السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مستشفيات عدن... "طبيبها عليلها"!
الساعة 20:35 (الرأي برس - عربي )

قبل يومين، شبّ حريق في قسم العناية المركّزة في مستشفى الجمهورية، في مدينة عدن. كان مارسيل شفيق، أحد سكّان المعلّا، راقداً في القسم، حيث تلقّى العلاج منذ أسبوعين وبدأت حالته تستقرّ. وجدت عائلته المكوّنة من زوجته وولد وبنت نفسها أمام خيارين، إمّا أن تأكل جسده النيران، وإمّا أن تُفصل الأجهزة كاملة، ومنها الأوكسجين، عن جسده. فعلاً، فُصلت كلّ الأجهزة، وتمّ إخراجه من العناية، ليلقى حتفه على الفور.


واقعة مأوساية ليست إلّا نموذجاً ممّا تشهده مستشفيات عدن الحكومية يوميّاً. منذ الوهلة الأولى لدخولك إحداها، أكثر ما يلفت انتباهك هو الإهمال، وعدم توفّر أدنى مستوى من الخدمة الصحّية، حيث لا تقابل أنين المرضى آذان صاغية، من قبل ملائكة الرحمة. فرغم الدعم المتواصل الذي تلقّاه قطاع الصحّة في عدن، عقب الحرب الأخيرة، وإعادة تأهيل المستشفيات المدمّرة، إلّا أنّ الفشل الإداري، وغياب الرقابة عن أداء هذه المرافق، أدخلها "غرفة الإنعاش"، وضاعف معاناة المرضى، الذين يلجأون إلى المستشفيات الحكومية، بحثاً عن العلاج، هذا إن كُتب لهم البقاء على قيد الحياة.


الإهمال بطل المعاناة 
ويشكو معظم المرضى في مستشفيات عدن الحكومية من الإهمال المتعمّد، وتقصير الإدارة، وعدم محاسبة الأطبّاء والممرّضين، الذين يتغيّب الكثير منهم عن مناوباتهم، فيما يُضرب آخرون عن العمل. تقول أمّ شهد إنّه "كلّما بحثنا عن الممرّضين قالوا إنّهم مضربون عن العمل، ودائماً على هذا الحال، وحتّى في قسم الطوارئ لا تتوفّر أبسط الإحتياجات، بل والإحتياجات الضرورية التي لا بدّ من توافرها"، مضيفة أن "هناك الكثير من القصص المأساوية التي تؤكّد، بالدليل القاطع، ذلك، حيث ينظرون إلى المرضى على أساس أنّهم زبائن وليسوا آدميّين، وبدلاً من أن يعملوا على تخفيف آلامهم، يتلذّذون بإيلامهم، فكيف نرجو الشفاء من قطاع مريض، لم يقدر على علاج نفسه أوّلاً، فكيف سيعالج الآخرين؟.


تطبيب غير مجّاني وصيدليّات فقيرة
وكانت دولة الإمارات قامت بإعادة تأهيل مستشفى الجمهورية، مؤخّراً، وقدّمت مساعدات ضخمة في الجانب الصحّي، حيث أرسلت شحنات كبيرة من الأدوية، والمستلزمات الطبية، إلى جانب ما قدّمته دولة الكويت، على أن تُوزّع مجاناً لجرحى الحرب، وبسطاء المرضى من المواطنين، لكن هناك من يمنع وصولها إلى مستحقّيها، فكيف وجدت تلك المساعدات طريقها إلى الصيدليّات الخاصّة، بينما تفتقر صيدليّات المستشفيات الحكومية إلى أبسط الإحتياجات الطبّية؟. بعض الأطبّاء يرغمون المرضى على مراجعتهم في عياداتهم الخاصّة


ممارسة خطيرة 
تضاف إلى ذلك ممارسة خطيرة، تتمثّل في قيام بعض الأطبّاء، الذين يعملون في المستشفيات الحكومية، باتّباع أسلوب جديد عند مراجعتهم، ألا وهو إرغام المريض على مراجعة الطبيب في عيادته الخاصة، ليستفيد من كسب مراجعين لعيادته. يؤكّد أحد المرضى أنّهم "يلزمون المريض بدفع مبالغ مالية مقابل أبسط الأمور، رغم أن المستشفى حكومي، ويجبروننا على شراء كمّيّات كبيرة من الأدوية، وإجراء الفحوصات في صيدليّات ومختبرات خارجية، متّفقين معها على أن تكون نسبة من الأرباح للطبيب، وتكليف المرضى فوق قدراتهم الشرائية، بينما تفتقر صيدلية المستشفى إلى الأدوية الضرورية".


بيئة غير آمنة
لا تخفى عن الأعين تلك الفضلات المتراكمة داخل المستشفيات وبين ممرّاتها، فضلاً عن طفح البيّارات، الذي تنبعث منه الروائح الكريهة، وينتشر من خلاله البعوض، إضافة إلى الحشرات التي وصلت غرف التمديد نفسها، بشكل مُفجع، لتحيلها إلى مستشفيات مريضة، لابدّ من علاجها!.


ملائكة الرحمة 
واعتاد الجميع أن يطلق على الممرّضين والممرّضات وصف "ملائكة الرحمة"، لما لهم من أياد حانية تجاه المرضى، لكن في مستشفيات عدن، أصبح هؤلاء مصدر خوف وقلق. يشير أحد المرافقين لمريض، إلى "سوء تعامل الممرّضات، وتقديم خدماتهنّ مقابل دفع مبلغ"، ويضيف آخر أن "بعض من يعملن في القسم، يفتقرن إلى التدريب والتأهيل".


وترجع إحدى الممرضات ذلك إلى "حرمانهنّ من التدريب والتأهيل، الذي يساعدهنّ على تحسين مستوى أدائهنّ في العمل"، كما أنّهنّ "لا يحصلن على أيّ امتيازات في العمل"، وبعضهنّ "يعملنّ كمتعاقدات برواتب ضئيلة".


رسائل عاجلة 
ويطالب الأهالي في عدن وزير الصحّة بتعيين هيئة رقابة ميدانية، لها سلطة لمراقبة ومحاسبة مدراء المستشفيات والمسؤولين، ومعاقبتهم على أخطائهم وتقصيرهم، والوقوف على شكاوى المرضى، وتفقّد المستشفيات وأقسامها.


كما يطالبون مدراء مستشفيات عدن بوضع كلّ أقسام المستشفى في دائرة اهتماماتهم، والإصغاء لمعاناة المرضى، وإعطاء الممرّضات حقوقهنّ، للقيام بواجبهنّ على أكمل وجه.
أمّا لـ"ملائكة الرحمة" فمناشدات بالإهتمام بالمرضى، والعمل بـ"ضمير الإنسانية، فأرواح الناس أمانة في أعناقكنّ".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً