السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مشاهدات من "أضحى تعز": العيد "عابر سبيل"!
الساعة 09:52 (الرأي برس - عربي )

قضى أهالي مدينة تعز عيد الأضحى، هذا العام، مثقلين بالهموم والأحزان والآهات، بسبب الحرب، التي قسّمت أوجاعهم، بين شريد، وفقيد، وفقير، ومنهوب، حرموا الفرح.

العيد هنا مجرّد عابر سبيل، مرّ تاركاً خلفه آهات ثكلى، وحيرة مشرّد، ودمعة طفل.


الأستاذ نجيب عبد الجليل، التقيناه بعد صلاة العيد، يقول، لـ"العربي"، إنه "لم تعد هناك حياة، لكي يكون هناك عيد، بل لم نعد نشعر بأي فرحة، أو بهجة للعيد، هذه الحرب سلبت من قلوبنا الأمان، منعتنا حتّى من الفرح"، منوّهاً إلى أن عيد الأضحى مرّ عليهم وهم مشرّدون في مدرسة إيواء، فاقدين للحياة الهادئة، ومحاطين بالحزن والقهر والأسى.


أمّا عبد الحليم الشرعبي، فيقول "مرّ عيد الأضحى هذا العام حزيناً وموجعاً، كيف لا؟ ونحن في وطن ممزّق يضيع أبناؤه بمتاهات الإقتتال والحرب والتشرّد والنزوح واللجوء والمخيمات، والحال كما هو من حياة مليئة بالتشرّد، واللجوء، لا نعرف متى ستنتهي هذه الحرب، فكيف نحتفل بالعيد؟" ويستدرك قائلاً "في تعز ليس هنا أعياد، ولا أفراح، في تعز حرب وقصف وشهداء فقط".


صورة العيد في ضواحي وأحياء مدينة تعز مؤلمة جدّاً. مرّ عيد الأضحى وسط غياب المعايدات والتهاني بشكلها التقليدي، كما درجت العادة، فهو عيد بنكهة الرصاص، وصوت المدافع، التي أزاحت عن السماء أصوات الطيور، ومرح الأطفال، المزيّن أجواء العيد بحضوره.


زكريا الحميري، أب لخمسة أطفال، يرى أنه تلاشت "أحلام الأطفال الصغيرة، والطفولية، كالهدايا والألعاب، كما كانوا يحلمون قبل القتل والدمار والتهجير". ويضيف "أبنائي عندما أتحدّث معهم عن العيد، يجيبون بأنهم لا يشعرون أنهم يعيشون العيد الحقيقي، وألاحظهم أحياناً يتردّدون عن اللعب في الحي، أو الحارة، كما كانوا يفعلون في السابق، خوفاً من الحرب". مرّ عيد الأضحى وسط غياب المعايدات والتهاني بشكلها التقليدي


في المقابل، يرى كثير من التعزّيين أنه، رغم الجراح التي لم تندمل بعد جرّاء الحرب، إلا أنهم لن يستسلموا للحزن، ولن يتركوا العيد يمرّ، دون أن يحصلوا على نافذة فرح تخفّف عنهم قساوة الحرب ووجهها الوحشي.


عبد الحكيم إسماعيل، يؤكّد أن "أهالي مدينة تعز مرّ عليهم عيد الأضحى ولا زال الجرح مفتوحاً، لكن رغم هذا الجرح، يبقى من الواجب أن يفرح المسلمون بعيدهم ويذبحوا الأضاحي، ثم بعد ذلك يوزّعونها على الفقراء، وعلى الأرحام، وعلى الذين تضرّروا في هذه الحرب"، مشدّداً على أنه "لا بدّ أن نفرح بعيدنا مهما كانت الدماء نازفة، علينا أن نصنع الفرحة بما نستطيع، عند أهالينا، وأطفالنا، وذوي الشهداء والجرحى".


العيد في تعز لدى أسر الشهداء والجرحى غيمة حزن بطعم القهر، فهم يتحسّرون على ما حلّ بحياتهم، ويعتصرهم الألم على فراق فلذات الأكباد.


تتساءل والدة أحد الضحايا بحزن "عندما تفقد الأمّ قلبها ومهجتها وفلذة كبدها... فكيف يكون عيدها؟" مستذكرة أن ابنها "الشهيد" كان أوّل من يتفقّدها ويزورها من أبنائها في العيد.


أمّا الحاج أحمد علي، عندما سألناه عن طقوس العيد وتقاليده، أجاب بصوت تكسوه الحسرة والألم: "عن أي عيد نتحدّث؟! عيد الأضحى الذي نعرفه لم يعد كما هو، بل أصبح مجرّد يوم
خالٍ من المباهج والإحتفالات، مكتظّ بالضحايا والنازحين والدمار والعوز الشديد"، ويضيف "لم تعد الأسر التي فقدت أحد أفرادها أو أقاربها تعيش العيد بفرحته وهداياه، لأن معظم هؤلاء الأقارب والأرحام قد أصبحوا في العيد تحت التراب".


غابت الكثير من طقوس العيد "الفرائحية" المتنوّعة لدى أبناء تعز، واقتصر السكّان هذا العيد على أداء صلاة العيد، وزيارة المقابر، وتلاوة الفاتحة على أرواح من قتلتهم الحرب.
محمد سيف، من أبناء مدينة تعز، يقول "إنه لم يعد يرى طعماً أو لوناً للسعادة مثل أكثر سكّان مدينة تعز، الذين خرجوا من منازلهم، هروباً من الحرب التي أوغلت في دماء الأطفال والنساء والشيوخ، وأحرقت الأخضر واليابس".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً