السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
طرفا الصراع ومبادرة كيري: الإرباك سيّد الموقف
الساعة 19:58 (الرأي برس - عربي )

من مدينة جدّة السعودية، قدّم وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، وفي إطار ما سمّي بالإجتماع الرباعي، مقترحه للسلام في اليمن، يبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية، يليها تسليم جماعة "أنصار الله" سلاحها لطرف ثالث محايد.


حتّى الآن، لا تزال المواقف وردود الفعل على المبادرة الأمريكية تعاني من إرباك بالغ وجلي، وهو ما ظهر في موقف الطرفين. حكومة الرئيس هادي أبدت استعدادها لدراسة المبادرة، تحت سقف القرارات الدولية. و"المجلس السياسي" المنبثق عن تحالف خصوم هادي، "أنصار الله" و"المؤتمر"، ردّ بصورة غير مباشرة، معلناً استعداده للتجاوب مع أي مبادرات، شرط وقف "العدوان"، في إشارة إلى الحصار والهجمات التي يقوم بها "التحالف".


أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء، الدكتور ناصر الطويل، قرأ في مبادرة واشنطن مراعاة لأمرين "الأوّل، ميل القوى الغربية لطرف سياسي معين، وإن كان لا يحظى بشرعية وفقاً للمرجعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وتأتي (المبادرة) أيضاً متّسقه مع رفض أمريكا والدول الغربية لمسار العمل العسكري... وهي في إطار ترويض الطرف الموالي للشرعية، وممارسة الضغط عليه للقبول بتسوية سياسية لا تلبّي مطالبه، بمعنى أنها لا تنظر للأمر من منظور شرعية أو عدم شرعية، بقدر ما تنظر إليه من زاوية القوّة التي تفرض أمر واقع على الأرض، ومراعاة للمصالح الأمريكية والغربية".الطويل: المبادرة تأتي في إطار ترويض الطرف الموالي للشرعية، وممارسة الضغط عليه للقبول بتسوية سياسية


وعما إذا كانت خطّة كيري هذه ستحظى بقبول واسع وستصبح قابلة للتطبيق، ومدى نجاح كيري في ما فشل به ولد الشيخ، يقول الطويل، لـ"العربي"، إن الأمر يعتمد على الموقف السعودي بدرجة رئيسية، وعلى التحوّلات عسكرياً على الأرض، لكنه يرجّح أن تراخي السعودية وجمود العمل العسكري، سيجعلان فرصة هذه المبادرة للتطبيق كبيرة جدّاً، وعكس ذلك إذا قوبلت بموقف سعودي صلب أو حقّقت قوّات الشرعية اختراقاً عسكرياً كبيراً.


في المقابل، يرى آخرون أن التطوّرات العسكرية على الأرض هي التي أتت بهذا التحرّك الجديد، كمحاولة "إنقاذية" لإعادة أطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات، خصوصاً في ظلّ عدم تمكّن القوّات الحكومية من وفائها بوعودها التي أطلقتها بعد فشل وانسداد مفاوضات الكويت، بشأن الحسم العسكري ودخول صنعاء.


ويجزم الكاتب الصحافي والمحلّل السياسي، عبد السلام جابر، أن "اللقاء الرباعي الذي احتضنته الرياض بشأن اليمن، فرضته المعطيات الميدانية للحرب الدائرة في العمق السعودي، والتقدّم المتسارع للجيش واللجان الشعبية نحو مدينة نجران، التي أصبحت عملياً تحت مرمى كلاشنكوف المقاتل اليمني، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي تطال المدن والمنشآت الحيوية، ويقابل ذلك الفشل الكبير للطرف الآخر، وانكساراته المتلاحقة في كافّة الجبهات، لذلك فإن مضمون تصريحات كيري تؤكّد أن هذا التحرّك يهدف في الأساس، إلى إنقاذ السعودية، عن طريق إعادة أطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات".


ويتابع جابر، في حديثه إلى "العربي"، أنه "ورغم تسليم كيري ببعض النقاط التي طرحها الوفد الوطني، وتمسّك بها في مفاوضات الكويت، بما فيها التوافق على الحلول السياسية، والأمنية، كمنظومة واحدة غير قابلة للتجزئة، إلا أن الأمر يتعلّق بإنقاذ المملكة من مخاطر الحرب على حدودها. كما لا نغفل أهمّية إعلان المجلس السياسي الأعلى، ومنحه الثقة من البرلمان الشرعي، وهي الخطوة التي قطعت الطريق على حكومة هادي من المزايدات التي تمارسها باسم الشرعية الكاذبة...".


قد تبدو مبادرة واشنطن، لأوّل وهلة، أقرب إلى طرح فريق "أنصار الله" في الكويت، وتحمل إشارات مرضية لهذا الطرف، خاصّة لجهة تلميح كيري إلى إمكانية المضي بمساري تشكيل حكومة وحدة وسحب السلاح، بالتوازي، وهو ما توجّزت منه خيفة حكومة الرئيس هادي، وظهر ذلك من خلال إعلانها قبول المبادرة، والذي تضمّن التشديد على شرط أن تكون تحت سقف القرار الأممي، إذ إن من شأن هذا الطرح أن يجرّد فريق الرئيس هادي من ورقة الشرعية، الأخيرة المتبقية في حوزته، مع تلاشي وعود تحقيق الحسم العسكري على الأرض.


إلا أن هذه القراءة يرفضها بشكل قاطع صقور تحالف "أنصار الله"، والمتابعون المحسوبون على الجماعة. بالنسبة لهؤلاء فإن مبادرة كيري ليست سوى فخّ سياسي، لن يأتي بالسلام إلى اليمن. ويقول الناشط السياسي، عز الدين الشرعبي، لـ"العربي"، إن الإجتماع الرباعي والمبادرة الصادرة عنه "عبارة عن فخّ سياسي يستدرج إليه جماعة أنصار الله خارج المجلس السياسي الأعلى، ودفعهم نحو التفريط بحلفائهم من القوى السياسية، كما فرّطوا في حلفائهم من القوى الثورية من قبل، ومن ثمّ جرّ أنصار الله والمؤتمر جميعاً إلى التعامل مع هذه المبادرة الفخّ".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص