السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ثلث الغارات السعودية تصيب أهدافاً مدنية
الساعة 20:35 (الرأي برس - عربي )

أكثر من ثلث الغارات الجوّية، التي شنّتها قوّات "التحالف العربي"، الذي تقوده السعودية، ضربت مواقع مدنية، مثل المدارس والأسواق والمنشآت الإقتصادية، إلى جانب المستشفيات والمساجد، وفق "أكثر دراسة مسحية بحثية شاملة" للصراع في اليمن، المستمرّ منذ 18 شهراً، والذي حصد إلى الآن أرواح 10 آلاف شخص، ما يربو على الـ 3000 منهم من المدنيين.

والجدير ذكره، هو أن الدراسة جاءت كنوع من الإستجابة لانتقادات غياب "التقارير المحايدة والمستقلّة" حول الأوضاع في اليمن، و"عدم تحلّي أطراف الصراع بالشفافية" المطلوبة، كما أنها استندت إلى المعطيات التي تمّ توفيرها من الأطراف، على جانبي الصراع في البلد العربي الفقير.


وتتناقض نتائج الدراسة التي كشفت عنها صحيفة "الغارديان" مع المعلومات التي تقدّمها الحكومة السعودية، المدعومة من حلفائها الأمريكيين والبريطانيين، بشأن "سعيها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين"، الأمر الذي سوف يزيد الضغوط الدولية على حكومة الرياض التي تتعرّض لاتّهامات تتعلق بـ"انتهاك القانون الدولي الإنساني" فيما يخصّ حربها في اليمن، داخل كلّ من الولايات المتّحدة وبريطانيا. 


من جهتها، أشارت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" هذا العام إلى "الإنتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب والنزاعات المسلّحة من قبل جميع أطراف النزاع" في اليمن، لا سيما السعوديين، و"الحوثيين"، الذين اتّهمتهم المنظّمة باستخدام الألغام الأرضية، واستخدام تكتيكات القصف العشوائي. 


وكما بات معلوماً، فقد تكرّرت دعوات المنظّمات والجهات الحقوقية الدولية في الآونة الأخيرة من أجل "إجراء تحقيق مستقلّ"، لتحديد ما إذا كانت غارات قوّات التحالف على أهداف مدنية، ناجمة عن "نقص المعلومات الاستخبارية"، أو "الافتقار إلى الدقّة" في توجيه الأسلحة من قبل الأطقم الجوّية التابعة لـ"التحالف"، أو أن تكون تنمّ ببساطة عن "عدم الإحترام عالي المستوى لأرواح المدنيين".

وفي السياق عينه، ألقت الصحيفة البريطانية الضوء على ما أدلى به وزير الخارجية السعودي حول "احترافية" قوّات "التحالف"، وامتلاكها "أسلحة دقيقة"، وما جاء على لسانه من اتّهامات لخصوم "التحالف" في اليمن بـ"تحويل المدارس والمستشفيات، والمساجد، إلى مراكز للقيادة والسيطرة".


ووفق الصحيفة البريطانية فإن "الدراسة المستقلّة، وغير المنحازة، والتي تستند إلى مصادر معلومات مفتوحة ومتاحة للجميع، بما فيها البحوث والإستقصاءات الميدانية، تسجّل وقوع أكثر من 8600 غارة جوّية بين شهر مارس 2015، حين بدأت الحملة العسكرية التي تقودها السعودية (في اليمن)، ونهاية شهر أغسطس من العام الحالي، حيث تم رصد قيام 3577 غارة جوّية ضربت مواقع عسكرية، و3158 ضربت مواقع مدنية"، فضلاً عن تسجيل 1882 غارة جوّية تعذّر تحديد ما إذا كانت وجهتها أهداف عسكرية أم مدنية. 


ومما جاء في الدراسة، التي ساهم في إعدادها عدد من الخبراء الأمنيين، إلى جانب شخصيات أكاديمية، وناشطين في مجال حقوق الإنسان، والتي جرى تمويلها "بشكل مستقلّ لتجنّب أي (شبهات) انحياز"، هو أن قوّات "التحالف" نفّذت غارات ضدّ أهداف مدنية أكثر مما نفّذته ضدّ أهداف عسكرية، حيث بلغ عدد الضربات الجوّية من النوع الأوّل 291 بالمقارنة مع 208 هجمات من النوع الثاني، وذلك في شهر أكتوبر من العام 2015، في حين جرى تنفيذ نحو 126 غارة من النوع الأوّل، بالمقارنة مع 34 غارة من النوع الثاني، وذلك خلال شهر نوفمبر من العام نفسه. أمّا شهر ديسمبر، فقد سجّل 137 غارة جوّية ضدّ أهداف غير عسكرية، في مقابل 62 غارة فقط ضدّ أهداف عسكرية. وفي العام 2016، فقد تم توثيق وقوع نحو 292 هجوماً جوياً على أهداف مدنية، في مقابل شنّ 139 هجوماً من النوع ذاته، وذلك خلال شهر فبراير، بينما أظهر الإحصاء ضرب طائرات "التحالف" لنحو 122 هدفاً مدنياً، و80 هدفاً عسكرياً في شهر مارس. جرى تمويل الدراسة "بشكل مستقلّ لتجنّب أي (شبهات) انحياز"


وقد رأت الدراسة، التي اختارت "التركيز حصراً" على رصد نتائج وآثار القصف الجوّي، عوض رصد عمليات القتال الميداني على الأرض، بسبب ما وصفته بـ"صعوبة الوصول إلى جبهات القتال"، وعدم توفّر "المعلومات المحايدة والموضوعية" الضرورية، أن أحد أكثر النتائج المثيرة للجدل تتمثّل في "عدد الغارات المتكرّرة" التي شنّها طيران "التحالف" ضدّ مواقع بعينها. وفي حين يمكن تفسير أو تبرير بعض الهجمات على المواقع المدنية، على أنها ناجمة إمّا عن "أخطاء" أو بكون الموقع العسكري المستهدف يقع ضمن منطقة كثيفة السكّان، مثل صنعاء، فإن الغارات المتكرّرة على المدارس، والمستشفيات، من شأنه أن "يعزّز المطالب بإجراء تحقيق مستقلّ"، وفق ما جاء في الصحيفة. فعلى سبيل المثال على الإستهداف المتكرّر للمنشآت المدنية، يأتي التقرير على ذكر تعرّض إحدى المدارس في مديرية ذباب، التابعة لمحافظة تعز، للقصف 9 مرّات، فيما جرى ضرب أحد الأسواق في مديرية صرواح، الواقعة في محافظة مأرب، 24 مرّة. كما توثّق الدراسة المسحية حوالي 942 غارة على المناطق السكنية، و114 على الأسواق، في حين أتت 34 من تلك الغارات على مساجد، و147 منها على مدارس، بينما أتت 26 أخرى على جامعات، و378 منها على طرق مواصلات.


وتأتي الدراسة، التي كشفت عنها صحيفة "الغارديان"، كترجمة لأصداء النداءات المتكرّرة في العواصم الغربية لوقف بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. وفي هذا الإطار، أوردت الصحيفة البريطانية تصريحات لوزير الدفاع البريطاني في حكومة الظلّ، كلايف لويس، قال فيها "إنه من المقزّز التفكير بأن الأسلحة البريطانية استخدمت ضدّ المدنيين"، مشدّداً على أن حكومة بلاده "تتحمّل المسؤولية الكاملة لفعل كلّ ما في وسعها لمنع حدوث ذلك"، معرباً عن أسفه من أنه "وفي حين يغضّ وزراء الطرف عن الصراع الجاري في اليمن، فإن إخفاء الدلائل حول انتهاك القانون الدولي الإنساني يزداد صعوبة يوماً بعد يوم".


وبعد الإشارة إلى توجيه لجنتين في البرلمان البريطاني الدعوة إلى الحكومة من أجل وقف مبيعات الأسلحة البريطانية إلى السعودية حتّى يتمّ إجراء تحقيق مستقلّ في الأمر، لا سيما وأن الرياض ولندن ترتبطان بعقود تسليح بقيمة 3.3 مليار جنيه إسترليني، جاء تقرير "الغارديان" على ذكر ما أدلى به المتحدّث باسم "حزب الأحرار الديمقراطيين" للشؤون الخارجية، توم برايك، بقوله إن الدراسة المشار إليها "تعطي وزناً إضافياً لدعوات (البعض) إلى وقف مبيعات الأسلحة (إلى السعودية)"، مستنكراً ما وصفه بـ"الدفاع المنافق" من جانب حكومة كاميرون السابقة، والحكومة الحالية برئاسة ماي، عن "الحملة الوحشية" التي تقوم بها السعودية في اليمن، رغم "الأدلّة المثبتة" حول استهداف الرياض للمدنيين، على حدّ تعبير برايك. وعلى ضوء عمل الأطقم البريطانية "المثير للجدل" ضمن غرفة عمليات القيادة والسيطرة للحملة السعودية على اليمن، ذكّرت الصحيفة بالموقف البريطاني الرسمي الداعم للرياض، حيث جاء على لسان المتحدّث باسم وزارة الدفاع البريطانية أن "المملكة المتّحدة ليست عضواً في التحالف الذي تتزعّمه السعودية"، إلى جانب تأكيده على أن "العناصر البريطانيين لا يشاركون في توجيه أو إجراء أي عمليات (عسكرية) في اليمن"، أو حتّى في "عملية تحديد الأهداف"، وأن عملهم ينحصر في إطار تقديم خدمات التدريب والدعم الإستشاري والتقني، فضلاً عن "تقديم خدمات التوجيه والمشورة من أجل الحرص على امتثال (السعوديين) بالقانون الدولي الإنساني".


كما ذكّرت "الغارديان" بالرسالة التي وجّهها 64 عضواً في الكونغرس الأمريكي، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الشهر الماضي إلى الرئيس باراك أوباما، وحثّوه فيها على تأجيل المبيعات الجديدة من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. ومما قاله النائب عن ولاية كاليفورنيا، تيد ليو، الذي أشرف على جهود وضع الرسالة المذكورة هو أن "إجراءات التحالف العربي، بقيادة السعودية، في اليمن، تعدّ غير قانونية" و"مدعاة استنكار". كما أكّد الكولونيل في احتياط سلاح الجوّ الأمريكي على أن "الغارات الجوّية المكثّفة، والمتكرّرة على المدنيين (اليمنيين)، تبدو وكأنها جرائم حرب".


يشار إلى أن الدراسة التي لم تتطرّق إلى أعداد الضحايا المدنيين في اليمن، بسبب ما وصفته بـ"التسييس العالي" الذي يعتري هذه القضية، و"عدم وجود إمكانية للتحقّق بشكل مستقلّ" من صحّة المزاعم حيال هذا الشأن، ووجهت بانتقادات من قبل الرياض التي اعتبرت أن ما جاء فيها "مبالغ فيه إلى حدّ كبير".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً