السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"القاعدة" يعود إلى حضرموت... من وادي سر؟
الساعة 19:50

عادت عمليّات الإغتيال إلى محافظة حضرموت، بعد أقلّ من شهرين من إعلان تحرير المحافظة من عناصر تنظيم "القاعدة". ثلاث عمليّات شهدتها مدينة القطن خلال شهر رمضان، كانت آخرها عملية استهدفت مندوب "مركز الملك سلمان للإغاثة" في وادي حضرموت، عبد الله سعيد بن ضبعان، وأدّت إلى مقتله على أيدي مسلّحين كانوا يستقلّون درّاجة نارية. سبق ذلك، اغتيال الضابط في "الجيش الوطني" وقوّات "النخبة الحضرمية"، عبد الله بفلح، بالقرب من مصنع الوادي للمياه، في 6 يونيو الجاري. وأعقب العملية الأخيرة بأربعة أيّام اغتيال ضابط عسكري في المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، يُدعى فتحي الوصابي، على أيدي مسلّحين مجهولين.


بصمات "القاعدة"
وعلى الرغم من أن تنظيم "القاعدة" لم يتبنّ أيّاً من هذه العمليّات، إلّا أن ثمّة مخاوف متصاعدة من أن يكون التنظيم قد عاد إلى نشاطه في حضرموت، خصوصاً أنّه كان هدّد، عقب انسحابه من المكلّا، باستهداف القيادات التي شاركت في العملية ضدّه. ويعزّز تلك المخاوف أن عناصر "القاعدة" الذين انسحبوا من المكلّا توجّهوا، من بين الأماكن التي انتقلوا إليها، إلى وادي سر، الذي يشكّل في الأصل قاعدة تخطيط وتجهيز لهم. قاعدة ما تزال، حتّى اليوم، قائمة بعدّتها وعديدها، بعيداً عن استهداف الطائرات أو نيران الدبّابات والرشّاشات.


تشكيك في نجاح العملية
بعيداً عن ميدان العملية التي أُعلن نجاحها في وادي سر، عقد قائد المنطقة العسكرية الأولى، الجنرال عبد الرحمن الحليلي، قبل أسابيع، مؤتمراً صحافيّاً، قال فيه إن عملية تطهير معسكر "القاعدة" في ضواحي بلدة سودف تمّت بنجاح. إعلان لم يلق استحساناً لدى سكّان بلدات الوادي، الذين شكّكوا في نجاح العملية، واصفين أنباء القبض على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية، ومن جنسيّات مختلفة، بـ"المبالغ فيها، إن لم تكن عارية من الصحّة".


يقول السكّان، لـ"العربي"، إن "الحملة التي كُلّفت باقتحام وادي سر، البالغ طوله 70 كيلومتراً، لم تتقدّم كثيراً، واكتفت بالتحرّك من النقطة التي كانت تتمركز فيها قوّات الحليلي لسنوات عند مدخل الوادي، إلى بلدة سداف، حيث استقرّت في مبنى الوحدة الصحّية، وهي الوحيدة في تقديم الخدمات الطبية للسكّان من سائر قرى وبلدات وادي سر". يحتجّ السكّان على "إقدام قوّات الحليلي على تعطيل هذه الخدمة، وهي الوحيدة التي تقدّمها الدولة في الوادي"، ويتحدّثون عن "تعمّد تلك القوّات ممارسة العربدة تجاه سكّان البلدات، المتناثرة في عرض الوادي".


بحسرة وسخط، يروي البعض واقعة "مؤلمة" أودت بحياة امرأة وطفلتين في عمر الربيع، كانت سيّارتهنّ قد تأخّرت عن ركب الأسر النازحة من بلدة سودف. أُبلغت إحداثيات إلى غرفة عمليّات "التحالف العربي"، وعلى الفور استهدفت إحدى الطائرات السيّارة باعتبارها "هدفاً إرهابيّاً" بموجب الإحداثيّات. لقيت المرأة وطفلتاها حتفهنّ، وتفحّمت جثثهنّ داخل المركبة. كان ذلك في الساعات الأولى من الحملة العسكرية. الحملة التي كُلّفت باقتحام وادي سر البالغ طوله 70 كيلومتراً لم تتقدّم كثيراً
عقب تلك الحادثة بأيّام، خرجت مسيرة لأنصار الحراك الجنوبي في سيئون، بدعوة من المجلس التنسيقي لقوى "الثورة الجنوبية". وقال البيان الصادر عن المسيرة إن "تحرير المكلّا لن يكتمل إلّا بتحرير بقية مناطق وادي حضرموت من جيوش الإحتلال، التي تدّعي، اليوم، فجأة محاربتها للإرهاب، بيد أنّها تمارس انتهاكات بحقّ المواطنين في عموم مدن ومناطق الوادي". وأشار البيان إلى "انتهاكات قوّات الحليلي، من دهس، وإطلاق رصاص حي، وسفك دماء مدنيين، والتي كان آخرها قتل الشاب ربيع جوهر أمان، في عملية دهس، والشاب عاشور برك بطلق ناري في نقطة مدودة".
سر... الملاذ الآمن


يرى عبدالله المري، صحافي من أبناء المنطقة، في حديث إلى "العربي"، أنّه "من الخطأ بمكان أن تدّعي أيّ جهة إخلاء وادي سر من مجاميع وعناصر تنظيم القاعدة، إذ ان وادي سر، بفعل طبيعته التضاريسية من جبال وكهوف وأودية واتّساع مساحته وتفرّعات أوديته، مثّل للقاعدة بيئة مثلى لاجتماعات وتخطيط وتدريبات ومعامل تصنيع العبوات والأحزمة الناسفة". وأضاف أنّه "حينما وُجد معسكر القاعدة في ضواحي بلدة سودف خاوياً على عروشه من أيّ تواجد لعناصر القاعدة، فلا غرابة في ذلك، بحكم أن عناصر القاعدة لا تتّخذ معسكراتها مستقرّاً للسكنى، بل مقرّات للإجتماعات والتجهيزات، وقد تتّخذه ميداناً لدورة تدريبات مزمنة".


من جهته، يتساءل راضي مفيلح، أحد أبرز القيادات الميدانية الناشطة في الحراك الجنوبي، والمجلس التنسيقي لقوى "الثورة الجنوبية" في وادي حضرموت، عن "الحصانة التي كانت لمعسكرات القاعدة في وادي سر منذ عشر سنوات". ويقول "إن قيادة المنطقة العسكرية الأولى، وعلى رأسها الجنرال عبد الرحمن الحليلي، لم يكن يزيدها التحالف العربي شيئاً عمّا كان بيدها من سلاح وعربات دروع ودبّابات، إضافة إلى سلاح الجوّ اليمني وطائرات الدرونز الأمريكية، بيد أن قوّات الحليلي لم تقدم على اقتحامه، وظلّ وادي سر الملاذ الآمن للجماعات الإرهابية، التي تزايدت وتيرة عمليّاتها في مدن وادي حضرموت، ومنها عمليّات اغتيال، وهجومات مختلفة في القطن وسيئون، واستهداف أهمّ المؤسّسات الخدمية، والقيام باغتيال قيادات عسكرية في وادي حضرموت".


متاهة طبيعية
ويعتبر ضابط الداخلية المتقاعد، أحمد بن فاضل، وادي سر "متاهة طبيعية لم يدخل تحت سيادة القانون على الإطلاق"، مذكّراً بـ"أيّام القبضة الحديدية للسلطات في دولة الجنوب قبل الوحدة مع الشمال، حيث عمدت الدولة، في تلك الحقبة، إلى تأمين الوادي والرؤوس الجبلية والهضبة، وتسليمها لقوّات من أبنائها وأبناء المناطق المحيطة، بعد تأهيلها وتدريبها للمهامّ العسكرية والأمنية المتخصّصة للبيئات الجبلية والصحراوية". وتابع بن فاضل أن "تلك القوّات اتّخذت ممّا كان يسمّى معسكر حجر الصيعر، التابع لقيادة القوّات الشعبية في مديرية القطن، مركزاً لقيادتها"، لافتاً إلى أن "مهامّ معسكر حجر الصيعر تمثّلت في التمشيط الدوري لتلك الرؤوس الجبلية وهضبة حضرموت الشمالية بشكل مستمرّ، إضافة إلى الحملات الدورية في ملاحقة أيّ خلايا خارجة على القانون". ويستدرك بن فاضل بأنّه "ومع تلك التدابير المستمرّة، لم تكن تستوفي سيادة القانون، على المنطقة المترامية الأطراف والتعاريج والتضاريس لوادي سر، شروطها".


تجدر الإشارة إلى أن وادي سر يتكوّن من ٣٦٠ وادياً، يلتقي غرباً برؤوس جبلية تمتدّ إلى العبر، وشمالاً إلى منوخ، وجنوباً إلى وادي هينن. وهذا الأخير كان مسرحاً للعملية التي استهدفت موكب قائد المنطقة العسكرية الأولى، عبد الرحمن الحليلي، الشهر الفائت.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً