السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
تقهقر إضافي في الريال... "المركزي" استنفد أدواته؟
الساعة 23:19 (الرأي برس - عربي )

فقدت العملة اليمنية، خلال النصف الأوّل من 2016م، أكثر من نصف قيمتها، بشكل سريع، في ظلّ الأوضاع التي تعصف بالبلاد، والضغوط الهائلة على الإقتصاد. ضغوط أفقدت البنك المركزي قدرته على التحكّم بسعر صرف العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية.

وتراجع سعر صرف الريال مقابل الدولار من 215 ريالاً، قبل اندلاع الحرب أواخر مارس 2015م، إلى أكثر من 310 ريالات، بداية يونيو الجاري.


أسباب الإنخفاض
أرجع مصدر حكومي، في حديثه إلى "العربي"، الإنخفاض المسجّل في قيمة الريال اليمني إلى الضغوط الحاصلة على الإقتصاد، بفعل توقّف صادرات النفط التي كانت تشكّل أكثر من 75 من إيرادات الخزينة العامّة للدولة، فضلاً عن الحصار المفروض على البلاد، منذ أكثر من عام".
وأشار المصدر إلى "عوامل أخرى ساهمت في تهاوي قيمة الريال، أبرزها المضاربة في أسعار العملات، فضلاً عن المخاوف بشأن مستقبل البلاد السياسي". وأضاف أن "الأجواء التشاؤمية للأزمات التي يعيشها اليمن، بأبعادها السياسية والأمنية والإقتصادية، ألقت بظلالها على الوضع النقدي، بالإضافة إلى عجز البنك المركزي عن التأثير في السوق بعدما استنفد كافة أدواته".


البنك المركزي... عاجز؟
يوضح مصدر مصرفي مسؤول، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي"، أن البنك المركزي اليمني استخدم كلّ ما لديه من أدوات السياسة النقدية وغير النقدية، بما فيها رصيده من المصداقية التي تتمتّع بها قيادة البنك، فضلاً عن اتّخاذ إجراءات استثنائية للحيلولة دون حدوث تقلّبات عنيفة في سوق الصرف الأجنبي". ويتابع أن "البنك المركزي بذل جهداً كبيراً، واستخدم جميع أدواته في إدارة قوى العرض والطلب، للحفاظ على سعر صرف الريال اليمني عند مستوى 215 مقابل الدولار، خلال الفترة الممتدّة من نهاية 2010م، وحتّى مطلع العام الجاري 2016".
ويرى المصدر أنّه "من الواضح أيضاً أنّه قد استنفد تلك الوسائل، بعد أن خرج سعر الصرف عن السيطرة، ليبلغ في السوق السوداء 308 ريالات للدولار الواحد".


قرارات "غير موفّقة"
في المقابل، يعتبر مدير عام بنك اليمن والخليج، عزّ الدين علي هبة، أن "البنك المركزي حافظ قدر الإمكان على سعر صرف العملة، بالرغم من الضغوطات الهائلة على الإقتصاد اليمني وعلى الريال اليمني". ويقول هبة، في تصريح لـ "العربي"، إن "هناك من راهن على أن سعر الصرف سيرتفع منذ وقت مبكر، وكانوا يتوقّعون ارتفاعاً أكثر من هذا بكثير، ولكن الحكمة والإستقلالية التي عمل بها البنك المركزي منذ فترة، هي من حالت دون تدهور سعر الصرف منذ بدء الأزمة السياسية، سواء منذ 2011م، ومروراً بـ2013م، وحتّى مع بدء الصراع المسلّح في اليمن، حتّى صدور قرار البنك المركزي بأن يكون لتقييم سعر صرف الدولار سعران: سعر ثابت وهو 215، وسعر سوق وهو 250، وهذا قرار لم يكن البنك المركزي موفّقاً فيه، لأنّه لا يوجد في العالم سعران رسميّان للعملة الأجنبية". 
ويزيد هبة أنّه "طالما لم يستطع البنك المركزي ضبط سعر الدولار عند 215، واضطر لاعتماد سعر ثاني أسماه سعر التداول، حدّده عند 250 ريالاً، فبالتالي، هو غير قادر على ضبطه عند السعر الثالث الذي تفرضه السوق السوداء، والذي تجاوز حدّ 300 ريال للدولار الواحد".


وحاول البنك المركزي تثبيت سعر صرف الريال اليمني عند مستوى 215 ريالاً للدولار الواحد، إلّا أنّه فشل في ذلك، مع ارتفاع السعر إلى 270 ريالاً للدولار، ليحدّد، وقتها، سعر 250 ريالاً للدولار، والذي دخل بسببه في صراعات مع شركات الصرافة.


دور سلبي لشركات الصرافة
ويتّهم البنك المركزي اليمني شركات ومحلّات الصرافة بأنّها ساهمت بدور سلبي في تهاوي أسعار صرف الريال اليمني. ويؤيّد ذلك الخبير المصرفي، علي محمّد، الذي لفت إلى أن إجراءات البنك المركزي لعبت، إلى حدّ ما، دوراً في كبح جماح السعر، ولكن الطلب على الدولار كبير جدّاً، الأمر الذي أفقد البنك التحكّم بالسعر بسبب زيادة الطلب، وشحّ العرض". ويرى محمّد، في تصريح لـ"العربي"، أن "أدوات البنك محدودة جدّاً، وقد استطاع البنك المركزي، برغم ذلك، الحفاظ على السعر في ظروف غاية في الصعوبة". يحذّر مصدر مصرفي من أن تبعات إطالة الأزمة كبيرة وخطيرة جدّاً
وأكّد أن "محلّات الصرافة كان لها دور سلبي في التذبذب الحاصل في أسعار الصرف، من خلال العمل غير المنظّم، والعشوائية في تكديس الريال اليمني، والطلب على الدولار، إضافة إلى أن شركات الصرافة تلجأ الى السمسرة والمضاربة بالسعر، بالتعاون مع بعض التجّار الذين يطلبون من الصرّاف دولارات، وبأيّ سعر، وخصوصاً تجّار المشتقّات النفطية حاليّاً، والذين هم رابحون حتّى ولو وصل سعر الدولار إلى 500".


جانب سياسي
في موازاة ذلك، يشدّد مصدر مسؤول في القطاع المصرفي اليمني، في تصريح لـ"العربي"، على أن "مسؤولية الحفاظ على سعر الصرف مسؤولية جميع المواطنين والأطراف السياسية، كون انهيار الإقتصاد الوطني لن يفرّق بين طرف و آخر، أو منطقة وأخرى، كما أن حدوث ذلك لن يفيد أيّ طرف يرغب في الإستمرار في إدارة بلاد منهارة اقتصاديّاً، وكذلك لن يفيد طرفاً يريد أن يستلم إدارة بلاد بهذا الوصف".


وقال المصدر إنّه "وكما هو معلوم، فإن تقلّب سعر الصرف في اليمن، وفي أيّ دولة في العالم، سيؤدّي بالتأكيد إلى كوارث اقتصادية ومالية واجتماعية وأيضاً سياسية، والسياسيّون، سواء الموجودون في الداخل أو الخارج، يعون ذلك تماماً، وهم يعون أن الإقتصاد أصبح سلاحاً ذا حدّين، وهو أكبر سلاح من ناحية التأثير في المعركة السياسية الجارية في البلاد حاليّاً". ويشير إلى أن "من في الخارج يراهنون على هذا السلاح بشكل كبير، وفي المقابل، أصبح هذا الموضوع يقلق من هم في الداخل، وبشكل كبير جدّاً".


ويعتبر أن "السياسيّين لم يدركوا، على ما يبدو، أن تبعات إطالة الأزمة على القطاع المصرفي كبيرة وخطيرة جداً"، محذّراً من أن "القطاع المصرفي، ربّما، بات غير قادر على تحمّل المزيد من الضغوطات، وهو ما ترجمته الخطوة الأخيرة التي اتّخذها محافظ البنك المركزي اليمني، والقائم بأعمال وزير المالية اليمنية، بسفرهما إلى الكويت، عاصمة الحوار الخاصّ بحلّ الصراع اليمني برعاية أممية، وهناك أخبار تتحدّث عن سفر محافظ البنك المركزي إلى الرياض".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً