الأحد 10 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الاثنين 4 نوفمبر 2024
الشيخ عبدالرب السلامي: تعدد الرؤوس في عدن سبب معاناتها
الساعة 13:56 (الرأي برس - عربي )

أكّد رئيس حركة "النهضة الجنوبية"، الشيخ عبدالرب السلامي إن إنهيار مؤسسات الدولة في عدن بفعل الحرب ووجود الإرهاب، إضافة إلى تعدد الرؤوس وتضاد المشاريع فيها، كلها عوامل تسببت في ما تعانيه المحافظة من مشكلات أمنية وخدمية.


وأشار رئيس "النهضة"، وهي أحد مكونات الحراك الجنوبي، أن هناك جهود تقوم بها الحكومة لإعادة ترتيب الأوضاع في عدن، موضحاً في حوار  أن العمليات الجارية حول صنعاء هي "للضغط للعودة إلى المسار السياسي، لكن التطورات محكومة بسلوك الانقلابيين في صنعاء"


ماهي قراءتك للمشهد السياسي العام في البلد، وإلى أين تسير الأمور مستقبلاً؟
قراءتي للمشهد في اليمن مرتبطة بقراءتي للمشهد في المنطقة العربية والشرق الأوسط بشكل عام. فمشروع الفوضى الخلاقة الذي يجتاح المنطقة منذ حرب العراق عام 2003 باتت أهدافه واضحة ومعلومة، وهي: إحداث صراعات طائفية وعرقية ومناطقية وحروب إبادة وتهجير عنصري، تنتهي بإنتاج شرق أوسط جديد تقوده إسرائيل بخارطة جديدة للمنطقة، بديلة عن خريطة سايكس بيكو القديمة، واليمن من أوائل الدول العربية المستهدفة بهذا المشروع، وقد ساعدت السياسات الخاطئة لرأس النظام الحاكم السابق في تنامي النزعات الطائفية والمناطقية والقبلية، وظهور قوى جديدة صارت - بوعي منها أو بغير وعي- أدوات لمشروع الفوضى.


وقد كان من أهداف ثورة فبراير 2011 إنقاذ اليمن قبل أن يجره صالح بحماقاته الى صراع طويل، وقد نجحت الثورة في إحداث تغيير سلمي في رئاسة الدولة، ثم عقد مؤتمر للحوار الوطني بهدف التأسيس لعقد اجتماعي جديد وصياغة مشروع لدولة مدنية اتحادية حديثة ومستقرة.


لكن للأسف نجحت القوى الداعمة لمشروع الفوضى في تقويض هذا المنجز الوطني بانقلاب سبتمبر 2014، الذي أدى بالفعل إلى إدخال اليمن في حرب مدمرة، لازالت مستمرة إلى اليوم.


ولهذا لا أتوقع استقراراً وسلاماً قريباً في اليمن في ظل استمرار الدعم الخارجي لمشروع الفوضى الهدامة، وفي ظل تنامي القوة والنفوذ والسلاح لدى القوى الرافضة للمشروع الوطني والتي ترى في استمرار الحرب سبباً لوجودها السياسي.

بعد فشل مشاورات الكويت وتصعيد طرفي الصراع في اليمن سياسياً وعسكرياً، هل انتهت فرص التوافق السياسي وترك الأمر للسلاح كي يحسم الخلاف؟ 
فرص التوافق السياسي وفرص السلام لا تزال متاحة أمام اليمنيين بشكل كبير، بشرط أن يتحرر القرار السياسي لدى الجميع لصالح المشروع الوطني ومرجعياته المتفق عليها. ومن هذا المنطلق كان وفد الشرعية حريصاً ومشدداً على ضرورة الالتزام بمرجعيات التفاوض والحل السياسي وهي: المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار 2216.


أما في حالة عدم الالتزام بالمرجعيات، فإن المفاوضات تصبح عبثية، وبالتالي انسداد أفق التوافق السياسي، وحينها سيصبح الأمر متروكاً بالضرورة للخيار العسكري.

هل يبقى الخيار العسكري هو القائم؟ 
عندما انطلقت عاصفة الحزم، كان الناس يتوقعون الحسم مبكراً وبخسائر أقل، باعتبارها عملية اضطرارية خاطفة هدفها مساعدة الشرعية اليمنية على استعادة الدولة، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق الاستقرار، لكن يبدو أن إدارة المعركة العسكرية والسياسية من جانب صف الشرعية والتحالف العربي ظلت ولا زالت تعاني من خلل ما، الأمر الذي أدى إلى إطالة أمد الحرب، وزاد من تكاليفها المادية والبشرية. وهذه نقطة جديرة بالوقوف والتقييم من قبل تيار الشرعية والتحالف، وقد سبق وأعدت دراسة متكاملة لمعالجة هذه القضية بعنوان (مشروع استعادة وإدارة الدولة) تم إعدادها من قبل الهيئة الاستشارية الوطنية كمبادرة من القوى السياسية اليمنية، وتم رفعها إلى رئيس الجمهورية ونائبه، وحكومة خالد بحاح وقيادة التحالف العربي قبل أكثر من 10 أشهر تقريباً.

 

لماذا فشلت الشرعية في تقديم نموذج مقبول في المناطق التي سيطرت عليها بدعم التحالف؟ 
المناطق التي تحت سيطرة الشرعية ليست في مستوى واحد من حيث الظروف، فبالنسبة لمحافظة مأرب الوضع فيها مستقر إلى حد كبير، ونموذج العمل في عاصمة المحافظة يعتبر في المستوى الجيد، لأسباب أهمها أن مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإدارية لم تتعرض للانهيار، كما حصل في عدن، ولم تسقط بيد "القاعدة" كما حصل في حضرموت، وبالتالي فالنجاح في مأرب موجود.


أما عدن والمحافظات الجنوبية، فقد إنهارت مؤسسات الدولة أثناء الحرب إنهياراً كلياً، وبالتالي صارت مهمة إعادة البناء صعبة للغاية. هذا بالإضافة أن الوضع في الجنوب اعترضته ولا تزال تعترضه عوائق أخرى عقدت من مهمة تثبيت الدولة أهمها: تعارض المشاريع والأولويات بين الحراك الجنوبي (تيار الاستقلال) الذي يريد بناء مؤسسات دولة الجنوب، وبين الحكومة الشرعية المركزية التي تريد عدن عاصمة لليمن، وتريد بناء المؤسسات على أسس وطنية، وبين التحالف العربي الذي يريد إتمام مهامه العسكرية بمهام أمنية تتسق مع تعهداته للقوى الدولية الكبرى في مكافحة الارهاب. هذه الأسباب أدت إلى تعدد الرؤوس القيادية، ونشوء الأجهزة الموازية، وتدني مستوى الخدمات، وتشظي الجسم القيادي للمقاومة وتعرضها للاستقطاب الحاد، وتدهور الحالة الأمنية، وتعثر استقرار القيادة السياسية والحكومة في العاصمة المؤقتة عدن. لكن حسب علمي أن القيادة السياسية والحكومة يعكفون حالياً بالتنسيق مع التحالف، على اتخاذ جملة من التدابير لمعالجة هذه الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية، وإعادة النهوض بعدن كعاصمة مؤقتة.

 

يرى البعض أنكم في المحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة الرئيس هادي تبررون فشلكم وعجزكم بشماعة "الانقلابيين"، فما ردكم؟ 
أنا شخصياً لا أبرر بهذا المنطق، فأنا اعتقد بمبدأ "قل هو من عند أنفسكم"، مع عدم التقليل من عمل الانقلابيين الدؤوب، في إفشال الشرعية في المناطق المحررة.

هل لك أن تشخص لنا من وجهة نظرك أسباب الانفلات الأمني المخيف الذي تعيشه عدن، وبعض المحافظات الجنوبية الأخرى؟ 
حالة الانفلات الأمني في عدن خاصة والجنوب عامة، تعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية هي:
أولاً: الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة، فلم يعد هناك أجهزة استخباراتية قادرة على كشف الجريمة، وعدم استكمال تشكل الوحدات العسكرية والأمنية بشكل نظامي بحيث تدار العملية الأمنية بمهنية واحتراف.


ثانياً: نشاط الوكالات الاستخباراتية الأقليمية والدولية، التي وجدت في حالة الإنهيار في مدينة عدن، فرصة لزرع خلاياها النشطة والنائمة، لتنفيذ عمليات تخدم أهدافها الآنية والبعيدة تماماً مثلما فعلت في لبنان والعراق.


ثالثاً: وجود "القاعدة" و"داعش" والخلايا التابعة للانقلابيين، وبعض التشكيلات الجنوبية، التي ترى أن وجودها مرتبط بوضع اللادولة.

المتابع لمجريات الحراك الشعبي في عدن وغيرها، يكتشف حجم الاختلاف والتجاذب بين المكونات التي تنتمي إلى فريق حكومة هادي، وبالتالي قد يقول المراقب أن المشكله داخلية، وليست استهداف من الطرف الاخر؟ 
أنا أرى ضرورة التفريق بين نوعين من الاختلاف؛ الأول: الاختلاف السياسي داخل صف الشرعية، والثاني الاختلاف مع الانقلابيين الرافضين للشرعية.


فالأول يعتبر اختلافاً طبيعياً وصحياً، كون الشرعية تضم طيفاً متعدداً من الأحزاب والقوى السياسية ذات الاتجاهات والبرامج المختلفة التي يجمعها مشروع دعم الشرعية واستعادة الدولة، فمن هذا النوع - على سبيل المثال- الاختلاف في وجهات النظر بين الحراك الجنوبي المؤيد للشرعية وفروع الأحزاب اليمنية في الجنوب مثل حزب الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام المؤيد للشرعية.


أما النوع الثاني: فيعتبر اختلاف تضاد حول المشروع الوطني، وهو الاختلاف مع الانقلابيين، الذين انقلبوا على الشرعية والمرجعيات الوطنية، وبالتالي فأي أشخاص أو أطراف جنوبية ترتبط بالانقلابيين في صنعاء أو تسلك مسلكهم أو ترتبط بنفس الجهات الخارجية الداعمة لهم. فهؤلاء يعتبرون جزءاً من التيار الانقلابي ولهم ذات الحكم، وهم في الواقع يمثلون مشكلة في وجه الشرعية، لكن المتوقع أن مشكلتهم ستزول في حال عودة الدولة وزوال مشكلة الانقلابيين في صنعاء.الخيار الوحيد أمام الشرعية والتحالف هو خيار الحسم العسكري، مع الجزم أن نسبة المخاطرة في هذا الخيار كبيرة

 

لاحظنا في الأونة الأخيرة أن العمليات الإرهابية تطال مشايخ علم وأئمة مساجد في عدن وحضرموت وغيرها، إضافة إلى اجراءات إدارية واعتقالات ضد تيار السلفيين والاصلاحيين على وجه التحديد، برأيك من مصلحة من التخلص منهم؟
العلماء والدعاة ذو الفكر المعتدل والدعوة الوسطية، هم الفئة الأكثر قبولاً عند الناس، وبالتالي يعد استهدافهم بالقتل والتشريد هدفه إحداث حالة من الصدمة والرعب التي تجعل الناس يتقبلون أي واقع جديد، وأي مشاريع جديدة متطرفة دينياً أو سياسياً. فبالجملة تعتبر الأطراف المرتبط وجودها بمشروع الفوضى الخلاقة هي بدرجة رئيسية المستفيدة من تلك الاغتيالات سواء باشرتها أم لم تباشرها.


أما قضايا الاعتقال، فالمفترض أن القضاء وحده، هو الجهة التي لها حق توقيف الناس واعتقالهم والتحقيق معهم، وفق القانون وبحضور المحامين، تمهيداً لمحاكمتهم أو الإفراج عنهم. أما ما يحصل من اعتقالات ومداهمات خارج إطار القانون، فهي جرائم اختطاف، وستظل مدانة، وسيظل مرتكبيها عرضة للملاحقة القانونية محلياَ ودولياً، فالحقوق الإنسانية لا تسقط بالتقادم.

الحشد العسكري والعمليات الجارية حول صنعاء هل هي للضغط والرد على التصعيد السياسي من قبل صالح و"أنصار الله"، أم أن "التحالف" قد حسم أمره للسيطرة على صنعاء عسكرياً، وماهي فرص النجاح أمامه برأيك؟
أنا لست من أصحاب قرار الحرب، ولكن أتوقع أن الاختيار بين قراري الحسم أو الضغط يحكمه سلوك الانقلابيين أنفسهم، فالأصل أن العملية هي للضغط، لكن إذا تمادى الانقلابيون في تصعيديهم السياسي والعسكري، فأتوقع أن الخيار الوحيد أمام الشرعية والتحالف هو خيار الحسم العسكري، مع الجزم أن نسبة المخاطرة في هذا الخيار كبيرة!

 

كيف تقرأ المستقبل القادم لليمن عموماً على ضوء الأحداث القائمة، وهل تخشون من تجاذب دولي قد يطيل الأزمة؟ 
اليمن أمام ثلاثة سيناريوهات، إما النجاح في الحسم العسكري وإسقاط الانقلاب وعودة العملية السياسية إلى مسارها السابق. وإما النجاح في الضغط العسكري حتى يجبر الانقلابيون على توقيع حل سياسي يضمن تنفيذ القرارات الدولية ويلتزم بالمرجعيات الوطنية. والسيناريو الثالث، هو دخول اليمن في دوامة حرب منسية طويلة يتجاهلها العالم بعد أن يأمن عدم إضرارها المباشر بمصالحه.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص