السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
إنسداد الأفق السياسي: عودة إلى التسخين في الميدان؟
الساعة 22:06 (الرأي برس - عربي )

تدخل الأزمة اليمنية منعطفاً جديداً، بعد أن وصلت مشاورات السلام في الكويت إلى طريق مسدود. وفي أعقاب انصرام مهلة الكويتيين، المحدّدة بأسبوعين، للتوصّل إلى حلّ، تقدّم المبعوث الأممي بطلب أسبوع آخر. وافقت الكويت على منح ولد الشيخ أسبوعاً آخر لاستضافة المشاورات، حينها تقدّم المبعوث الدولي بخارطة طريق جديدة، ورؤية أممية، تتحدّث بنودها عن مراحل اتّفاق جديد، تمّ الإستناد فيه إلى قرارات مجلس الأمن الدولي. 


وافقت الحكومة اليمنية على الرؤية الأممية التي تتضمّن الانسحاب من كلّ من صنعاء، وتعز، والحديدة. في حين، رفض الطرف الآخر الاتّفاق، وتمسّك بموقفه ومطلبه المتمثّل بتشكيل حكومة شراكة وطنية، قبل البدء بالحديث عن الانسحاب وتسليم السلاح.


غادر الوفد الحكومي الكويت، بطلب من الرئيس هادي والمملكة العربية السعودية، لتشرّع الأبواب أمام سيناريوهات جمّة، أشدّها خطورة عودة شرسة إلى التسخين الميداني، وأدناها قلقاً تباعد فرص الحلّ حتّى أجل غير مسمّى.


في حال تعثّرت الأطراف على طريق السلام وفشلت المفاوضات في الوصول إلى خواتيم سعيدة، سيكون من الطبيعي عودة خيار الحرب إلى الواجهة، خاصّة بعد انسداد الأفق السياسي وفشل المفاوضات.


كلّ ذلك، في وقت خرجت فيه من صنعاء مواقف مفاجئة، زادت الوضع إرباكاً، إذ أعلنت جماعة "أنصار الله"، وحزب "المؤتمر الشعبي العام"، تشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد سياسياً، واقتصادياً، وإدارياً، واجتماعياً. 


خطوة حملت الكثير من الجدل، وقلبت الموازيين والحسابات السياسية، لدى أطراف الصراع، ولدى الأمم المتّحدة، التي ترعى مشاورات السلام في الكويت، إلى جانب الدول الراعية، وأحدثت العديد من ردود الفعل، سواء لدى الطرف الحكومي أو لدى الأمم المتّحدة، وأيضاً ردود فعل متفاوتة على الصعيد الشعبي. تراجع الأمل بشأن السلام، وعادت هواجس الحرب إلى الواجهة، وهواجس العمل العسكري، وربما بوتيرة عالية هذه المرّة.


خطوة بدأ البعض يقرأ فيها ملامح المسار القادم. الكثير من المراقبين السياسيين اعتبروها "إعلان حرب"، وتصعيداً عسكرياً وسياسياً سيكون له نتائج وخيمة على كلّ الأصعدة، في حين رأى البعض فيها نسفاً للمشاورات.


يقول السكرتير الصحافي السابق في الرئاسة اليمنية، لـ"العربي"،إن "المجلس المعلن هو تصعيد خطير للمسار السياسي القائم، ومحاولة لإفشاله مشاورات الكويت، وأيضاً محاولة للهروب من فشل الحوثيين وإقصائهم لكلّ المتحالفين معهم. في كل الأحوال ما حصل هو تصعيد خطير، ويحاولون الحصول على الشرعية مهما كلّفهم من ثمن".


ويذهب المحلّل السياسي، باسم الحكيمي، في حديثه إلى "العربي" للقول بأن " تشكيل الانقلابيين لمجلس سياسي أعلى كان بمثابة إخراج سينمائي رفيع لإعلان موت اللجنة الثورية وإعلانها الدستوري، حيث جاءت هذه الخطوة في محاولة من الطرفين لترتيب البيت الداخلي لهما، بعد أن كانت الخلافات قد بدأت تعصف بهما". عادت هواجس الحرب إلى الواجهة، وربما بوتيرة عالية هذه المرّة


ويتابع الحكيمي "لا شكّ أن تشكيل الانقلابيين لمجلس سياسي أعلى سيؤثّر سلباً على مستقبل التفاوض، وسينسف جهود التفاوض ويعيد إطلاقها من جديد. إتّفاق صالح والحوثي اليوم يأتي بعد أن استكمل الحوثيون حوثنة أجهزة الدولة السيادية، وكرّسوا وجودهم، خاصّة في أجهزت الاستخبارات، بفروعها المختلفة، ووجود اللجنة الثورية لم يعد لازماً، بل وأصبحت عبئاً، لأنها لن تقدّم سوى الإخفاق للمواطنين، بل وساهمت في زيادة معاناتهم". 


ويشير الحكيمي إلى أنه "يحاول الحوثيون تقاسم أعباء الفشل في إدارة مؤسّسات الدولة البالية، وتقاسم نتائج هذه الحرب، كما يعني أيضاً فشل حوثي ذريع في إقصاء تيار صالح، بعد الفشل الواضح في امتلاك القدرة على إدارة دولة، والعمل وفق عقلية إدارة دولة، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. لا يريد الحوثيون تحمّل مسؤولية الموافقة على أي اتّفاق سياسي مع الشرعية، حتّى لا ينكشفوا أمام أنصارهم، ويتكشّف زيف شعاراتهم. توقيت إعلان هذا المجلس، مع تأزّم مفاوضات الكويت وانقضاء مهلتها الزمنية، يعكس أن الحوثي وصالح يهدّدان بالمضي منفردين في إجراءات أحادية لإدارة ما تحت أيديهم من جغرافيا وتكريس واقع خطير".


من جهته، يعرب أحمد المؤيد (محلّل سياسي، وضمن وفد "أنصار الله" إلى الكويت)،  عن اعتقاده بأن "إعلان المجلس السياسي بين المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله الحوثيين جاء في وقت مناسب، لدفع عملية السلام والمشاورات في الكويت إلى الأمام، وإعطائها طابع الجدّية، وإعلان مثل هذا الاتّفاق يعزّز من الجبهة الداخلية، ويعزّز من كفاءة وأداء مؤسّسات الدولة، وبالتالي يعطي جدّية في مفاوضات الكويت، هذه مسألة داخلية تخصّ اليمن، ولا تؤثّر بشكل مباشر بمفاوضات الكويت".


وتابع المؤيد حديثه "هناك تبعات إذا فشلت مفاوضات الكويت، من حيث أن الدستور أصبح نافذاً، وأعيد العمل به، هذا الأمر ربما، ولا نقول أكيد، ربما يقود إلى إعادة البرلمان، والتراجع عن قرار حلّ البرلمان، طبعاً وفد الرياض يخشى من هذه الخطوة، لأنه يعلم أن البرلمان آخر ورقة شرعية يعترف بها العالم، وتمتلكها القوى المناهضة للعدوان، وبالتالي يخشى من أن تسحب الثقة من حكومته، وتسحب الثقة من هادي، ويتمّ تشكيل مجلس رئاسي... إلى آخره. لكننا لم نعمل بهذا ولم نلوّح بذلك".


وأضاف المؤيد "أعتقد أن ردّة الفعل التشنجية من قبل وفد الرياض هي لأنهم يتحدّثون على مستوى مناصب، بينما نحن نتحدّث على مستوى شعب وعلى مستوى حكومة، والانخراط في حكومة شراكة سيعمل على إنهاء مشاكل البلاد".


وفي خطوة ثانية، ظهر الرئيس السابق علي عبد الله صالح في خطاب متلفز، شدّد فيه على أن المجلس السياسي الذي تمّ الإعلان عنه مجلس بديل لرئاسة وحكومة هادي، التي قال إنها "في المنفى".
يذكر أن الاتّفاق الذي طرح مؤخّراً من قبل الأمم المتّحدة تطرّق إلى مسألة إلغاء المجلس السياسي الذي تمّ الإعلان عنه، وأيضا إلغاء اللجنة الثورية العليا.


هكذا تبقى البلاد مراوحة في مربّع الأزمة والصراع، بغياب أي مؤشرات إيجابية بشأن التوصّل إلى اتّفاق يعمل على إنهاء الحرب، وإعادة السلام والاستقرار لليمنيين.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص