- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
يرزح مئات المعتقلين المدنيّين، في تعز، تحت وطأة ظروف اعتقال مرعب، في سجون لا ترى الشمس، لدى طرفي الصراع. تصفيات حسابات المتحاربين يدفع ثمنها الأبرياء من المدنيّين ممّن لا ناقة لهم فيها ولا جمل. محمد القدسي، أحد الأشخاص الذين تعرّضوا للإعتقال من قبل جماعة "أنصار الله" وحلفائها يروي تجربته قائلاً: "كنت قادماً من العاصمة صنعاء على متن سيّارة أجرة من نوع بيجوت. وصلنا إلى جولة القصر حيث تمّ إيقافنا في نقطة تفتيش، ثمّ تمّ أخذنا جميعاً إلى معامل المؤسّسة الإقتصادية القريبة جدّاً من النقطة، والتي أصبحت سجناً للجماعة. تمّ إدخالنا السجن، ومن ثمّ مصادرة البطائق والتلفونات وكلّ ما تحويه جيوبنا. كان يتمّ التحقيق معنا على انفراد، وتعرّضنا للضرب والسبّ والإهانة أكثر من مرّة خلال تلك الفترة، التي استمرّت لمدّة شهر، ولا أحد يعلم عنا شي. كنّا نتناول باليوم الواحد وجبة واحدة، كانوا يأتوننا بالأرز لم ينضج. كنت أسألهم لماذا تعتقلونني، فيقولون وجدنا في جوّالك صورة لقائد المقاومة! لديّ مجموعات كثيرة في الوتس، وتصلني صور من كلّ المجموعات، لكنّهم لم يتفهمونني".
تهمة بيع السلاح
محمّد علي، هو الآخر، أحد الشباب الذين تعرّضوا للإعتقال على يد "أنصار الله" وحلفائها، يقول لـ"العربي"، إنّه "كان هناك شباب يبيعون سلاحاً في الحارة، أخذت سلاحاً شخصيّاً آليّاً من نوع كلاشنكوف روسي. بعدها مباشرة، في اليوم الثاني، نزلت إلى جولة السوفتيل، فتمّ اعتقالي من قبل النقطة هناك، بتهمة شراء سلاح للمقاومة، وتمّ نقلي مباشرة إلى سجن الصالح، وهو أكبر معتقل للجماعة في تعز. كانت من أسوء أيّام حياتي، كانوا يحقّقون معي طوال اليوم، وتعرّضت للضرب واللطم والسبّ والشتم. أدخلوني في غرفة مظلمة لا أرى فيها الضوء، ولم أره إلّا بعد خروجي من السجن بعد أكثر من شهرين. في نفس الغرفة تأكل وتنام وتتغوّط، يطرح لنا أرز على الأرض، قلعوا أضفار أصابعي كاملة، وكانوا يدخلونها في حوض ماء مكهرب. لن أنسى ذلك السجن ما حييت". تجمّعت الدموع في عينيه، ولم يستطع أن يكمل.
يذكر محام يعمل في مكتب محاماة بمدينة تعز، فضّل عدم التصريح باسمه، لـ"العربي"، أن "عشرات الناشطين الحقوقيّين من شبّان المحافظة تجمّعوا في إحدى المرّات في الشارع المقابل لمدرسة الشعب، لتوزيع مهمّات في مشروع إنساني لإغاثة الأطفال من ضحايا الحرب، التي شهدتها الأحياء المجاورة، فحاول أحد السكّان لفت انتباههم إلى الظروف القاسية التي يعانيها معتقلون أبرياء في هذه المدرسة، فتطوّع ناشطون للردّ عليه عبر حرّاس كانوا قريبين من هذا الفريق. كان رداً كافياً لأن يصاب المنادي بالخرس الأبدي". أمّا في معتقلات "أنصار الله" وحلفائها، فلم يجرؤ أحد من الناشطين أو الحقوقيّين على مجرّد الإقتراب منها.
عمداً... منسيّون
يؤكّد سكّان قريبون من المدارس التي تحوّلت إلى معتقلات في مدينة تعز، لدى الطرفين، أن كثيراً من ممثّلي المنظّمات الحقوقية والإنسانية، المحلّية والدولية، ومراسلي القنوات التلفزيونية، مرّوا من جوار هذه المعتقلات، لكنّهم لم يملكوا الشجاعة الكافية لتوثيقها، ولن يُسمح لهم بذلك بتاتاً. شوهد، في الشهور الماضية، شباب يتصدّرون وقفات احتجاج تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، كما أطلق هؤلاء حملات الكترونية، وظهروا في عشرات البرامج التلفزيونية، لكن أحداً منهم لم يتحدّث عن المعتقلين في سجون الجماعات التي تتقاسم السيطرة على أحياء مدينة تعز.
من داخل المعتقلات
يقول مسؤولون إن المعتقلات التي تديرها "المقاومة الشعبية"، وكذلك المعتقلات التي تديرها جماعة "أنصار الله" وحلفائها والرئيس السابق صالح ليست سرّية، لكن مجرّد الإقتراب منها أو حتّى الحديث عنها بصورة عابرة، قد يعرّض الفاعل للإعدام أو الإعتقال، على أقلّ تقدير. ويعيش المعتقلون في تعز في معتقلات لا ترى الشمس، ولا تصلح سكناً للحيوانات، ناهيك عن التعذيب القاسي لهم، والإعتقالات التعسّفية والإحتجاز خارج إطار القانون.
يرى الصحافي والناشط الحقوقي، محمّد الأحمدي، أنّه "بخصوص الإعتقالات في تعز، تعز هي جزء من الحالة العامّة في اليمن، هذه الحالة التي تتّسم بغياب القانون وتفشّي انتهاكات حقوق الإنسان، وأدّت إلى شيوع الإعتقالات والإختطافات من طرف جماعات مسلّحة، خاصّة مليشيات الحوثيّين التي لها نصيب الأسد من الإنتهاكات بشكل عام، والتي كانت سبباً في ظهور ردود فعل أخرى تتجاوز أيضاً القانون وحقوق الإنسان من الأطراف الأخرى". ويضيف الأحمدي، لـ"العربي"، أن "اليمنيّين، اليوم، طبعاً أمام نضال طويل وشاقّ، أوّلاً لاستعادة الدولة، ومن ثمّ إعادة تفعيل نظام العدالة في اليمن، الذي غيّبته ميليشيا الحوثيّين وقوّات صالح بفعل الإنقلاب، بحيث تتمّ إعادة منظومة حقوق الإنسان، والكفّ أيضاً عن الإعتقالات التعسّفية والإخفاء القسري، باعتبار أنّها جرائم انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بموجب القانون والدستور اليمني والإتّفاقات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".
ويعتبر الإعتقال أحد سبل الإسترزاق لدى الجماعات المسلّحة في تعز. وفي هذا السياق، يروي فوّاز الهريش، "أنا صاحب محطّة، وأسكن في منطقة تماس، وأنا مضطر لأن أعبر بسيّارتي من الحارة التي ما زال يسيطر عليها أنصار الله وقوّات صالح. وفي أحد الأيّام، وكالعادة، وأنا أمشي بسيّارتي محمّلاً برميل ديزل للمولّد الخاصّ بي، تمّ إيقافي بالنقطة القريبة من مسكني، وهي تعتبر آخر نقطة للجماعة، وتمّت مصادرة السيّارة والديزل وتلفيق التهمة عليّ بأنّني أبيع الديزل للدواعش، مع العلم أنّهم يعرفونني حقّ المعرفة، وأغلبهم من سكّان حارتي، وتمّ إيداعي في السجن الخاصّ بالحارة، ويسمّى سجن بيت الدجاج. تمّ التواصل مع أخي الأكبر، وإبلاغه بأنّني محتجز عندهم، وأنّه تمّ إلقاء القبض عليّ متلبّساً بتهمة تهريب وبيع الديزل للدواعش، وطلبوا منه مبلغ خمسة مليون، مقابل إرجاع السيّارة والإفراج عني أيضاً، فما كان منه إلّا أن دفعها وخرجت".
الجوع والمرض
تشير المعلومات القليلة التي يفصح عنها بعض أهالي المعتقلين، بتحفّظ، إلى أن أبناءهم يعانون من ظروف اعتقال قاسية، فيما لا يملك بعضهم الآخر أيّ معلومات عن أبنائهم سوى أنّهم معتقلون في هذه المدرسة أو تلك. ويتصدّر وجوه معاناة المعتقلين، بحسب ذويهم، المرض والجوع. فلا خدمات طبّية تُقدّم لهم، كما أن كمّية الطعام المخصّصة قليلة وغير كافية. ويشير أحد ذوي الضحايا إلى "أنّنا تمكّنا من إدخال كمّية كعك إلى ابني المعتقل هناك، فتخطّفه المعتقلون الجائعون من يديه في ثوان معدودة... كانوا جياعاً، وكأنّهم خرجوا للتوّ من قبور مقفلة ليس فيها ماء ولا ولا كلأ".
وتشتدّ المعاناة على المعتقلين من أبناء المحافظات الأخرى، ممّن لا أقرباء لهم ليغنوهم من جوع.
خوف وغياب حقوقي
لا أحد في تعز يهتمّ لأوضاع المعتقلين في سجون الطرفين، ولا أحد يريد أن يعرف أو يتحدّث عن هذه القضية بشكل علني. ذلك أمر طبيعي كما يقول سكّان المدينة، فالكثيرون هنا رأوا رأي العين العديد من حالات الإعدام والقتل الوحشية والإعتقال، كما عاشوا أوضاعاً متوتّرة محاطة بالتهديد والملاحقات والتفتيش والإقتحامات للمنازل والمتاجر والمحالّ التجارية، في سجل طويل من أكثر حالات العنف والإنتهاك قساوة، التي لم تدوّنها تقارير المنظّمات الحقوقية، المحلّية والدولية. وعلى الرغم من الحضور الكبير للناشطين الحقوقيّين، وتواجد المئات من منظّمات المجتمع المدني في تعز، إلّا أن ملفّ المدنيّين المعتقلين لا يزال، حتّى اليوم، من أكثر الملفّات المغيّبة.
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر