السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ضريح ابن علوان... "تلك قرية أم سجّادة صلاة؟"
الساعة 23:57 (الرأي برس - عربي )

عندما تقترب منها، تصبح كتائب يفترش سجّادة صلاة، يسبّح لله آناء الليل وأطراف النهار. بقعة "مباركة" قال عنها الشاعر والأديب اليمني، عبد العزيز المقالح، "تلك قرية أم سجّادة صلاة؟". في منطقة جبل حبشي بمحافظة تعز، لا يزال ضريح وجامع الشيخ ابن علوان، مؤسّس المذهب الصوفي في اليمن، قائماً منذ عهد الدولة الرسولية، يحظى بمكانة أسطورية لدى الكثير من سكّان مدينة تعز، وعدد من محافظات الجمهورية.


فيلسوف الصوفية
يقع جامع وضريح الشيخ في جبل يفرس، بمنطقة جبل حبشي، الواقعة على بعد 23 كم إلى الجنوب الغربي من مدينة تعز. وتوصل إلى الضريح، العائد تاريخه إلى عهد الدولة الرسولية، طريق معبّدة غير وعرة. يُعتبر أحمد بن علوان إمام الصوفية وفيلسوفهم في العصر الرسولي في اليمن، ترك خدمة السلطان الرسولي وتحوّل إلى طريق التصوّف؛ لزم العبادة واشتُهر بالوعظ، وكان يسلك في وعظه طريقة ابن الجوزي حتى لُقّب بجوزي اليمن. وله رسائل كثيرة ومؤلّفات جمعت في مجلّدات، منها كتاب "الفتوح المصونة والأسرار المخزونة"، فضلاً عن ديوانه الشعري الذي جاء أغلبه في التصوّف، وغنّى له كلّ المنشدين المتصوّفين، وتخرّج من مدرسته آلاف العلماء. وقد توفّي الشيخ ابن علوان في اليمن، سنة 665 هـ.
تاريخ عريق
ضريح الشيخ أحمد بن علوان وجامعه من الآثار الإسلامية المتميّزة في طرازها المعماري والزخرفي، فقد شيّد الجامع وقبّة الضريح على ربوة مرتفعة من الأرض في عهد الدولة الرسولية، ويُصعد إليه من الجهة الغربية بواسطة درج من السلالم الحجرية، ويمكن الدخول إليه عبر ثلاثة يتخوّف أهالي جبل حبشي من وصول جماعات متشدّدة للجامع والضريح والعبث فيه وتدميرهمداخل، واتّبع في تخطيط المبنى نظام تخطيط المدارس في العصر الرسولي. بيت الصلاة عبارة عن مستطيل أبعاده "24x15م"، وتغطّيه قبّة كبيرة على جانبيها أربع قباب صغيرة كروية الشكل، محمولة على عقود كبيرة ذات أربعة مراكز. ويتوسّط جدار القبلة محراب يقوم على يمينه منبر خشبي، يرجع تاريخه إلى العصر الطاهري، بناءً على النصوص التاريخية التي دوّنت عليه، وعلى المحراب زخارف هندسية ونباتية تتبع الأسلوب الزخرفي نفسه السائد في الفترة الطاهرية. أمّا قبة الضريح فتقع على محور بيت الصلاة عينه، مساحتها ما بين 20 و60 متراً، ولها قبّتان متجاورتان إحداهما للصلاة والأخرى للدفن.


نيل البركات
حكاية يعود تاريخها إلى الدولة الرسولية، ما تزال ممتدّة منذ حقب زمنية طويلة، ويعيشها اليمنيّون مع شيخهم، حتّى اليوم. يأتونه من كلّ أرجاء محافظات الجمهورية، لا سيّما محافظة تعز للتبرّك به، والدعاء على ضريحه. وثمّة معتقد شعبي بأن من يحظى بزيارة ابن علوان فقد حظي بالشفاء وفارقه المرض. ومن مفاعيل ذلك المعتقد، أنّه إذا حلّ مرض بأحد أو حادثة مؤلمة يستغيث الأب أو الأمّ بدعاء خاصّ عند الضريح، كما يستخدمون التراب المحيط به لمداواة بعض الأمراض. ويزور علماء الصوفية وطلّابها ومريدو الشيخ ضريحه مرّة كلّ عام، في منتصف شهر ربيع الأول، ويطلقون عليه في المصادر التاريخية "يوم الجمع المبارك"، فتجد تلك القرية أشبه بسجادة صلاة، علماً أن علماء الصوفية يعتبرون ابن علوان المدرسة الأولى، والمرجع الرئيس لهم، بل يعتبرونه جوهر فكرهم.


مخاوف من استهداف الضريح 
في ظلّ النزاع المتواصل في محافظة تعز، تشهد منطقة جبل حبشي معارك ضارية بين "أنصار الله" والقوّات المتحالفة معها، وبين قوّات الرئيس عبد ربه منصور هادي. معارك يشكّل استمرارها خطراً على الضريح، كما يتخوّف أهالي جبل حبشي، القريبة من مدينة تعز، بمن فيهم علماء الصوفية وكلّ المحبين للشيخ ابن علوان، من وصول جماعات متشدّدة للجامع والضريح، والعبث فيه وتدميره، كما فعلت في عدد الأضرحة التاريخية في تعز. على سبيل النكتة، يقول بعض كبار السنّ، أثناء سؤالهم عن الأحوال في مدينتهم: "ليست تعز، لقد مسّها الشيطان، وتحتاج إلى تلاوة ابن علوان".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً