السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
محاولة نقل البنك المركزي "حماقة"
الساعة 13:33 (الرأي برس - عربي )

قال مسؤول في البنك المركزي، في صنعاء، إن المصرف "ظلّ مستقلاً في جهوده لتخفيف التداعيات الاقتصادية للصراع"


نشرت وكالة "رويترز"، تحليلاً رأت فيه أن حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، "ارتأت أن البنك المركزي هو هدف أسهل من العاصمة التي تحصّنها جبال وعرة، تمتدّ على مسافة 60 كيلومتراً، وتعجّ بالمقاتلين". ولفت التقرير التحليلي إلى أن مرسوماً صدر عن حكومة هادي هذا الشهر، يقضي بعزل المصرف المركزي عن العالم الخارجي، وذلك من أجل "دحر الحوثيين" الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء، وعلى الجزء الشمالي من البلاد. قرار الحكومة، المدعومة من السعودية، سيعني أن جماعة "أنصار الله"، والأطراف المتحالفة معها سوف تجد صعوبة في دفع رواتب العسكريين والموظفين الحكوميين، وسينعكس سلباً على معيشة ملايين المواطنين اليمنيين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة وحلفاؤها، فضلاً عن أنه سوف يؤثّر سلباً على قدرات المؤسّسات الرسمية المعنية باستيراد الاحتياجات الغذائية للبلاد، التي تستورد نحو 90 % منها. الملفت أن حكومة هادي بدأت بالفعل في إجراءات مقاطعة البنك المركزي في صنعاء، لا سيما بعد إعلانها في بداية الأسبوع أنها "لن تتعاون بعد الآن مع البنك"، وأنها تعتزم الاحتفاظ "بإيرادات الجمارك والعائدات من صادرات النفط التي استؤنفت هذا الشهر".


ونقلت "رويترز" عن ديبلوماسيين وخبراء اقتصاديين أن القرار المذكور يهدّد بقطع شريان الحياة عن ملايين الفقراء، وسوف يدفع أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية إلى شفا المجاعة. وفي هذا السياق، أوردت "رويترز" ما لمسه الوزير السابق، رأفت الأكحلي، على ما وصفه بـ "الجبهة الاقتصادية" خلال الأشهر الماضية، معتبراً في حديث للوكالة أن "ما لم يتم تحقيقه عسكرياً يمكن تحقيقه في الاقتصاد"، ومشدّداً على أن الإجراءات التي تستهدف البنك المركزي تأتي في إطار استراتيجية جديدة، مفادها "دعنا نترك الاقتصاد يفشل، مما سيضع مزيداً من الضغط على الحوثيين وصالح".

القرار يهدّد بقطع شريان الحياة عن ملايين الفقراء
مصدر دبلوماسي غربي، رفض الكشف عن اسمه، عبّر للوكالة عن استهجانه محاولات وصفها بـ"الحمقاء"، من أجل "نزع الشرعية عن محافظ البنك المركزي"، قبل أن يطرح سؤالاً مفاده: "لماذا تفعل حكومة وطنية شيئاً كهذا؟"، داعياً الحكومة المذكورة إلى "أن تضع مصلحة مواطني اليمن قبل أهدافها الحربية"، باعتباره "الأجدر نظراً لمدى فقر اليمن، والوضع الإنساني" المؤسف فيه.
يشار إلى أن البنك المركزي، الذي يديره محمد عوض بن همام، هو أحد آخر مؤسّسات الدولة التي صمدت في وجه صراع مزّق البلاد بعدما استولى "الحوثيون" على العاصمة، الأمر الذي دفع الرئيس هادي إلى مغادرة البلاد. فعلى الرغم من ضعف الإمكانيات، واصل البنك توفير المخصّصات المالية اللازمة لدفع رواتب الموظّفين العموميين والعسكريين على جانبي الصراع. وقد عانت هذه المؤسّسة المنوط بها إدارة السياستين المالية والنقدية في البلاد، من تراجع الاحتياطيات الأجنبية لديها، في ظلّ ظروف الحرب التي أوقفت عائدات البلاد من النفط، ومصادر أخرى. ووفق آخر بيانات البنك المركزي، فقد انخفضت تلك الاحتياطيات إلى نحو 1.3 مليار دولار في نهاية يونيو 2016، بعد أن كانت تلك الموجودات تتخطّى عتبة الملياري دولار في نهاية ديسمبر 2015. وقال مسؤول في البنك المركزي، في صنعاء، إن المصرف "ظلّ مستقلاً في جهوده لتخفيف التداعيات الاقتصادية للصراع"، متّهماً حكومة الرئيس هادي "بالسعي لزعزعة الاستقرار، وإثارة التمرّد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين". وأضاف المسؤول في البنك، الذي رفض الكشف عن اسمه، بالقول إنه "لو لم يكن هناك بنك مركزي في اليمن يعمل بهذه الطريقة، لكانت آثار الحرب أكثر سوءاً وهذا ما يريدونه"، في إشارة إلى الحكومة التي تدعمها السعودية، كما نبّه الأخير إلى أن هؤلاء "يريدون أن يخرج الناس إلى الشوارع"، لمناهضة جماعة "أنصار الله".


وبحسب مصادر في حكومة هادي، التي رفضت التعليق على الموضوع، ذكر التقرير أن الأخيرة "تتطلّع إلى اختيار مجلس إدارة جديد للبنك المركزي، وتعيين محافظ جديد يحلّ محلّ بن همّام"، إلى جانب نقل مقرّ البنك إلى مدينة عدن الجنوبية، الخاضعة لسيطرة الحكومة المدعومة من الرياض التي سبق وبرّرت قرارها بأنه "نابع من حرصها على حماية أموال وممتلكات الشعب اليمني". كما أشارت "رويترز" إلى "طلب حكومة الرئيس هادي في السادس من أغسطس من المؤسّسات النقدية الدولية والبنوك منع البنك المركزي من استخدام حسابات وأرصدة الدولة في الخارج"، متّهمة القيّمين على عمل المصرف بـ"توجيه نحو أربعة مليارات دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي في تمويل الجهد الحربي للحوثيين"، الأمر الذي نفته إدارة البنك، مع الإشارة إلى أن دبلوماسيون عبّروا عن اعتقادهم بأن الاحتياطي من القطع الأجنبي محفوظ في الخارج، ولا يمكن أن يكون عرضة للنهب أو لتخصيصه لصالح مقاتلين في اليمن.


أمّا المحلّل في "معهد الشرق الأوسط" في العاصمة الأمريكية واشنطن، فارع المسلمي، فقد رأى أن الإجراءات المشار إليها ستقطع "الشريان الوحيد" الذي يبقي على تماسك اليمن، مضيفاً أنه "من الحماقة أن يعتقد البعض أنه بالإمكان استنساخ البنك المركزي بهذه السرعة" في عدن، التي تشهد واقعاً أمنياً غير مناسب لاستضافة البنك وعمله، لا سيما أن المدينة الساحلية تعرّضت في الآونة الأخيرة لسلسلة تفجيرات انتحارية، استهدفت مسؤولين كباراً، من بينهم محافظ عدن، وقائد شرطتها. كما حذّر المسلمي من أن الإجراءات المتّخذة ضدّ البنك المركزي "تشكّل خطراً أكبر من قرار الحرب نفسه"، معتبراً من يظنّ أنه بتلك الإجراءات "يخنق الحوثيين"، لا يدرك أنه "في الحقيقة، يخنق اليمن".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص