السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
"بهائيّو" اليمن... دفاعاً عن "فجر" الديانة
الساعة 20:25 (الرأي برس - عربي )

يتّهم معتنقو الديانة البهائية في اليمن السلطات الرسمية في صنعاء بـ"ممارسة الإضطهاد والترهيب الديني بحقّهم"، ويؤكّدون أحقّيّتهم في "ممارسة ونشر دينهم في أرض اليمن، كونها أحد مهابط ديانتهم"، مطالبين بـ"احترام حقّ المعتقد، والقبول بمعتقدهم الموحّد، الذي يعترف بكلّ الديانات، ويؤمن بقيم التسامح والسلام".


دعوة البهائيّين هذه جاءت بعد اقتحام جهاز "الأمن القومي" قاعة "يمن جود للتنمية" في صنعاء، في العاشر من الشهر الحالي، واعتقاله 67 شاباً، منهم 27 من معتنقي الديانة البهائية، بينهم ثلاث نساء.


أسباب الإعتقال
ووفق مصدر في الطائفة البهائية، فإن عملية الإعتقال كانت "فجّة، ونُفذّت من قبل وحدة خاصّة بمكافحة الإرهاب، تابعة للأمن القومي". وأوضح المصدر، لـ"العربي"، أن "الإجتماع لم يكن له أيّ طابع ديني، بل نظّمته مؤسّسة نداء للتعايش، لسبعة أيّام بشكل معلن، بهدف تعزيز قيم المواطنة الصالحة".


وأكّد مصدر مقرّب من البهائيّين، لاحقاً، الإفراج عن 13 شخصاً بضمانات تجارية، لافتاً إلى أن "من بين المفرج عنهم امرأة، في حين أبقى الأمن القومي على امرأتين قيد التوقيف"، مضيفاً أنّه "لم يوجّه أي تهمة للمعتقلين الـ14 الباقين".


وكشف بيان صادر عن البهائيّين في صنعاء أن "الأمن القومي أقدم على الإتّصال بعدد من البهائيّين، للحضور لاستلام زوجاتهم، إلّا أنّه تمّ اعتقالهم"، مشيراً إلى أن "عملية اعتقال وملاحقة البهائيّين لا زالت مستمرّة".


وليست حادثة الإعتقال الجماعي تلك الأولى من نوعها، إذ سبق وأن تعرّض البهائيّون لعدّة مضايقات، واعتُقل عدد منهم في العام 2008، كما اعتُقل، أيضاً، أبرز معتنقي البهائية، حامد كمال بن حيدرة، من قبل الأمن القومي، في الثالث من ديسمبر 2013، من منطقة عمله في منشأة بلحاف النفطية، في محافظة شبوة.


حرّية المعتقد
إعتقال البهائيّين أعاد إلى الواجهة الجدل حول المادّة الثالثة في الدستور اليمني، والتي تنصّ على أن الاسلام دين الدولة، والشريعة الإسلامية مصدر كلّ التشريعات. وكانت محاولات تعديل هذه المادّة في مؤتمر الحوار الوطني عام 2014، أثارت جدلاً واسعاً، وعرّضت الفريق المؤيّد لحرّية المعتقد للتكفير من قبل علماء متطرّفين، يقودهم الشيخ الإخواني، عبدالمجيد الزنداني. وبموجب الدستور والقوانين اليمنية، يُتّهم البهائيّون بالردّة عن الإسلام، وهو ما تعرّض له البهائي حامد كمال بن حيدرة، وفق وثيقة صادرة من أسرته، حصل "العربي" على نسخه منها. وأفادت زوجة حيدرة بأن النيابة الجزائية المتخصّصة وجّهت لزوجها عدّة اتّهامات، منها الردّة عن الإسلام، والعمالة لصالح إسرائيل، بعد اعترافه بأن مقدّساتهم البهائية في حيفا وعكا. إعتقال البهائيّين أعاد إلى الواجهة الجدل حول المادّة الثالثة في الدستور اليمني


واتّهمت الوثيقة النيابة بتعمّد تأجيل محاكمته بدون سبب مقنع، والإبقاء عليه في السجن، كما أكّدت تعرّضه لضغوط للتخلّي عن دينه. 


أرض اليمن
من خلال الرسالة التي حصل عليها   والتي تردّ على ادّعاءات النيابة العامّة بشأن محاكمة حامد كمال بن حيدرة، يدافع البهائيّون أمام المحكمة عن علاقة دين البهائية باليمن، قائلين إن دينهم امتزج بأرض اليمن منذ بزوغ شمسه الأولى، أثناء قدوم شاب مبشّر بظهور دين جديد، يُدعى علي محمّد الشيرازي الملقّب بـ"الباب"، عام 1844، إلى ميناء المخا، قبل أن يعود منه إلى فلسطين.


ويشير البهائيّون إلى أن حسين علي، الملقّب بـ"بهاء الدين" (1817 -1892)، والذي ادّعى النبوّة، وحاول نشر دينه الجديد في العراق في القرن الـ18، تعرّض للإعتقال من قبل السلطات العثمانية حينذاك، وتمّ نفيه من بغداد إلى اسطنبول، ومنها تمّ ترحيله إلى فلسطين، لتحكم عليه الإمبراطورية العثمانية بالسجن في قلعة عكّا عام 1868، وظلّ فيه سجيناً حتّى توفّي في سجنه عام 1892. ويلفت البهائيّون إلى أن الشواطئ والموانئ اليمنية شهدت، في عهد الحكم العثماني، مرور أعداد متزايدة من المؤمنين الأوائل بالدين البهائي، والمنجذبين إلى "آياته" و"كلماته".


كتب مقدّسة
في مقابل نكران النيابة الجزائية المتخصّصة في صنعاء للبهائية، واعتبارها "عدميّة"، ردّ البهائيّون باتّهام النيابة العامة بـ"نكران الحقائق التاريخية"، ومحاولتها "تجريم حقّهم في اعتناق ديانتهم".


ودافع البهائيّون بأن دينهم موحد، ولهم كتبهم المقدّسة التي تحثّهم على التعايش في أوساط المجتمعات، ونشر السلام والوئام، مستندين إلى عبارات من كتابهم البهائي، الذي يوازي الكتب السماوية وفق معتقدهم، حيث يقول "عَاشِرُوا يَا قَوْمِ مَعَ الأَدْيَانِ كُلِّهَا بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ. كَذَلِكَ أَشْرَقَ نَيِّرُ الإِذْنِ وَالإِرَادَةِ مِنْ أُفُقِ سَمَاءِ أَمْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". 


يُذكر أن الأقلّية البهائية في عدد من الدول العربية تعرّضت للإضطهاد والتكفير والتهديد بتنفيذ حكم الردّة؛ فالأزهر الشريف في مصر اعتبر البهائية فرقة مرتدّة عن الإسلام، لأنّها تقوم على عقيدة الحلول، وصدرت الفتوى نفسها من دول أخرى كالسعودية، إلّا أن اليمن لم يصدر أيّ فتوى دينية في هذا الخصوص.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص