السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
"مجلس صنعاء" يحيّر المحلّلين!
الساعة 20:15 (الرأي برس - عربي )

كثّفت جماعة "أنصار الله"، وحليفهم حزب "المؤتمر"، من مشاوراتهما، خلال الأسبوع الجاري، لإدارة المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، في الوقت الذي تتضاءل فيه فرص الحلّ السياسي بعد مغادرة وفد الحكومة اليمنية العاصمة الكويتية، وفشل المجتمع الدولي في إقناع فريق صنعاء المفاوض بالمقترح الأخير الذي قدّمه المبعوث الأممي.


وأعلن في صنعاء، الخميس الماضي، عن تشكيل مجلس سياسي، بين جماعة "أنصارالله"، وحزب "المؤتمر" الذي يترأّسه الرئيس السابق، ويعتزم المجلس إدارة المعركة العسكرية ضدّ "التحالف العربي"، بقيادة السعودية وحلفائها في الداخل، إلى جانب تشكيل هيئات إدارية للمناطق التي تقع تحت سيطرتهم.


وأثارت هذه الخطوة حالة من الجدل حول المهامّ والصلاحيات الموكلة للمجلس الجديد، وعن حجم التحدّيات التي يمكن أن تعترض هذه الخطوة، خاصّة وأن ردود الفعل الدولية جاءت في مجملها مستهجنة لتشكيل هذا المجلس، واعتبرته خطوة من شأنها عرقلة الخطوات التي يدفع بها المجتمع الدولي لإيجاد حلّ سلمي للأزمة.


 وجّهت تساؤلات إلى الكاتب والمحلّل السياسي، عبد الوهاب الشرفي، عمّا يمكن أن يمثّله هذا المجلس بالنظر إلى التعقيدات القائمة.


الشرفي رأى أن اتّفاق "المؤتمر" و"أنصارالله" يأتي في "توقيت مهمّ بالنسبة للعملية التفاوضية، التي هي في أيّامها الأخيره، ليحمل رسالة مفادها إذا استمرّ تعمّد إفشال العملية التفاوضية من قبل طرف هادي فإن أطراف صنعاء لن تسمح بأن تكون العملية التفاوضية غطاء لاستمرار الحرب، ولن تترك الورقة السياسية مرهونة بيد طرف الرياض ودول العدوان، وستمضي قدماً في ترتيب الوضع الداخلي، بعيداً عن العملية التفاوضية التي يتم إفشالها تعمّداً".


ويعتبر الشرفي أن "هذا التحالف يظلّ تكتيكياً لعبور المرحلة الراهنة التي يصعب (فيها) تشكيل سلطة واقع في البلد بعيدا عن هذا التحالف، لكن هناك كثير من ملفّات الخلاف التي ستمنع أن يكون هذا التحالف استرتيجياً".


ويقول الشرفي أن "أهم ما يريده الطرفان، من هذا التحالف، هو تصليب الجبهة الداخلية وجعل مواجهة العدوان أكثر تنظيماً، وتوحيد الموقف السياسي تجاه العملية التفاوضية والسياسية برمّتها".

وحول الحديث عن أن هذا المجلس قد يعقّد من المشهد السياسي، يعتقد الشرفي أن هذه الخطوة "لا يمكن أن تزيد من تعقيد المشهد، لأنها خطوه تتمّ في نطاق سلطة واقع لا تعترف بها أي من المرجعيات التفاوضية، ولا تؤثّر عليها، بل إن المفترض هو أن تؤثّر إيجاباً نتيجة لأن الخطوة تمثّل تراجعاً عن الإعلان الدستوري الذي يراه طرف الرياض إعلان الانقلاب، ولأنها ستؤدّي إلى توحيد موقف طرفي صنعاء، وتجاوز التباين في المواقف الذي ظهر لأكثر من مرّة في العملية التفاوضية".


غير أن الشرفي يعود للقول أنه "مع ذلك، يمكن أن تستخدم هذه الخطوه للتأثير على المفاوضات، لأن المراد هو عرقلتها ابتداء، وليس لأن الخطوة التي تمّت يمكن أن تعرقل بطبيعتها، ففي الأخير ما يمكن الاتّفاق عليه، ويمرّ مع اللجنة الثورية، يمكنه أيضاً أن يمرّ مع المجلس السياسي".


من جهته، يرى محمد عايش، رئيس تحرير صحيفة "الأولى"، أنه في حال نجحت التسوية التي يتم التفاوض بشأنها في الكويت فإن "المجلس السياسي الأعلى هذا لن يتجاوز اسمه وسيظلّ هيئة سياسية، وواجهة رسمية لإدارة التحالف السياسي بين المؤتمر الشعبي وأنصار الله، وفي حال فشلت التسوية فقط سيصبح فعلاً مجلساً لحكم البلاد وإدارتها". عايش: "خطوة ذكية من صالح وغبية من الحوثيين"
ويعتبر عايش، في منشور طويل على صفحته في "فيسبوك"، أنه "في كلّ الأحوال التنازل الذي كان أنصار الله سيقدّمونه في النهاية لكلّ الأطراف السياسية، فيما لو كانت الأمور لم تتطوّر باتّجاه الحرب، قدّموه الآن لعلي عبد الله صالح، وأعني بذلك التنازل عن الإعلان الدستوري".


ويقول عايش أنه "كان المطلوب من الحوثيين مقابل هذا التنازل أن يوافق المؤتمر وصالح على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة من الطرفين، لكن صالح رفض ذلك مراعاة فيما يبدو لمحذور التصعيد مع المجتمع الدولي، وكحلّ وسط تمّ اختيار مسمّى المجلس السياسي بدلاً عن الرئاسي".


وانتقد عايش مضمون وتسمية المجلس، من "الركة" في التسمية، وعدم التماسك في المضمون، حيث يقول إن المجلس يمارس مهامّه طبقاً للدستور، مع أنه ليس في الدستور اليمني المعروف ما يجعل من هذا المجلس هيئة دستورية أو لا.


عايش أيضاً يرى أن "المشروع برمّته وليد ضغوط ومجاراة: ضغوط من أنصار الله، ومجاراة لهم من صالح، ولكن بعد أن خفّف الأخير من حدّة المشروع حتّى لا يزيد من حدّة الصدام مع الإقليم والعالم، مع تحقيقه في المقابل نقطة هامّة، هي إسقاط الإعلان الدستوري".


وحول المستفيد من هذا المجلس، يتحدّث عايش عن أنه "خطوة ذكية من صالح وغبية من الحوثيين".
ويعلّل ذلك بأن "أنصارالله" لو تنازلوا عن "الاعلان الدستوري بمبادرة منهم مقدّمة لكلّ اليمنيين، خصوصاً أن الإعلان كان بحكم الميت أصلاً، لكانوا حقّقوا بذلك إنجازاً، ولربما ساهموا في تلطيف أجواء الصراع والحرب".
ويتابع بالقول "لكنهم بدلاً عن ذلك قدّموا التنازل لصالح، وليس عيباً أن يقدّم الحليف تنازلاً لحليفه، بل هو أمر مطلوب لنجاح أي تحالف، لكن الفكرة هي أن صالح نفسه لم يكن إلى هذا الحدّ محتاجاً لتنازل من هذا النوع، فالتراجع عن الإعلان الدستوري استحقاق لدى الحوثيين تجاه أي تسوية مع كل الأطراف اليمنية، وليس مع طرف واحد، خصوصاً صالح الذي ليس متضرّراً أصلاً من الإعلان الدستوري، بقدر تضرّره من الحرب السعودية".


وفي الشأن ذاته، يقول عايش إن "صالح لم يكن محتاجاً لهذا التنازل، لذلك سيستثمره فقط، وله كامل الحقّ في ذلك، لخدمة "زعامته" وتكريسها، ولأغراض المزيد من الدعاية والإعلان، خصوصاً على المستوى الإقليمي والدولي (ولذلك مثلاً يحرص خبر توقيع اتّفاق إنشاء المجلس على القول إنه تمّ بحضور "الزعيم"!)".


وفي الإتّجاه ذاته، عبّر الكاتب الصحافي، نبيل الصوفي، عن استهجانه لسلوك "بعض المؤتمريين" من إعلان المجلس، بمنشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلاً "عاجبني المؤتمريين، اللي لهم سنة ونص، ولا نخس، واليوم يمسحوا الاكوات حقهم، ويسألوا: منهم أعضاء مجلس تسيير إدارة الدولة. إن كان هذا المجلس، لن يجعل غبار الجبهات أغلى من كلّ جبين وهامة، فعليه اللعنة إلى يوم الدين".


أمّا الناشط السياسي والحقوقي، هائل سلام، فيعتبر المجلس "مناورة سياسية تكتيكية، تستهدف الضغط على جهود التسوية ووضعها أمام أمر واقع، لامتصاص الضغوط الحالية وتفاديها بالإلتفاف عليها".
ويضيف في منشور على صفحته "ليس مجلس حكم كمجلس رئاسي مثلاً، بل هو مجلس سياسي أعلى، بمثابة مجلس تنسيق تحالفي بين مكوني المؤتمر والحوثيين، بصلاحية رئيسية قوامها (توحيد جهود مواجهة العدوان)"، أي أنه مجلس يشبه، مع الفارق، ما كان يعرف بالمجلس الأعلى للمشترك "النص على دورية الرئاسة والنيابة يؤكّد هذا".


ويعتبر سلام أن "إسناد مهامّ وصلاحيات أخرى للمجلس قولا بإدارة البلاد... الخ، ليس إلا لاستكمال فصول المناورة ومنحها طابعاً تهديدياً جدّياً، ذلك أن إدارة البلاد هنا (في الإتّفاق) لا يتأتى من كون أن المجلس المنشأ بموجب الإتّفاق مجلس حكم، بل يتأتى من كونه يمثّل سلطة واقع فرضتها ضرورة ما يوصف بحالة الفراغ في السلطة، ومواجهة العدوان".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص