السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
"القاعدة" و"الدولة الإسلامية": صراع مؤجّل؟
الساعة 21:16 (الرأي برس - عربي )

 لم يكن تنظيم "الدولة الإسلامية" في اليمن سوى مجموعة المنشقّين عن تنظيم "القاعدة"، حين أعلن أبو بكر البغدادي عن توسّع دولته إلى اليمن، أواخر العام 2014م.

وجاء إعلان البغدادي قبول بيعة مجموعة المنشقّين بعد أن يئس من بيعة فرع تنظيم "القاعدة" في اليمن له، على خلاف ما كان متوقّعاً، نظراً لقرب هذا الفرع وكثير من قادته من تنظيم "الدولة".


وبرغم أن فرع "القاعدة" في اليمن كان المرشّح الأوّل لمبايعة تنظيم "الدولة"، إلا أن عدد المنشقّين عن هذا الفرع لم يعكس الانسجام السابق بينه وبين التنظيم. ويعود ذلك إلى سببين، أوّلهما الاستنفار الداخلي للتنظيم في بداية الخلاف عبر دورات توعوية نفّذها عدد من قادته المؤثّرين، كإبراهيم الربيش، وحارث النظاري، وأبو زكريا، وحرّضت على تنظيم "الدولة" بشكل غير مباشر، من خلال تمجيد "أهل السبق في الجهاد" الذين نال منهم التنظيم.


وثاني السببين خطاب تنظيم "الدولة" الهجومي، كاتّهام الناطق الرسمي باسم التنظيم، أبو محمد العدناني، لقيادة تنظيم "القاعدة" بالانحراف عن نهج "شيوخ الجهاد"، وأيضاً بالانحراف العقدي.


خارج السرب
ظلّ فرع "القاعدة" في اليمن يغرّد خارج سرب موقف قيادة تنظيم "القاعدة" من تنظيم "الدولة" حتّى إعلان الأخير عن توسّع دولته إلى اليمن، ليخرج بعد ذلك ببيان أبطل فيه شرعية الخلافة المعلنة، وحمّل البغدادي مسؤولية ما قد يترتّب على هذا الإعلان. وكان لتخلّف فرع اليمن عن موقف التنظيم الأمّ، وباقي أفرعه، علاقة بخشيته من تصدّعات داخلية قد تحدث في حال اتّخذ هذا الفرع موقفاً أو قراراً غير متدرّج ضدّ تنظيم "الدولة". ومن هنا لم ينكر فرع اليمن على بعض قادته الكبار مناصرتهم العلنية لتنظيم "الدولة"، كالقيادي مأمون عبد الحميد حاتم، الذي سجّل كلمة صوتية بعنوان "النصرة اليمانية للدولة الإسلامية". واستندت المجاهرة بهذا الموقف إلى قناعة لدى حاتم وبعض قادة التنظيم، ولدى كثير من أعضائه أيضاً، بحتمية مبايعة هذا الفرع لتنظيم "الدولة الإسلامية"، قبل أن يتّخذ موقفاً آخر تماماً.


"ليسوا خوارج" حرص فرع تنظيم "القاعدة" في اليمن على اتّخاذ قراراته ومواقفه المتدرّجة من تنظيم "الدولة"
ومع أن فرع اليمن أفتى بعدم شرعية الخلافة، وكذا إعلان دولة إسلامية، إلا أنه لم يتجاوب مع التصنيف العقدي لتنظيم "الدولة"، من قبل "جبهة النصرة" وقيادة التنظيم العامّة. فرغم تلميح زعيم تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري، إلى اعتناق تنظيم "الدولة" لعقيدة "الخوارج"، حين وصف قتلة أبو خالد السوري، القيادي في "أحرار الشام"، بأنهم "أحفاد ابن ملجم"، ورغم تصريح "جبهة النصرة" بذلك في أكثر من مناسبة، إلا أن فرع "القاعدة" في اليمن أصدر بياناً أكّد فيه أنهم "إخواننا وليسوا خوارج". وكمواقف الفرع السابقة، كان لهذا الموقف حسابات تتعلّق بالحرص على وحدة وتماسك الصفّ الداخلي، على اعتبار أن المسافة الكبيرة بين موقف كهذا وبين مواقف الفرع السابقة ستصعِّب من مهمّة تسويقه داخلياً. ونجح فرع "القاعدة" في اليمن في التدرّج بالنسبة إلى مواقفه من تنظيم "الدولة"، حتّى وصل الخلاف مرحلة اللاعودة.


على مذهب "النصرة"
حرص فرع تنظيم "القاعدة" في اليمن على اتّخاذ قراراته ومواقفه المتدرّجة من تنظيم "الدولة" في سياق ردّة الفعل على تطوّرات استدعتها. فبعد كلمة الناطق الرسمي باسم تنظيم "الدولة"، أبو محمد العدناني، "قل للذين كفروا ستغلبون"، والتي سجّلت عقب التدخّل الروسي، وهاجم فيها كلّ الفصائل الجهادية في سوريا، أصدر فرع "القاعدة" في اليمن بياناً هاجم فيه "الدولة" بصورة غير مسبوقة، واتّهمها بالانحراف العقدي. وحتّى لا يتناقض هذا الفرع مع موقفه التكتيكي السابق من تنظيم "الدولة" (هم إخواننا وليسوا خوارج)، قال في بيانه إن التنظيم كشف عن "مخبوء" العقائد.


صراع مسلّح؟
وتشير التفاعلات التي تلت بيان "القاعدة" المذكور إلى أن الخلاف بين الطرفين دخل مرحلة جديدة، هي مرحلة تبادل التهم الثقيلة واستعداد كلّ طرف لما بعد انتقاله إلى مرحلة الصراع المسلّح. ورغم أن مبرّرات الصراع المسلّح باتت متوفرة، خصوصاً بعد تكفير تنظيم "الدولة" لـ"القاعدة"، إلا أن شروط الصراع، بشكله في سوريا، لم تتوفّر بعد، على اعتبار أن هذا الصراع يحدث في سوريا للسيطرة على أرض أو دفاعاً عنها، وهو ما لا تسمح به ظروف الطرفين في اليمن، فتنظيم "الدولة" ليس في وارد السيطرة على أراضٍ يمنية حالياً، لقلّة إمكاناته، وبالتالي لن يهاجم القاعدة في مناطق سيطرتها.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص