الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
وصية عمنا راجح - عبدالله الإرياني
الساعة 16:44 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


اشتهر راجح ( بعمنا ). لم تأت شهرته من فراغ، بل معلم الأطفال في غرفة أطلقوا عليها اسم المكتب، والمرجعية في الجهة التي يعيش عليها. ورث مهنة التعليم عن والده، والمرجعية بعد حل مشكلة، من مشاكل الأرض، استعصت على أهل الحل والعقد من كبار ملاك الأرض، بعدها أشاروا إليه بالبنان وهم يهتفون: ( عاش عمنا راجح.)
اكتفوا بالهتاف ومبلغا صغيرا من المال لا يرتقي إلى حلِ جنبهم فتنة كبيرة كان يمكن أن تسيل من وراءها الدماء. وهو لم يتردد في قبول المبلغ، العارف ببخلهم وأنانيتهم الراسخة على صدورهم..والمحتاج، ما يتقاضاه من التعليم بالكاد يسد رمقه وأهل بيته. أهداه الحل إلى القول: ( أقطاعية الجن.) والجن هم أهل الحل والعقد من آلـــ ثابت. يهيمن كبار الملاك من آلــــ ثابت على الأرض والإنسان. يتآمر كل واحد منهما على الآخر، ويثيرون الفتن فيما بينهم وبين سكان الجهة. كبيرهم ناجي لا يقدر عليهم، لكنه يقدر على صغار الملاك من أبناء عمه، وعلى سكان الجهة، أغلبهم يعملون في أرض آلــــ ثابت. والمبلغ الصغير كان مفاجأة لزوجته قبول، الكبير في نظرها..وهي تقول:

 

- من أين لك.؟
ما يتقاضاه من التعليم معلوما لديها..أطلق ضحكة ساخرة، ثم قال:
- من الجن.
- الجن؟!
- وتناديني ( يا عمنا راجح.)..واستطرد:
( أقطاعية خبيثة والله ثم والله ما بها إنسان.)
- الله يرد لك عقلك..مالك.
- مالي..جاوع، جهزتي الغداء.
- جهزته..وكنت عتشتري لنا دجاجة من الفلوس ذي حصلتها.
- الموجود..هيا.
بلع الموجود، إلا أن الجائع يرى في الموجود متعة بلوغ الحاجة من أجل البقاء على قيد الحياة، يبلعه البلع الجميل. الشبع أيقظ جيب الخوف المرسوم على عقله..قال لزوجته:
- أيش قلت؟
- أيش قلت..أيش قلت؟ أيوه أدعي لك ( يا عمنا راجح.)
- بس.
- والباقي نسيته.
حمد ربه، ستظل الإقطاعية سر من أسراره الدفينة.
نفذ صبر الرموز من سكان الجهة، أوعزوا لهم أن يثوروا عليهم. ثورة أقامت أول مدرسة في جهتهم. قضت 
المدرسة ولم تقض على أهل الحل والعقد من آلــــ ثابت، إلا أنها خلقت ثلاثة ملاك جدد، وآخرين من السابقين، تقاسموا الإقطاعية فيما بينهم. وفي كل واحدة مشاكل وفتن، وصاحب كل واحدة يريد أن تكون الأخرى من نصيبه. والفوضى، المظلومين يكتوون بنارها. وأصبح عمنا راجح مرجعية للمظلومين. بلغ من العمر ثمانيين عاما، أطاحت المدرسة بمكتبه، إلا أن المظلومين لا يبخلون عليه بما يحتاجه لعبور الحياة إلى الأجل المحتوم. والمرجعية لا يزيد عن مواساتهم، وشد أزرهم بحثهم على الصبر والرضا بما كتبه الله لهم. يجدون في كلامه السلوى، حتى نفذ صبر عمهم راجح..قال:

 

- كنت أقول: ( أقطاعية والله ما بها إنسان.) 
أطرق لحظات ثم قال:
- والآن ماذا أقول؟
رن الصمت على الحاضرين، ليس خوفا مما سمعوه، التقسيم أفقد الكلمة معناها، غير أن بعضهم ينتظرون الإجابة من عمهم، والبعض الآخر يفكرون لعلهم يفوزون بها. سبقهم راجح، كسر الصمت..قال:
- رددوا بعدي: ( قطع خبيثة والله ثم والله ما بها إنسان.)
( قطع خبيثة والله ثم والله ما بها إنسان.)
مات عمهم راجح في اليوم الثاني. فارقهم حائرين، لعلها كانت وصيته؟؟!!

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص