الدولة دون استثناء. فحكومة هادي لم تصدر أي تطمينات لموظّفي الدولة، وخصوصاً في المحافظات الواقعة تحت سيطرة "أنصار الله"، حول الإستمرار في آلية صرف البنك المركزي بصنعاء، دون صدور أي عقوبات على أي شريحة بسبب مواقفها السياسية أو مناهضتها لـ"التحالف".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً