السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
عيد التعزّيين: ماذا أبقت لنا الحرب؟!
الساعة 20:25 (الرأي برس - عربي )


تخيّم غيمة الحزن على مدينة كتب عليها أن تعيش الحرب، والحصار، ومشاهد الموت، والدمار حتّى أجل غير مسمّى. هكذا، يستقبل الأهالي العيد، بمنازل مدمّرة، وذاكرة تعيدهم إلى أطفالهم وأحبائهم الذين فقدوهم نتيجة الحرب.


يستقبلون العيد، بأعباء تثقل كاهل الأسرة، وأماني بسيطة في نفوس الصغار، الذين وجدوا أنفسهم في قب معارك قضت على ما كان متاحاً لهم من متنفّس، وحدائق ألعاب أحالتها آلة الموت دماراً وخراباً.
علي سعيد تربوي يقول،، إن "الفقر، الخوف، المآسي التي تقبل علينا زرافات ووحدانا كفيلة بأن تطمس معالم الفرح في هذه المدينة لألف عام قادمة، والمشكلة أن لدينا ذاكرة غير مثقوبة، تذكّرنا بالقهر، والدمار، والحصار في كل لحظة"، ويتابع "عيدنا للأسف بلا ملامح فرح، فقد سرقت الحرب كلّ جميل، لم نعد نبحث أو نترقب سوى موسم موت، لا عيد".


شلل الأسواق
في جولة على شوارع تعز، ومراكز التسوّق، في المناطق البعيدة عن المواجهات، كشارع جمال، والتحرير الأعلى، والأسفل، وشارع 26 سبتمبر، وباب موسى، والتي كانت تكتظّ بالمتسوّقين ما قبل الحرب، هذا العام، كسابقاته، حركة ضئيلة، بل تكاد تخلو بعض الشوارع والمراكز التجارية من الناس، إلا بنسبة محدودة من السكّان الذين فضّلوا البقاء داخل المدينة على النزوح إلى خارجها، علاوة على عدم قدرة البعض على السفر إلى الأرياف، كما جرت العادة في المناسبات الدينية، إمّا بسبب الحصار المضروب على المنافذ المؤدّية إلى مركز المدينة، أو بسبب الظروف المعيشية الصعبة الناجمة عن الحرب.


ظروف صعبة
عبد الله حمود، أب لثلاثة أطفال، يعمل لدى إحدى الشركات، يقول، ، إنه "مع كلّ عيد جديد، يحرص على زيارة أهله في القرية، لكنّه هذه المرّة قرّر أن يبقى في مركز المدينة، بسبب الحرب أوّلاً، وبسبب الحصار ثانياً". ويضيف "فإذا أردت الخروج من المدينة سأكون محتاجاً لمبلغ لا يقلّ عن خمسين ألف ريال، بدل مواصلات فقط، أضف إلى ذلك مشقّة الطريق وخطورتها".
ويتابع "أصبح قدوم العيد يشكّل حملاً ثقيلاً على الجميع، خاصّة مع ظروف الحرب، وانعدام الرزق، وفرص العمل".


"عيد العافية"
أمّا العيد لدى أسامة محمد، فهو عيد العافية، كما يقول، في إشارة منه إلى الأوضاع العسيرة، مؤكّداً أنه سيعمل بكل ما بوسعه "على إدخال الفرحة في نفوس أطفاله وأهله، قدر الإمكان".


عيد بنكهة البارود
ويشير الناشط الحقوقي، طارق الحميري،إلى أن العيد في تعز "نستقبله بطعم البارود، ما لم تنقشع عنه كآبة الحرب"، مستدركاً بالقول "لكن تظلّ الفرحة، وخلقها في نفوس الناس ضرورة لخلق واقع مختلف، بعيداً عن الحزن الجاثم على المدينة، حيث لا تزال آلة الموت شغّالة حتّى اللحظة".


غياب الأمن
ويرى الصحافي عمر الجلال أن "العيد هو بتوفّر الأمن، لدينا عصابات سلب ونهب وقطاع طرق، وتضييق في العيش، باسم المقاومة تارة، وباسم الدين تارة أخرى"، متمنّياً أن يحلّ عيد الأضحى، وقد انتهت الحرب، وكشفت الغمّة عن تعز، وعن اليمن بشكل عام. ويؤكد عمر على ضرورة أن تتكاتف الناس و"أن يشعروا ببعضهم في مثل هذه الظروف الصعبة، التي تمرّ بها البلاد، سواء ظروف الحرب، والحصار، أو الغلاء الذي يرافق موسم العيد".


لهيب الأسعار 
الحرب، والحصار، وغياب الدولة، عوامل أفرزت سوقاً سوداء مفتوحة على السلع كافّة، لتفتح حرباً من نوع آخر، يكتوي بنارها المواطن المغلوب على أمره.


فرحان عبده، تبدو على ملامحه الحيرة والدهشة، وجدناه في شارع باب موسى يقول "لم أعرف عيداً لم أتمكّن فيه من شراء ملابس العيد لأطفالي، إلا هذا العام، إنه أمر مأساوي لأن تغيب كافّة مظاهر العيد، في ظلّ غلاء فاحش للأسعار، وانعدام لأبسط مقوّمات الحياة". ويضيف متسائلاً "ماذا أبقت الحرب لهذا العيد؟".


في مدينة تعز، تشعرك شوارعها وحاراتها بوجع الناس هذا العام، وهم يزدادون تحسّراً على ما حلّ بحياتهم. لا يتعلّق الأمر بفظاعة الفتك، وحده، والتدمير الذي يتعرّضون له جرّاء الحرب الدائرة منذ أكثر من عام، والتي خلّفت عشرات آلاف من القتلى والجرحى والنازحين، بل كذلك الحصار الخانق الذي ساهم في اتّساع رقعة معاناتهم، والتردّي المريع في وضعهم الإنساني.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً