السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
الأفارقة المشبوهون... تهمة بلا طعمة؟
الساعة 19:27 (الرأي برس - عربي )

المكان: شارع الستّين في تعز، حيث الحرب وعمق الصراع المسلّح. الزمان: الساعة السابعة من صباح الأحد الماضي. الحدث: لاجئون أفارقة عابرون باتّجاه شمال المدينة، والمثير للدهشة هو حضورهم في مناطق النزاع وعبورهم لنقاط التفتيش، والتقاطعات المليئة بالخطر والتوتّر، والأمر بحدّ ذاته مخاطرة، ولكن السؤال هل رحلتهم هذه تنتهي بسلام؟ وإلى حيث يريدون؟ أم أن شيئاً ما يعترضها؟


ونحن نلتقط صوراً لعبورهم، تظاهر بعضهم بالحديث ضاحكاً: "فيسبوك فيسبوك". ولأنّنا وجدناهم في منطقة وفي شارع لا يُسمح بتواجد الصحافة فيهما، كان حديثنا معهم قصيراً. ملامحهم وأشكالهم تقول إنّهم ذاهبون للبحث عن لقمة عيش فقط، وليس إلى الحرب التي تدور في إطارها اتّهامات واسعة لأفارقة لاجئين بالمشاركة في القتال، في كثير من الجبهات. وهم يعبرون، أكّدوا لنا إدراكهم الكامل للحرب التي تدور في المدينة، وفي مناطق عبورهم، التي لم تعد آمنة لهم، ولا لليمنيّين أنفسهم. النار وشبح الحرب التي فرّوا منها وجدوها تلاحقهم، وتحاصرهم في أرض اليمن هذه المرّة، لا في أرضهم... الصومال.


تفتيش ومساءلة واحتجاز
المقاومة الشعبية في تعز أعلنت، أكثر من مرّة، احتجازها لأفارقة لاجئين، متّهمين بالمشاركة في القتال مع "أنصار الله"، وتقول المقاومة في تعز، أيضاً، إنّها ألقت القبض على 26 شخصاً، جميعهم يحملون الجنسية الأثيوبية في منطقة جبل حبشي غرب تعز، وإن هؤلاء الأشخاص كانوا يحاولون التسلّل إلى مواقع تابعة لـ"الحوثيّين".


وأفرج المجلس العسكري في تعز، خلال الفترة الماضية، عن عدد من اللاجئين الأفارقة، بعدما اتّضح له أن من تمّ القبض عليهم مجرّد لاجئين تائهين في طريقهم، مع أن تدفّق اللاجئين الافارقة إلى تعز يُفترض أن يكون قد توقّف قبل فترة، خصوصاً بعد توقّف الحرب في الصومال، واندلاعها في اليمن، وتحوّل آلاف من اليمنيّين إلى لاجئين في بعض دول أفريقيا وبعض دول الجوار.


يقول أحمد شيخ، في حديثه إلى "العربي"، إنّه "ما في أمامنا طريق آخر، ونحن مجبرين على البقاء والبحث عن مكان آخر لا توجد فيه حرب... نحن ماشيين من منطقة المخا وذاهبين إلى رداع، بعض الأصحاب قالوا لنا إنه في قليل شغل هناك". ويخضع الأفارقة للتفتيش والمساءلة والإحتجاز من قبل أطراف النزاع المسلّح، ومن قبل بعض أفراد النقاط، ومن أيّ طرف كان. أفرج المجلس العسكري في تعز خلال الفترة الماضية عن عدد من اللاجئين الأفارقة


يشير وجدان محمّد، أحد القاطنين في تعز، إلى أن "كثيرين من اللاجئين الأفارقة يحاولون الهروب من تعز أو عبر تعز، ففي تعز هناك أفارقة كانوا مستوطنين، وأجبرتهم الحرب على النزوح، وهناك أفارقة ينزحون من منطقة المخا ومن لحج وعدن؛ ولكن ما لاحظناه هو تعرّض بعضهم للإحتجاز بعد أن يتمّ الإشتباه بهم، فأنصار الله، أحياناً، يحتجزون أفارقة، باعتقادهم أنّهم قد يكونون ذاهبين للمشاركة في الحرب ومع طرف المقاومة".


وبالنسبة لمن يتمكّنون من الخروج من تعز، تكون حدودهم هي محافظة ذمار، أمّا صنعاء فعادة ما تكون صعبة عليهم كثيراً، بحكم الظروف الأمنية، وبحكم الحرب التي ما تزال مستمرّة. فأيّ دخول لبعض الأفارقة إلى صنعاء يكون محلّ حسابات من قبل الطرف المسيطر عليها.


لاجئات في العراء
في حديثه مع "العربي"، يروي شهاب أحمد، سائق باص أجرة، أنّه "ذات مرّة، طلعت معي 6 نساء لابسات خمارات، وعن طريق شخص قال لي أوصلهن إلى صنعاء، وهناك سيتواصل معي شخص لآخذهن، وكنت أعتقد أنا إنهن من شريحة الأخدام (المهمّشين)، وعند عبوري بعض النقاط في وسط المدينة (تعز)، فتّشونا رجال المقاومة واشتبهوا بالنساء، وأخضعوهن للكشف عن وجوههنّ والإجابة عن أسئلتهم، عندها اكتشفت أنّني محمل لاجئات صوماليّات، بعدها احتجزوني واحتجزوهن، وبعد 6 ساعات، أطلقوا سراحنا، وألزموني بعدم نقل أيّ أفراد صوماليّين وأفارقة بشكل عام".


أُجبر شهاب على مواصلة الطريق، ولم يسمح له ضميره، وفق قوله، بتركهنّ، كما لم تسمح له ظروفه بإرجاع المبلغ الذي استحصل عليه منهنّ والذي صرفه في تعبئة باصه بالنزين، لهذا واصل السير.

وفي نقطة يسلح، الواقعة عند مدخل صنعاء الرئيسي، أُخضع شهاب والنساء اللاجئات للمساءلة والتحقيق، وطبقاً لحديثه، فقد فُرضت عليه العودة بتلك اللاجئات إلى حيث المكان الذي تمّ أخذهنّ منه، وقد حاول أفراد النقطة، أثناء التفتيش، التأكّد ممّا قالوا إنّه أحزمة ناسفة قد تكون بحوزة اللاجئات.


ومع عدم تمكّن السائق من الحديث مع اللاجئات اللاتي لا يتحدّثن العربية، وعدم قدرته على العودة بهنّ إلى تعز، عاد إلى ذمار، وهناك، أُجبر على تركهنّ بجوار مطعم، وأعطاهنّ بطّانيتين كانتا على متن الباص. يقول شهاب، بنبرة ألم، "كانت ذمار ممطرة، وكان الجوّ شديد البرودة، أنزلتهنّ وقلبي يقطر دماً وحزناً عليهن... كنّ يبكين بصوت عال، وبشكل مؤلم".


قصة اللاجئين في اليمن مليئة بالتفاصيل المرتبطة بظروف الحرب وأبعادها، وقد صاروا متّهمين وملاحقين، وضمن الشريحة المحتاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.


يقول اللاجىء محمّد علي، في حديثه مع "العربي"، " نحن في اليمن صرنا نحلم بلجوء جديد، فاليمن لم تعد صالحة للعيش لليمنيّين أنفسهم، فكيف نحن اللاجئون؟".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً