السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
الجيش اليمني...تركة رجل مريض
الساعة 10:14 (الرأي برس - عربي )

أضافت "أنصار الله"منذ سيطرتها على صنعاء أكثر من 120 ألف من مسلحيها في سجلات الجيش
ما بين مشهد العرض العسكري للجيش في العيد العاشر للوحدة اليمنية وحالة الزهو والنشوة التي تملكت الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، لحظة تقاطر الكتائب والآليات العسكرية من أمام المنصة في ميدان السبعين


في حضرة أكثر من 10 زعماء دول عربية، وبين اليوم حيث يتزاحم غالبية منتسبي الجيش في طوابير طويلة نهاية كل شهر أمام فروع البريد وشركة "الكريمي" للصرافة لإستلام مرتباتهم المالية، مشاهد وصور بائسة تعكس واقع حال الجيش اليمني في زمن المليشيات التي إستهدفته طوال السنوات الأخيرة حتى أجهزت عليه وتقاسمته مع عتاده كتركة رجل مريض.


الإنقسام سمة الجيش 
ظلّ الإنقسام السمة الأبرز للجيش اليمني سواء الانقسام بين جيش الشمال وجيش الجنوب 1990-1994 أو بين جيش اللواء الركن علي محسن الأحمر وجيش الرئيس السابق علي عبد الله صالح 2001-2011.


الباحث، حسين الوادعي قال إن الانقسام أثر على وضع الجيش في مختلف المراحل السياسية التي مر بها اليمن، مضيفاً في تصريح لـ" العربي" أن "الميليشيات القبلية التي يشكلها بعض شيوخ القبائل كانت طرفاً أساسيّاً في كل حروب السلطة ابتداء من حرب 1994 وحتى حروب صعدة الست والحرب الأخيرة ضد القاعدة وعملية اجتياح صنعاء بواسطة مقاتلي الحوثيين القبليين". 


ولفت إلى أن الجيش في الجنوب لم يكن بأحسن حال إذ "غابت الحدود بين القبيلة والحزب والجيش الأمر الذي أدى إلى الانهيار الأول للجيش عام 1986 ثم الانهيار النهائي عام 1994".


إعادة الهيكلة 
بعد تولي الرئيس عبد ربه منصور هادي، بادر إلى إعادة هيكلة الجيش في العام 2012 واستقدم لذلك خبراء وعسكريين أمريكيين وأوروبيين وأردنيين. 


وبررّ هادي يومها الخطوة بأنه يسعى لإنشاء "جيش حديث" بعيداً عن "الولاءات الفردية"، إلا أن رغبة الرئيس القادم من الجيش باءت بالفشل معلناً أن سبب ذلك أن "مُخرب غلبَ ألف عمّار"، وهو مثل شعبي استعاره هادي للاعتراف بفشل الهيكلة وتحميل خصومه مسؤولية الفشل. 


إنهيار وتشظي 
تناوبت المليشيات المسلحة إضافة إلى "التحالف العربي" الإجهاز على معسكرات الجيش بالنهب والتدمير، وخلال أسبوع من بدء عمليات "عاصفة الحزم" أصبحت الكثير من المعسكرات خرائب، وغادر الجنود ثكناتهم إما إلى منازلهم أو التحقوا بجبهات الصراع كل بحسب ولاءه للأطراف المتصارعة التي تقاسمت الجيش كغنائم. ظلّ الإنقسام السمة الأبرز للجيش اليمني
الكثير من ضباط وجنود ما عرفت بالفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الغربية التي كان يقودها اللواء علي محسن الأحمر التحقوا بمعسكرات "الشرعية" في مأرب والجوف وجبهة حرض وميدي. وتم تعيين، أمين الوايلي، الذي كان قائداً لمعسكر "الصيفي" في صعدة قائداً للمنطقة العسكرية السادسة تقابلها منطقة عسكريه سادسة في صنعاء بقيادة، اللواء محمد يحي الحاوري. كما عين الرئيس هادي، عبدالرب الشدادي، قائداً للمنطقة العسكرية الثالثة. كما عين هادي شقيق العميد حميد القشيبي، اللواء حميد علي القشيبي قائداً للمنطقة العسكرية الخامسة التي تعسكر في محافظة الطوال السعودية المقابلة لحرض وميدي. وجميع منتسبي المناطق العسكرية الثالثة والخامسة والسادسة كانوا تحت قيادة الجنرال محسن مضافاً إليهم مشايخ قبليين وأعضاء في حزب "الإصلاح" الذين خسروا معاركهم أمام "أنصار الله" وحلفاؤهم في الشمال فالتحقوا بالمعسكرات الموالية لهادي في مأرب والجوف ونهم وحرض وميدي.


تناسخ المليشيات 
لقد تلاشت الحدود الفاصلة بين الجيش والمليشيات وتعددت رايآت المتصارعين. وفي ظل وفرة السلاح صار للجماعات المسلحة ألوية وكتائب. ففي محافظة تعز يقاتل "اللواء 22 حرس جمهوري" بقيادة العميد، حمود دهمش، وقوات الأمن المركزي بقيادة العميد، حمود الحارثي، إلى جانب "أنصار الله"، في المقابل غادر الكثير من منتسبي الجيش من أبناء تعز معسكراتهم ليخوضوا القتال ضد "أنصار الله" في محافظتهم تحت قيادة العميد، عدنان الحمادي والعميد، يوسف الشراجي. إلى جانبهم يقود، عادل عبده فارع، مجموعات من السلفيين الذين تلقوا تعليمهم في "مركز دماج" في صعدة، القتال ضد "أنصار الله" تحت لواء ما يعرف بـ"كتائب أبوالعباس" ويمارسون سلطة الأمر الواقع على طريقتهم في عدد من أحياء مدينة تعز. في حين يقود، صادق مهيوب حسن المكنى بـ "أبوالصدوق" المنشق عن "كتائب أبوالعباس"، مجموعات من السلفيين يسمون أنفسهم "حماه العقيدة". 


ويخوض حزب "الإصلاح" القتال ضد "أنصار الله" بلواء "الصعاليك" الذي التحق به شباب الحزب ويقوده سعد القميري. في حين التحق المئاس من المتشددين من أكثر من محافظة بـ "كتائب حسم" التي يقودها، عدنان زريق الشبواني، القادم من شبوة والمعروف بعلاقته بتنظيم "القاعدة".


قوات بديلة 
مع خسارة "أنصارالله " وقوات الجيش الموالية للرئيس السابق معركتها مع "المقاومة الجنوبية" بمختلف فصائلها في عدن وإنسحابها من قاعدة "العند"، غادر منتسبو الجيش من أبناء المحافظات الشمالية مقراتهم في حين التزم من تبقى منهم معسكرات "المنطقة الأولى" في حضرموت التي ظلت خارج الصراع. وبعد امساك الإمارات بملف الجنوب، تولت تدريب وتجهيز قوات محلية في عدن وحضرموت والمهرة وسقطرى لتحلّ محل الفصائل المسلحة الغير نظامية وتبدأ معركة جديدة ضد الإرهاب الذي تسيّد المحافظات الجنوبية وصراع من نوع آخر مع الفصائل المتشددة التي شاركت في "تحرير الجنوب" ولاتزال متمسكة بالسلاح وتقاوم مساعي السلطات المحلية لتثبيت الأمن.


لكل حساباته
لم تكتفي المليشيات المتصارعة بتقاسم الجيش كغنيمة بل صارت مدمجة في تشظياته. مصدر عسكري في وزارة الدفاع في صنعاء، كشف لـ"العربي" أن "أنصار الله" أضافت في سجلات الجيش منذ سيطرتها على صنعاء "أكثر من 120 ألف من مسلحيها الذين تم منحهم أرقام عسكرية وتصرف لهم مرتبات شهرية من الخزينة العامة تتفاوت مابين 28 - 50 ألف ريال يمني وتسلم لهم أطقم وسيارات من وزارة الدفاع والداخلية". 


وأوضح المصدر أن عدد منتسبي قوات الجيش والأمن اليمني حتى العام 2011 كان 457 ألف ضابط وجندي فيما آخر من تم منحه رقماً عسكرياً الأسبوع الماضي، من مسلحي "أنصار الله " يحمل رقم 584732 في سجل وزارة الدفاع، كاشفاً أن أنه خلال تولي الرئيس عبدربه منصور هادي وتحديداً في الفترة بين عامي 2012 ـ 2013 تم تجنيد أكثر من 30 ألف من منتسبي حزب "الإصلاح" والمشايخ القبليين الذين خرجوا للإطاحة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح. 


في المقابل يطالب قادة معسكرات "المقاومة الشعبية" الرئيس هادي وحكومته بإدماجهم في الجيش. 
قيادي في "المقاومة" كشف لـ "العربي" أن المتطوعين للقتال في صف "الشرعية" في المناطق العسكرية الثالثة والخامسة والسادسة تم تنظيمهم في ألوية عسكرية إلا أن مرتباتهم المالية تصرف من السعودية بصورة غير منتظمة عبر العميد هاشم الأحمر والشيخ الحسن أبكر واللواء علي حميد القشيبي، مضيفاً أن المقاتلين "يتخوفون من إنقطاع المرتبات من السعودية لذا يطالبون بضمهم إلى سجل القوات الشرعية النظامية". وفي محافظة تعز قال مصدر عسكري  إن "أغلب الدعم المالي والعسكري المخصص لمعركة تعز يأتي من السعودية عبر يوسف الشراجي ومن الإمارات من خلال ابو العباس وكلاهما لا يهمهم الجيش الوطني".


كل هذا التشظي والتشابك بين الجيش والمليشيات يجعل من التفاوض على إنسحاب المليشيات وتسليم السلاح أشبه بـ"الضحك على الدقون" فقد "خلعت المليشيات كافة الزنة والفوطة ولبست الميري".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً