الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أسواق عدن الشعبية... أهلاً بالعيد
الساعة 19:53 (الرأي برس - عربي )

عند دخولك أسواق عدن الشعبية، المكتظّة بالباعة والمشترين، تعيش دقائق تستمع فيها إلى نداء الباعة، الذين ترتفع أصواتهم من كل مكان، وهم يروّجون لبضائعهم، وإخبار المشترين بمواصفاتها، هناك يقف البائعون الجائلون بعرباتهم الخشبية، وهناك أصحاب البسطات، كُل يحمل في يده عينات من بضائعة الملوّنة، وفي المساء يتحوّل السوق إلى قصيدة، لا يعوزها الرسم، ينتعش فيها الهواء، وتزداد الأصوات ارتفاعاً، مع اختلاطها بأصوات المولّدات الكهربائية.


ورغم افتتاح عدد كبير من المراكز التجارية، إلاّ أن أسواق عدن الشعبية، التي تعدّ من التراث الأصيل، ومعلماً من معالم المدينة، وقد جذبت الكثير من السياح منذ زمن، لا تزال تنبض بالحياة، ولا يزال الإقبال عليها كبيراً، فيوجد فيها كل ما يمكن اقتناؤه، كما أنّ الأسر البسيطة تلجأ إليها، في كل مواسم السنة، ومع اقتراب عيد الفطر المبارك، امتلأت هذه الأسواق بالمشترين. 


أنواع الأسواق
عُرفت مدينة عدن بأسواقها المتعدّدة، واختلفت من حيث الأسماء، فهناك سوق السيله، وسوق الشيخ، وسوق الطعام، وسوق البُهره، وسوق الخساف، وسوق الطويل، وسوق اللحوم والأسماك، وسوق الحراج، وسوق الذهب، وسوق الزعفران، وسوق الخضروات والفواكه، وغيرها من الأسواق، وفي مثل هذه الأسواق، كلّ ما يمكن اقتناؤه، وشراؤه، من ملابس وحاجات منزلية، وحلوى طازجة، وأسواق أخرى تمتلئ بمختلف السلع والبضائع، وهناك أسواق لبيع العطور والبخور. 


أطفال عاملون 
ولا يغيب عن نظر أحد أولئك الأطفال المتجوّلون، الذين لا تزيد أعمارهم عن 15 عاماً، يبيعون ويشترون في حاجات السوق المختلفة، وقد أظهروا براعة كبيرة في البيع، من خلال إقناع المتسوّق بالشراء، رغم صغر سنّهم. سألت أحدهم: كيف تعلّمت البيع في السوق؟ فأجاب بلهجة طفولية "شُفنا الناس كيف يبيعوا، وعملنا مثلهم، مرّة نكسب ومرّة نخسر".


التراث في أسواقنا 
ومن السلع القديمة التي تباع في مثل هذه الأسواق: الأدوات والأواني المصنوعة من العزف (أوراق النخيل)، ومنها: المسرفة، والمهجان، والعزفة، والأُجبه والأجب، وجميعها أواني يوضع فيها الطعام، لكن تختلف من حيث الأحجام، من الأصغر إلى الأكبر، إضافة إلى المحمل، ويستخدم أثناء جمع المحصول الزراعي، والسلق (الرعض)، قطعة صغيرة متنقّلة للجلوس عليها، إضافة إلى المكانس العزفية، والمشاجب. 


كذلك الأدوات والأواني المصنوعة من الفّخار (الطوب)، ومنها: البكمه والقشوة، وكلاهما تستخدمان لوضع السمن البلدي فيهما. الكوز والشربة، وتستخدم للمياه الخاصّة بالصلاة أو الشرب. الجمنه والمقهر والجحله (جره)، وتستخدم لنقل المياه. الزير، ويستخدم كخزّان منزلي للمياه أو للسبيل على الطرقات. الحيسي، ويستخدم لشرب الماء والقهوة. والمدره والحرضه، لوضع الطعام فيهما. والمافي (تنور)، والمكدنه (غطاء التنور)، إضافة إلى المجمرة، كانت ولا تزال تستخدم للبخور.


وهناك أدوات وأواني قديمة منحوتة من الأشجار ومنها: القوبة والقزع، تستخدمان للشرب. الربع، ويستخدم لكيل الزبيب أو البن، والثمين لكيل الطعام (الحبوب). والجفنه، وتستخدم للطعام الشعبي (العصيد والفتة). 


ربط الماضي بالحاضر 
وهناك بعض الأمكنة الفسحة، التي تنتشر فيها روائح التوابل الحارّة والحبوب والبخور، كذلك تنتشر روائح الفل والكاذي العطرة، كما توجد معاصر يباع فيها السمسم، والدهن البلدي، كلّ هذا مختلط بملامح العصرنه، من بنوك ومصارف ووكالات سفر وسياحة وإنترنت. 


العم عبد الله الكبير، أقدم من عمل في هذه الأسواق، تحدّث قائلاً "عدن تمتاز بتراثها الذي احتفظت به حتّى اللحظه، وتحتوي أسواقها على جميع السلع القديمة، فتوجد المسارف، الجحال، المجامر، العزف والمسابح، والناس يتوافدون من كل مكان".


روح التكافل 
أكثر ما يلفت الإنتباه في الأسواق هو روح الإنقاذ والمساعدة والتعاون، التي لا تغيب عن هؤلاء البسطاء. ويؤكّد ذلك العم أبو أحمد "جميعنا هنا يد واحدة، نساند بعضنا البعض". كما ويتذّكر كيف كانت الأسواق بسيطة، وكيف بدت الآن، حيث اختلط القديم بالجديد، وظهرت مقتنيات جديدة، وكثرت احتياجات الناس.


نساء عاملات 
وفي بقعة لا تفارقها لساعات طويلة، أمامها بسطتها المتواضعة، تبيع الخالة شمس الأحذية. إذا صادف ورغب المارّة بشراء أحذيتها، التي تواجدت مع كل بائع ولا يبدو عليها التجديد، كانت تظهر عليها معالم الصحّة، ولكن على وجهها العرقان حوادث الأيام، التي حفرت بآيات بارعة. تقول "أتّعرض للأذية من بعض الناس، بسبب عملي، ورغم ذلك أتحمّل، من أجل توفير قوت يومنا، وأشعر في كثير من الأحيان بالخوف، بسبب الأوضاع غير المستقرّة.


الفُل اللحجي 
ولا يعرف أغلب اليمنيين أسماء ''ماركات'' العطور العالمية، لكن جميعهم يعرفون نباتاً عطرياً، يفوق في نظرهم هذه الأسماء التجارية، في الرائحة العطرة، وهو الفُل. حيث تستقبل أسواق عدن الشعبية بائعي الفُل، القادمين من مدينة لحج المجاورة، التي عُرفت بزراعتها للفُل، وبكميات كبيرة، وله رواج وإقبال على الشراء، وتعتبر النساء أكثر شغفاً به.


ماذا يقول الباعة؟ 
يقول أحد بائعي ملابس الأطفال، ويعمل في السوق منذ سبع سنوات إنّه اختار هذا النوع من الأسواق لكثرة إقبال للناس عليها، خاصّة في أوقات رمضان، وأوقات الأعياد، ويعتقد أنّ ملابس الأطفال هي أفضل المبيعات، لكن الأوضاع قد اختلفت منذ فتح المحلّ إلى الآن، فقد فُتحت العديد من الأسواق المركزية المنافسة، وازداد الغلا الذي أصبح أكبر مشكلة للناس.


ولا يزال محلّ "بهارات أبو عارف" صامداً في سوق البهرة، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، يقول مالك المحل إنّ هذه الأسواق هي المنبع التجاري للمبيعات بمختلف أنواعها، ويرى أن المنافسة تزداد، بسبب ازدياد محلات البهارات، يكمل "السلع التي توجد في هذه الأسواق، نادراً ما توجد في أماكن أخرى، وبسعر مضاعف".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص