الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عبد الرحمن العولقي... المقتول بجرم أبيه
الساعة 23:30 (الرأي برس - عربي )



أسبوعان فقط، يفصلان بين مقتل القيادي في تنظيم "القاعدة"، أنور العولقي، ونجله عبد الرحمن، فقد قُتلا في نفس العام، وبنفس الطريقة، وربما بنفس التهمة. وعلى الرغم من مرور خمس سنوات على رحيلهما، إلا أن مقتل العولقي، الإبن، لا يزال محل جدل في أروقة المنظّمات الحقوقية الدولية، كما لدى المحاكم الأمريكية .


بعد قرابة الأسبوعين من مقتل الأب أنور العولقي، قتلت وكالة الإستخبارات الأمريكية، عبد الرحمن أنور العولقي، من خلال غارة جوّية أطلقتها طائرة "درون" بدون طيار، في محافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، ليلة 14 أكتوبر من العام 2011م، الأمر الذي أثار حفيظة أمريكيين، طالبوا إدارة أوباما بتقديم تبرير مقنع لقتل مراهق أمريكي بريء، قتل بذنب أبيه.


شاهد عيان 
أذكر جيداً، صبيحة اليوم التالي للحادث، عندما ذهبت (الكلام للكاتب) لأشاهد ما خلّفه صاروخ أمريكي، أطلق من طائرة أمريكية بدون طيار، على مجموعة أفراد كانوا يتناولون وجبة العشاء، في ليلة قمراء.


كان موقع الإنفجار، يقع في مفرق عزان - الحوطة، في مديرية ميفعة، في محافظة شبوة، وهو لا يبعد إلا أمتاراً قليلة عن الخطّ الدولي الذي يربط شبوة بالمحافظات الأخرى. تجمّع في ذلك الصباح بعض الفضوليين، لمشاهدة موقع الصاروخ الأمريكي، الذي أطلقته الـ"درون"، وما خلّفه على الأرض.


حفرة صغيرة، وبضعة أشلاء لبشر، ممزّقين إرباً إرباً، وبطانية ممزّقة، و بقايا دم امتزجت بالتراب، وسيارة شاص تحترق، يبدو أنها كانت تتبع أحدهم... هذا ما خلّفه ذلك الصاروخ الأمريكي.


قبيلة العوالق 
تعدّ قبيلة العوالق من أقوى القبائل، وأكثرها نفوذاً في جنوب اليمن، ومركز هذه القبيلة محافظة شبوة، وتحديداً مديريات الصعيد ونصاب وحطيب، لكنهم ينتشرون في مناطق وبلدات أخرى في مناطق شبوة، واليمن عامّة.


للقبيلة نفوذ سياسي كبير، فقد أنجبت عدداً من كبار القادة السياسيين والعسكريين والدينيين، وكان للعوالق بصمات واضحة في تاريخ اليمن السياسي الحديث. تجمّع في ذلك الصباح بعض الفضوليين، لمشاهدة موقع الصاروخ الأمريكي


العولقي الأب 
ولد أنور العولقي لأب وأم من اليمن، في مدينة نيومكسيكو الأمريكية، أما والد أنور العولقي (ناصر) فقد حصل على الماجستير في الإقتصاد الزراعي من جامعة ولاية نيو مكسيكو، في عام 1971، وحصل على الدكتوراة من جامعة نبراسكا، وعمل في جامعة مينيسوتا ما بين عامي 1975 و1977. عادت عائلة العولقي إلى اليمن، حيث درس أنور في مدارس أزال الحديثة، والده شغل منصب وزير الزراعة، ورئيساً لجامعة صنعاء. 


عاد أنور، إلى كولورادو في عام 1991 بمنحة دراسية من الحكومة اليمنية، وحصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة كولورادو عام 1994، ثم حصل أيضاً على شهادة الماجستير في القيادة التربوية، من جامعة ولاية سان دييغو. وقد عمل على درجة الدكتوراه في تنمية الموارد البشرية في واشنطن جورج وكلية الدراسات العليا جامعة التربية والتعليم والتنمية البشرية من يناير إلى ديسمبر 2001. ولاحقاً اتهمته الولايات المتّحدة، بالإنتماء لتنظيم "القاعدة".


ضجّة الرأي العام 
قضية مقتل العولقي الإبن (عبد الرحمن) لا تزال تثير ضجّة في الرأي العام الأمريكي، بينما تراجعت منظّمات حقوق الإنسان والرأي العام المحلي في اليمن، عن تناول قضية العولقي، بالزخم نفسه الذي تعاملت معه بعد الحادث.


تفاعل أمريكيون مع قضية مقتل عبد الرحمن العولقي، وتعاطفوا معه ورأوا أنه بريء، وبعد أن نشرت مواقع عربية وغربية مغالطات عن عبد الرحمن ونشاطاته وعمره، تبين لاحقاً أن عبد الرحمن، ما هو إلا فتى مراهق، قتل بذنب "شوقه" إلى أبيه، كما يقول أصدقاؤه.


أسرة العولقي: مغالطات الإدارة الأمريكية 
أصدرت أسرة العولقي، بياناً يفنّد ما سمّته "مغالطات الإدارة الأمريكية التي تحاول أن تبرّئ نفسها من قتل الأبرياء". ووفقاً للبيان المنشور في وسائل التواصل الإجتماعي، "عبد الرحمن بن أنور العولقي من مواليد مدينة دنفر- كولورادو الأمريكية في تاريخ 26 أغسطس 1995، وهو بذلك لا يبلغ 21 عاماً أو 27 عاماً، بل 16 عاماً فقط، وهو من سكّان مدينة صنعاء منذ أن عاد إليها من أمريكا مع أسرته عام 2002". 


ويبرّر بيان الأسرة، ذهاب عبد الرحمن إلى محافظة شبوة، بالقول "قبل ما يقارب الأسبوع من استشهاد أبيه، ترك عبد الرحمن لأمّه رسالة قال فيها، إنه ذاهب للبحث عن أبيه -الشيخ انور العولقي- وسافر إلى محافظة شبوة، من دون علم أحد، وبقي في شبوة، التي هي أرضه، حتّى وصل خبر استشهاد والده في 30 سبتمبر 2011، ظل -عبدالرحمن- هناك لأسبوعين، وأرسلت الأسرة إليه ليعود إلى صنعاء، لكن الله أراد غير ذلك، ففي ليلة 14 أكتوبر القمرة، خرج هو ورفاقه للعشاء تحت ضوء القمر، فجاءهم صاروخ أمريكي ليقتل عبد الرحمن ورفاقه".
ثائر سلمي
إلى ذلك، تفيد صفحة أصدقاء عبد الرحمن، على "فايسبوك"، أنه كان مسالماً، ولا يجيد حمل السلاح، كما أنه شارك في المسيرات السلمية للثورة ضدّ الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، في العاصمة صنعاء، وإغاثة النازحين في الحصبة، وهزئوا على طريقتهم من تهم الإرهاب التي وجّهت له، بقولهم أنه "كان يأكل البيتزا، ويلبس الجينز".


بينما يقول أحد أقاربه، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية القضية، إنه "كان الفتى في سن المراهقة... كان حقّاً شخصاً رائعاً، ولا يؤذي حتّى البعوضة، وكان خجولاً ومهذّباً، و ذنبه أنه افتقد والده أنور العولقي".


موقف الإدارة الأمريكية 
موقف الإدارة الأمريكية من مقتل عبد الرحمن تميّز بالإرتباك، فقالت وزارة الخارجية الأمريكية، بعد الحادث مباشرة، إنها لم تتلق تأكيدات على مقتل الفتى الأمريكي في اليمن، والبالغ من العمر 16 عاماً، وقد أغضب ذلك الموقف أسرة وأقرباء أنور العولقي.
لاحقاً، مسؤولون في الإدارة الأمريكية برّروا لوسائل إعلامية، بأن الفتى لم يكن هدفاً، ولكنه قتل في غارة استهدفت قيادات بارزة في جناح "القاعدة" في اليمن. 


ماذا بعد؟ 
رحل عبد الرحمن العولقي، تاركاً من حوله العديد من علامات الإستفهام، وإذا كانت صفحته في نسختها العربية في طريقها للحذف، فإن نسخته الأمريكية لا تزال حية في دهاليز القضاء الأمريكي ومنظّمات حقوق الانسان، وربما تكشف الأيام القادمة، عن حقائق وحقوق ضائعة، لفتى قتل "بذنب" أبيه.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص