الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
اللحوح... تجارتهن في رمضان
الساعة 20:40

على بعد 100 متر من مدخل باب اليمن التاريخي في صنعاء القديمة، تتكؤ بائعات اللحوح على جدران السوق، في خطوط متوازية، لعرض اللحوح الشعبي الأكثر استهلاكاً خلال أيام شهر رمضان المبارك، الذي يرتفع فيه النهم الإستهلاكي إلى أعلى مستوياته. مشاهد بائعات هذا النوع من المخبوزات الشعبية، والتي اعتاد عليها سكّان صنعاء طيلة العام، في مناطق معينة ولفترات محدودة، بات حاضراً في كل أسواق العاصمة القديمة والحديثة معاً، وبشكل مضاعف منذ اليوم الأوّل لشهر رمضان.


بائعات اللحوح 
حتى عهد قريب كانت بائعات اللحوح يحرصن على ارتداء الزي الصناعي التقليدي، ويعرضن منتجهن بطريقة راقية، إلا أن بائعات اللحوح اللاتي يعملن في مجتمع محافظ يرى في خروج المرأة للسوق لممارسة البيع والشراء عادة غير حميدة "عيب"، يعانين، ليس من قساوة الظروف وحسب، بل من النظرة المجتمعية الدونية لهن منذ عقود زمنية. ونظراً لبقاء تلك النظرة الظالمة، حاول عدد من الأسر التي أجبرتها الظروف على بيع اللحوح تجاوز تلك النظرة القاصرة بالدفع بالذكور للبيع، عوضاً عن الإناث، وخصوصاً الفتيات اللواتي في سن الشباب. خطوة الأسر التي تمتهن صناعة وبيع اللحوح، كمدخل للدخل ومصدر للعيش الكريم، لم تنجح في تغيير النظرة المجتمعية غير المبرّرة، ولا يزاال الكثير من مستهلكي اللحوح يصنفن النساء اللواتي يمتهن بيع اللحوح بالأرامل والمطلّقات.


العام الحالي، وفي ظلّ الأوضاع الإقتصادية المتردّية التي تمرّ بها اليمن، والتي كان لها تأثير سلبي على الإستقرار المعيشي للأسر اليمنية في العاصمة والمحافظات، أُجبرت الكثير من الأسر على امتهان بيع اللحوح خلال شهر رمضان الحالي، بغرض تحسين مستوى الدخل ومواجهة متطلّبات الشهر الكريم وعيد الفطر. فكما هو معروف، يرتفد الطلب على اللحوح في شهر الصوم، باعتباره أحد أهم مكوّنات وجبة "الشفوت" الشعبية، التي تتكوّن من خبز اللحوح واللبن، وتعدّ من الوجبات الخفيفة في المائدة الرمضانية اليمنية. ومع ارتفاع عدد بائعات اللحوح في شوارع وأرصفة وأسواق صنعاء القديمة والحديثة، ابتكرت بعض الأسر وسيلة جديدة لتسويق منتجاتها عبر محلات بيع الموادّ الغذائية والمولات التجارية والمخابز ونقاط بيع الرغيف الآلي.


ويعد امتهان إعداد وبيع خبز اللحوح من المهن المربحة والمدرّة للدخل، لقلّة تكاليفه وسهولة تحضيره، بالإضافة إلى ما يوفّره من فرص عمل مؤقّتة للأسر العاملة في تحضيره وتسويقه. وخلال شهر رمضان يرتفع سعر اللحوح بنسبة 100 % عن أسعاره في الأيام العادية. 


خبز شعبي 
يعدّ اللحوح نوعاً مميزاً من الخبز التقليدي في مختلف محافظات اليمن، وخصوصاً الشمالية، ويستهلك بصورة دائمة في محافظتي حجة والمحويت، وموسمياً في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات خلال شهر رمضان. ويتّسم اللحوح في خفّة وزنه ورقّته، ويتميّز هذا النوع من الخبز بأنه خفيف على المعدة وسهل الهضم. وتشتمل مكوّناته على حبوب الذرة الحمراء والبيضاء، وأحياناً يخلط بالقمح الذي يزيد تماسكه ويضيف عليه لمعة خاصّة.


ووفق الدراسات التاريخية فإن اللحوح نوع من الخبز منشأه أثيوبيا، وينتشر في اليمن وجنوب المملكة العربية السعودية.
عمل شريف
ملاك إحدى بائعات اللحوح في صنعاء القديمة ترى أن بيع اللحوح عمل شريف لكل أسرة، وتدافع عن مهنتها بالقول إن العيب أن تمدّ يدها للغير لطلب المساعدة أو استجداء الغير أو الموت من الجوع. وتضيف ملاك في حديثها، لـ"العربي"، بأن هناك عشرات الأسر تجاوزت الفقر والفاقة وانتشلت نفسها من حالة العوز والفقر المدقع واستطاعت أن تأمّن مستقبل أطفالها من خلال بيع اللحوح. وحول بائعات اللحوح تشير إلى أن معظم البائعات من أسر أخرى يعملن مع ربات بيوت يجدن إعداد وتحضير اللحوح بجودة عالية، ويكتفي دور تلك الفتيات بتسويق اللحوح في الأسواق.
وأكّدت ملاك أن الكثير من الأسر التي تعمل في بيع اللحوح ترى في شهر مضان موسماً مهمّاً لبيع هذا النواع من الخبز الشعبي، وتستعدّ منذ مطلع شهر شعبان بشراء كمّيات كبيرة من الذرة التي قالت إن أسعارها ارتفعت إلى أكثر من 6000 ريال للقدح.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص