السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
المنظّمات الإغاثية في تعز... "باب رزق ووجاهة"
الساعة 20:54 (الرأي برس - عربي )

تشهد تعز حصاراً خانقاً، فرضته جماعة "أنصار الله" والقوّات المتحالفة معها، منذ قرابة العام، في حين تشهد مناطق الاشتباكات العديدة موجات نزوح كبيرة للسكّان، وسط أرقام هائلة للنازحين من جحيم الحرب، فضلاً عن أعداد القتلى، والجرحى من المدنيين، نتيجة للاستهداف الممنهج للأحياء السكنية. ألقت هذه الأحداث بظلالها على الجانب الإنساني، حيث كان للإغاثة الخارجية الدور الأبرز في تخفيف معاناة سكّان المحافظة.


"م. ح."، أحد مدراء المنظّمات الإغاثية، يقول،  إن "الإغاثة الخارجية كان لها دور فاعل في التخفيف من معاناة كثير من المحتاجين، ونحن بدورنا نحاول جاهدين بكل ما أوتينا من قوّة من أجل التخفيف من معاناة المواطن، رغم الصعوبات والعوائق التي تواجهنا"، ويتابع "لا يزال أحد العاملين معنا محتجزاً منذ 6 أشهر. تمّ اعتقاله وهو يقوم بتوزيع الإغاثة، فالعمل الإغاثي في تعز فيه الكثير من المخاطر".


"مركز الملك سلمان"، أضخم هذه المنظّمات، أصدر تقريراً مفصّلاً، قال فيه إنه نفّذ 80 برنامجاً إغاثياً وإنسانياً، استفاد منها أكثر من 62 مليون شخص، بتكاليف بلغت أكثر من 416 مليون دولار، وبمشاركة 70 شريكاً، شمل معظم محافظات الجمهورية، وتعز أهمّها، بالإضافة إلى "الهلال الأحمر" الإماراتي، والقطري، وغيرها من الجهات الإغاثية، والتي تمثّل دعمها في الجانب الغذائي، وتزويد المستشفيات بالأدوية والمحروقات، فضلاً عن تنفيذ برامج الإيواء للنازحين.


لكن أمين الحيدري، أمين عام "ائتلاف الإغاثة الإنسانية" في تعز، كان له رأي مختلف، إذ يشير، في حديثه لـ"العربي"، إلى أن "حجم المساعدات التي تسلّمتها تعز لا يفي بالغرض"، ويضيف أنه "لدينا الكثير من الإشكاليات في هذا الجانب، منها استمرار الحرب والاشتباكات، وازدياد شدّة الحصار من يوم إلى آخر، وانعدام المواد الغذائية من السوق المحلّي داخل المدينة بالشكل المطلوب، وعدم تفاعل المنظّمات الإنسانية الدولية مع مدينة تعز المحاصرة والمنكوبة... وانعدام الدور الحكومي. وكل ما قدّم لتعز إلى الآن لا يفي بالغرض ولا يتناسب مع احتياج تعز، لكن كما يقال: شيء خير من لا شيء". 


"قعقعة ولا طحين"
علي عبده الأديب، مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في تعز، لفت،  إلى أن "عدد الجمعيات والمنظّمات المرخّص لها من قبل مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في تعز أكثر من 913 جمعية ومنظّمة. العاملون في الميدان بشكل فعلي لا يتجاوزون عدد الأصابع. عمل المكتب تجديد التراخيص، إعطاء الشرعية القانونية للمنظّمات، التعامل مع المنظّمات الدولية، هناك منظّمات فاعلة في الميدان ولها بصمات واضحة خفّفت الكثير من المعاناة التي يعيشها أبناء تعز. نطالب من الأمم المتّحدة فكّ الحصار عن تعز حتّى نتمكّن من إدخال المساعدات للناس، المساعدات الدولية التي دخلت مدينة تعز لا تتعدّى نسبة 30 ٪". عدد المرخّص لها 913 جمعية ومنظّمة


أمّا الحجة مسك محمد، فشكت، لـ"العربي"، قائلة "نحن في ريف شرعب لم نعرف شيئاً اسمه إغاثة. ما حصلنا عليه هو عبارة عن صدقات من أبناء المنطقة المغتربين خارج الوطن، وكل ما سألنا المنظّمات المعنية بالإغاثة يقولون لنا إن الإغاثة لسكّان المدينة المحاصرين، رغم أن قريتي تعج بنازحي المدينة الفارّين من نيران الحرب". ويقول طاهر خالد "لا أنكر أني استلمت معونات، لكن ما استلمته من مواد غذائية لم يكف أولادي البالغ عددهم 8 سوى يومين فقط، ما تسلّمته هو عبارة عن وجبة، وما زلت أنتظر الإغاثة المزعومة".

 


"بين المطرقة والسندان"
يقبع العمل الإغاثي والمساعدات في تعز بين سندان "المقاومة" وبين مطرقة "أنصارالله"، فمنهم في مربّع "المقاومة" يقولون أنه لم تسمح "أنصار الله" بدخول المساعدات، والعكس. يقول فيصل قائد (60 عاماً)، لـ"العربي"، "أنا أسكن في مربع المقاومة، وكلّ ما ذهبت إلى جهة إغاثية يخبروني أن "أنصار الله" يحتجزون المعونات المخصّصة لنا في مناطق سيطرتهم، فيما ولدي يسكن في إحدى المناطق الواقعة تحت سيطرة أنصار الله، يخبروه أنهم لا يستطيعون إخراج الإغاثة من المدينة، إلى هذه المناطق بحجّة تعنّت المقاومة، أنا وولدي نعيش بين سندان المقاومة، ومطرقة أنصار الله".


"لو باعني إبليس لاشتريت"
ناشطون محلّيون يفتحون النار على بعض المنظّمات والمبادرات العاملة في مجال الإغاثة، ويتّهمونها بـ"المتاجرة" بمعاناة المواطنين، لغرض الكسب المادّي، والسمعة الشخصية. إذ شوهد كثير من الموادّ الإغاثية وهي تحمل شعار المنظّمات الخارجية تباع في محلات تجارية. ".م.غ." (تاجر)، فضّل عدم ذكر اسمه، لديه كمّيات كبيرة من المواد الغذائية التي تحمل شعار المنظّمات الإغاثية، تحدّث بصراحة، لـ"العربي"، قائلاً "نشتري هذه البضاعة كونها تباع علينا بسعر رخيص جدّاً، ونحن نبحث وراء المصلحة، فلو باعني إبليس لاشتريت منه"، ويتابع "عادة أنا أشتري من مندوبي الإغاثة، أو من المشايخ والمسؤولين للسلطة المحلّية، الذين يستلمون المساعدات من المنظّمات أو من المواطنين أنفسهم، الذين تصرف لهم مساعدات، وهم ليسو بحاجة لها". أمّا عادل الزعروري فيقول "لم أستلم إغاثة، لكني أفضّل شراءها من السوق، كون السلع التي تحتويها الإغاثة أقلّ سعراً، مقارنة بمثيلاتها من السلع".


غياب الرقابة
يقول الناشط الشبابي، ماجد البكري، لـ"العربي"، إن "المجتمع المدني هو بوابة النهوض وعلامة وعي ورقي المجتمع، وهو من يسدّ ثغرات وقصور الحكومة".


ويرى البكري أن الأعداد المتزايدة للمنظّمات والمؤسّسات والمبادرات والجمعيات وغيرها "ظاهرة جيدة، بشرط أن يدرك جميع العاملين في المجتمع المدني الدور والهدف الحقيقي من وجودهم، ليس لكسب المال أو الشهرة، بل بناء المجتمع وبناء الدولة".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص