السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الصراري تنزف... بداية كرة نار؟
الساعة 20:13 (الرأي برس - عربي )

ما حدث قبل حوالي 5 أشهر لأسرة آل الرميمة في محافظة تعز، يتكرّر اليوم بحقّ آل الجنيد في قرية الصراري بالمحافظة نفسها. حوادث متكرّرة تفتح الباب على حرب تطهير عرقي خطيرة، قد لا تقتصر تداعياتها على حدود ما هو حاصل راهناً، بل قد تصل حدّ ضرب ما تبقّى لدى المجتمع اليمني من صمّامات أمان، يتّكئ عليها في بقائه واستمراريّته.


الحصار
إستيقظت قرية الصراري في مديرية صبر الموادم على عناصر مسلّحة تابعة لـ"المقاومة الشعبية" تنتشر في شوارعها، وتمارس أعمال قتل وتخريب وتنكيل داخلها. حدث ذلك بعد حصار طال أربعة أشهر، وقصف هستيري وعشوائي على القرية، خلّف العشرات من الضحايا من النساء والأطفال والعجزة والشباب، الذين حاولوا الدفاع عن أهاليهم وأسرهم، لكن دون جدوى بعد نفاد إمكانيّات الصمود، ما مكّن الفصائل المسلّحة من السيطرة على الصراري، لتزيد من عمق المأساة.


بدأ الحصار بمنع وصول الدواء والغذاء إلى أهالي القرية، التي يسكنها 2000 نسمة من أسرة آل الجنيد ذوي النسب الهاشمي، والمؤيّدين لجماعة "أنصار الله". وبعدما لم تفلح فصائل "المقاومة"، وفي مقدّمها كتائب "حسم" بقيادة عمّار الجندبي المقرّبة من حمود المخلافي وكتائب "أبو العبّاس" السلفية المدعومة من الإمارات وفصيل القيادي السلفي مؤمن المخلافي، في تحقيق هدفها من الحصار، لجأت إلى التمركز حول المناطق المجاورة للقرية. ومن هناك استهدفت منازلها بالمدفعية، ما أدّى إلى سقوط ضحايا، وتدمير عدد كبير من المنازل. وتفيد المعلومات بأنّه، قبل يوم من اقتحام القرية، وصل عدد القذائف التي سقطت على الصراري إلى أكثر من مئة قذيفة.


إختطاف وتفجير
أكثر من 40 شخصاً من أهالي قرية الصراري وقرى مجاورة لها تمّ اختطافهم من قبل عناصر "المقاومة"، بعد اقتحام القرية الثلاثاء، واقتيادهم إلى جهات مجهولة بحسب إحصائيّات أوّلية أفادت بها مصادر مقرّبة من أهالي الجنيد. كما تمّ إحراق أكثر من 45 منزلاً ونهب محتوياتها، وتفجير جامع جمال الدين، وهدم الضريح الذي يمتدّ لمئات السنين.


وتؤكّد مصادر، لـ"العربي"، أن عملية نهب المنازل والإعتقالات مستمرّة حتّى في أوساط الأطفال والنساء وكبار السنّ. وتكشف المصادر أن من بين المعتقلين التالية أسماؤهم: بسّام محمّد سعيد إبراهيم الجنيد، علي محمّد عبدالله الجنيد، زيد بن علي محمّد عبد الله الجنيد، صابر محمّد عبدالسلام الجنيد (12 عاماً)، توفيق إبراهيم علي الجنيد، يحيى عبد الحميد الجنيد (75عاماً)، محمّد يحيى عبد الحميد الجنيد، يوسف عبد الله يحيى الجنيد، جميل محمّد عبدالوهّاب السروري، مجيب عبدالوهّاب محمّد السروري، طه عبدالوهّاب محمّد السروري، معاذ علي فاضل السروري.


نسخة من جريمة الرميمة 
بعد قتله أثناء محاولته الدفاع عن أهله وأبناء قريته، وقع الطفل مصطفى الجنيد في شرك عناصر "المقاومة"، وهناك تمّ التمثيل بجثّته، بقطع يده وساقيه، قبل أن تصبح صورته، مشوّهاً، مادّة للتداول على مواقع التواصل "الإجتماعي". حادثة تشكّل نسخة حديثة من مشهد تجلّى، بالأمس القريب، في صبر، حيث أقدمت فصائل من "المقاومة" على ذبح وسحل وإحراق عدد من أبناء الرميمة، بعد سيطرتها على مناطقهم، وقد عُرضت مقاطع فيديو توثّق هذه الجريمة في مواقع التواصل الإجتماعي. ستشكّل الإنتهاكات فرصة لجماعة "أنصار الله" لتوجيه ضربات معنوية وإعلامية لـ"المقاومة"
حظر دخول


ويؤكّد أهالي آل الجنيد في قرية الصراري وعدد من القرى المجاورة لها أن عناصر "المقاومة" منعت كلّ من يحاول الدخول إلى قرية الصراري، حتّى الصليب الأحمر الذي حاول أكثر من مرّة إدخال المساعدات الطبّية إلى القرية. كما تعرّضت لجنة الوساطة التي تضمّ عدداً من مشائخ محافظة تعز، الأسبوع الماضي، لإطلاق النار في الصراري، ما أدّى إلى إصابة عدد من أعضائها.


مواقف باهتة
وتتعالى المناشدات الموجّهة للأمم المتّحدة، من أبناء قرية الصراري، بإيقاف الجرائم التي ترتكبها فصائل "المقاومة الشعبية" بحقّهم، وفكّ الحصار عن القرية لإيصال المساعدات الغذائية والطبّية إليها. إلّا أن الموقف الأممي ما يزال مقتصراً على الدعوة إلى هدنة فورية في تعز، ورفض احتجاز المدنيّين رهائن، وحرمانهم من المساعدات الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية. 


ردود أفعال شعبية 
ويتُوقّع، خلال الساعات المقبلة، خروج تظاهرات شعبية مناهضة لما يتعرّض له أبناء قرية الصراري. وهو ما كانت دعت إليه "اللجنة الثورية" التابعة لجماعة "أنصار الله". كما لا يُستبعد أن يبدأ مسلّحو الجماعة والقوّات المتحالفة معها تحرّكاً عسكريّاً باتّجاه الصراري، ما ينذر باندلاق العنف من جديد في محافظة تعز، التي تعيش، أصلاً، أوضاعاً إنسانية شديدة الصعوبة.
تحذيرات
ويتخوّف متابعون من أن تكون الأحداث الجارية في الصراري بداية لتدحرج كرة نار تشمل مناطق أخرى في تعز، في حال اتّساع رقعة سيطرة الفصائل المتشدّدة في "المقاومة الشعبية". ويرى هؤلاء أن الإنتهاكات المرتكبة في الصراري ستلحق ضرراً إضافيّاً بسمعة "المقاومة" التي تواجه، بالأساس، الكثير من الإتّهامات على خلفية أدائها الهشّ وتنازعها على المكاسب. كما ستشكّل تلك الإنتهاكات فرصة لجماعة "أنصار الله" لتوجيه مزيد من الضربات المعنوية والإعلامية لـ"المقاومة"، بوصف الأخيرة مجموعة من الفصائل "الإجرامية" التي "تعوّض فشلها باستهداف المدنيّين".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص