السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
هل ينجو السعوديون من "فخّ" اليمن؟
الساعة 20:29 (الرأي برس - عربي )

تحت عنوان "هل يستطيع السعوديون النجاة من فخّ حرب لا متناهية في اليمن؟"، تناول تقرير لمجلّة "ناشونال إنترست" آفاق الحرب في اليمن، على ضوء تشديد "التحالف العربي"، بقيادة السعودية، غاراته هناك. ورأت المجلّة الأمريكية أن الأمر استغرق يومين فقط، بعد انهيار محادثات السلام اليمنية، قبل أن يستأنف "التحالف" قصفه "المركّز على العاصمة اليمنية، صنعاء، التي تقع تحت سيطرة المتمردين"، بما يعنيه الأمر من معاودة استئناف "وقائع الدمار الكئيب، وسقوط الضحايا المدنيين، إلى جانب الأزمة الإنسانية التي ألمّت بالبلد الأفقر في العالم العربي، دون أن تلوح نهاياتها في الأفق".


وبعد طرح التساؤل حول المكسب الذي يمكن أن يحصّله السعوديون وشراكاؤهم في "التحالف" من موجة التصعيد في "الصراع عديم الأفق والأهداف"، رأت المجلّة أن "السعوديين وجدوا أنفسهم مكبّلين"، بحرب ذات هدف عسكري غير واقعي، وبتعريف غير ممكن وواضح لمفهوم الانتصار، وهي "حرب تكلّفهم مليارات دولارات لا يملكونها (أو لا يملكون القدرة على تعويضها) في الوقت الحالي، جرّاء هبوط أسعار النفط، وتزهق أرواح المدنيين اليمنيين بمعدّل يومي يقارب 113 ضحية، وفق إحصاءات الأمم المتّحدة.


وتابع التقرير، الذي أعدّه طوماس ليبمان، بالقول إنه لا توجد مؤشّرات حول أفكار جديدة لدى السعوديين، أو إجرائهم إعادة تقييم للاستراتيجية المتّبعة في اليمن، مذكّراً بما أدلى به وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، خلال مؤتمر حول الأمن الدولي، عقد في بروكسل الشهر الماضي، من تصريحات تطرّق فيها إلى اليمن باعتباره "أحد البلدان التي تواجه فيها المملكة توتّرات". وفي ضوء هذا المعنى، عاد التقرير إلى بدء "حملة القصف السعودي" على اليمن قبل أكثر من عام، بهدف معلن، تمثّل بإعادة حكومة الرئيس هادي "الشرعية"، بعد الإطاحة به من قبل "قوّات المتمرّدين الحوثيين"، وهو هدف أيّده قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي تحت الرقم 2216، في وقت لاحق من الحملة العسكرية التي بدأت في مارس عام 2015. وقد لفت التقرير إلى عدم انصياع "الحوثيين"، الذين تنظر إليهم الرياض على أنهم "وكلاء لإيران"، إلى القرار الأممي الذي دعاهم إلى الانسحاب من المناطق التي انتزعوها من حكومة هادي، وإلى إقدام عناصرهم على ضرب بعض المناطق داخل المملكة العربية السعودية، وما نجم عن ذلك من إغلاق لبعض المدارس والمطارات.


وبحسب "ناشونال انترست"، فإن "المشكلة التي يواجهها السعوديون هي أن أهدافهم لا يمكن تحقيقها عبر القصف، ولربما لا يمكن تحقيقها" تحت أي ظرف من الظروف، لا سيما وأن أياً من "الدول" أو "الجماعات" المنخرطة في الصراع داخل اليمن، لم يهزم حتّى يكون الطرف الآخر قادراً على "فرض الشروط" عليه. وتابع ليبمان أن "اليمن، لطالما كان البلد الذي يصعب حكمه"، وها هو اليوم منقسم بين مناطق تخضع لسيطرة "المتمرّدين الحوثيين"، وأخرى تخضع لسيطرة القوّات الموالية لحكومة هادي، فضلاً عن تلك الخاضعة لسيطرة لتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب". وأوضح أنه حتّى وإن انتهى المأزق الراهن بين "الحكومة" و"المتمرّدين"، فمن غير المرجّح أن تنجح أي حكومة قادمة في بسط نفوذها على سائر مناطق اليمن. وبحسب "ناشونال انترست"، فإن "المشكلة التي يواجهها السعوديون هي أن أهدافهم لا يمكن تحقيقها عبر القصف"


كما استرجع ليبمان ما أسرّ به وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، لدى لقائه الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض في يونيو الماضي، من أن بلاده لا تهدف من المشاركة في الحرب داخل اليمن إلى إعادة الرئيس هادي إلى الحكم، أو محاربة تنظيم "القاعدة"، بل العمل على تفادي سيناريو يصبح فيه اليمن "ليبيا ثانية"، حيث تتنازع التنظيمات المسلّحة السيطرة على مناطق البلاد. كذلك استرجع حديث وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في نيسان الفائت حين وصف "الحوثيين" بالـ"الجيران"، وشدّد على أن أولوية بلاده في اليمن لا تنصب على محاربتهم، بقدر ما هي تنصبّ على محاربة تنظيم "القاعدة في حزيرة العرب". ما سبق من مواقف تعدّ "تخبّطاً سياسياً" من جانب الرياض، وفق الكاتب. أمّا عن الجهد السعودي لمحاربة "القاعدة" داخل اليمن، ربطاً بمجريات الحرب الدائرة هناك حالياً، فقد ذكر الكاتب أن السعوديين قد حقّقوا "نجاحات قليلة" في هذا الخصوص، وإن قاموا في الوقت عينه بـ"تعزيز التنظيم"، وذلك يعود في جزء منه إلى قيام طيران "التحالف" بتدمير معدّات ومنشآت الجيش اليمني. وفي هذا السياق، أورد الكاتب تحليلاً نشره معهد "أميريكان انتربرايز"، خلص إلى أن "قوّات الجيش اليمني متدهورة إلى حدّ كبير"، وأنها "لن تكون قادرة على محاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بشكل فاعل حالما ينتهي هذا الصراع".


وبعد الإشارة إلى إشادة إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بالمساعي السعودية من أجل التوصّل إلى "تسوية سياسية" للصراع في اليمن، والتزام الرياض بإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في ذلك البلد، لفت ليبمان إلى أنه، وبعد انهيار مشاورات السلام اليمنية في الكويت، فإن "إعادة بناء البلاد" تبدو بعيد المنال أكثر من ذي قبل. وعن العلاقة السعودية اليمنية قبل الحرب، فقد أشار الكاتب إلى أن اليمن كان يعتمد إلى حدّ بالغ على الرياض، سواء لجهة الحصول على الدعم الاقتصادي، خصوصاً في ظلّ معاناة الجار الجنوبي للسعودية من أزمة شحّ مائي حادّة، أو لجهة الخوف السعودي من تحوّل هذا البلد الجار إلى "دولة فاشلة" مصدّرة للنازحين والمهاجرين، أو "دولة مستقرّة" مقرّبة من إيران، الغريم الإقليمي للمملكة.


إلى ذلك، نوّهت المجلّة الأمريكية بنجاح المملكة العربية السعودية باستقطاب دول مجلس التعاون الخليجي، بمعظمها، ودفعها إلى مساندة رؤيتها إزاء الوضع في اليمن. وقد أشارت المجلّة إلى الإنفاق السعودي الواسع في مجال الدفاع، الذي قارب 82 مليار دولار سنوياً، بنسبة تمثل 13 % من الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد، لتصبح المملكة ثالث أكبر دول العالم إنفاقاً على التسلّح، بعد الولايات المتّحدة والصين، على نحو يفوق معدّلات إنفاق دول "الناتو" بكثير. وذلك بحسب أرقام "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية". من ناحية أخرى، اعتبر الكاتب أنه على وقع استمرار حرب اليمن، ومع انهيار أسعار النفط إلى مستويات قياسية، "فإن السعوديين يشعرون باللسعة"، في ظلّ الأعداد الكبيرة من عمّال الإنشاءات الذين يعودون أدراجهم من السعودية إلى بلدانهم، وتخفيض بعض الدعم الحكومي لعدد من السلع والخدمات، وزيادة الرسوم على التأشيرة. 


وقد خلص تقرير المجلّة الأمريكية بالحديث عن "مؤشّرات قليلة" بشأن وجود معارضة في داخل المملكة العربية السعودية للتدخّل العسكري في اليمن، مشيراً إلى أن شعب المملكة بمجمله، باستثناء أولئك القاطنين على المناطق الحدودية مع اليمن، بدا "معزولاً"، لا سيما وأن "الخسائر السعودية كانت قليلة". وفي هذا السياق، نقل الكاتب عما عبّر عنه الباحث في معهد "بروكينغز" بروس ريدل، في مقال نشره في "المونيتور"، مطلع الشهر الجاري، حين قال إن "الخيار الأسهل للمملكة هو المضي قدماً في تخبّطها دون اتّخاذ قرار" بشأن الوضع في اليمن، مضيفاً "إلا أنه، آجلا أم عاجلاً، على السعوديين أن يتّخذوا القرار، إمّا بتصعيد النزاع، أو الاستجابة لواقع التقسيم"، في ذلك البلد المجاور لهم، حيث سيكون "جزء كبير منه قد وقع في أيدي أعدائهم".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص