الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
رمضان هذا العام... بلا فرح!
الساعة 23:59 (الرأي برس - عربي )

جاء رمضان هذا العام... "ويا ليته لم يأت! في ظل بقاء الحرب وفي ظل هذه الأزمة الخانقة والمستمرّة" هذا ما قاله عامر الريمي (40 عاماً). يضيف عامر، بنبرة تعتصرها الألم، "شهر حزن ووجع بالنسبة لي أنا رمضان هذا العام... الحرب حرمتني من الفرحة به، ومن التسوّق وعملية الإستعداد التي اعتدت عليها كل عام".


الرجل الذي يعمل نجّاراً, وهو أب لـ 7 أولاد، عاطل عن العمل منذ أن دخلت البلاد الحرب، قبل عام ونصف وحتى اليوم. طوال هذه الفترة، صرف كل ما لديه، واستدان مبالغ مالية كبيرة، في سبيل البقاء. كان أمله الوحيد أن يأتي رمضان بالسلام، وإعلان الأطراف السياسية إيقاف الحرب والدخول في اتفاق ينهي مسلسل هذه المعاناة التي لم ترحم أحداً.


والسلام، بالنسبة لليمنيين، ليس إيقاف نزيف الدم والإقتتال والحصار، بل هو عودة الحياة إلى طبيعتها، وعودة الكهرباء المتوقّفة منذ زمن طويل، وعودة المياه، وتخفيف حالة الإنهيار الإقتصادي، وتراجع الإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية وأسعار المشتقّات النفطية.


يقول الصحافي محمد سعيد الشرعبي "كان رمضان من أعظم الشهور في حياة اليمنيين، قبل اندلاع هذه الحرب، وأصبح اليوم أحد شواهد الكارثة، حيث تتعاظم فيه المأساة الإنسانية جرّاء عقاب الشعب بحصار وقصف المدن، وكذلك منع تشغيل محطّات الكهرباء في المدن الساحلية". ويتابع الشرعبي حديثه، لـ"العربي"، لقد "تسبّبت الحرب في انهيار الإقتصاد، وانخفاض دخل المواطنين، واتسعت رقعة الفقر، وينعكس ذلك على طقوس رمضان، وباتت البلد على مشارف مجاعة بعد ارتفاع سعر الدولار مقابل الريال اليمني". 


للعام الثاني على التوالي، حوّلت الحرب المستمرّة حياة اليمنيين إلى جحيم لا يطاق، وبالذات في مدينة تعز التي تعاني الحصار، مصحوباً بالقصف المستمرّ. ويعاني سكان المدن الساحلية من ارتفاع درجة الحرارة، في ظلّ انقطاع التيار الكهربائي بسبب استمرار الحرب.


بشكل عام، يكون رمضان قد حل على اليمنيين هذا العام في ظلّ استمرار الأزمات، خصوصاً الإقتصادية. في صنعاء، يواجه الكثير من الناس تعقيدات كبيرة في الإيفاء بمستلزمات رمضان، وهم يقضون ساعاته في البحث عن غاز وعن مشتقّات نفطية وسلع أساسية مرتفعة. يقول محمد الفهيدي "عن أي رمضان تسأل؟ وعن أي حال ونحن معطلين عن العمل؟"


يقول محمد عيضة، واصفاً وضع اليمنيين في رمضان هذا العام، "انعدام مصادر الدخل، وبطالة متضاعفة، واقتصاد منهار كلّياً... وبنك مركزي وصل إلى مستوى إفلاسه المهدّد لحياة من تبقّى من محدودي الدخل، وعمال الدولة وموظفوها وجعلهم في حالة قلق نفسي كلّي على استقرار حياة أطفالهم وعوائلهم".
ويأتي هذا الحرمان الكلّي، بحسب عيضة، في ظل عدم قدرة أرباب الأسر على توفير معظم متطلّبات طعام الإفطار الرمضاني في الغالب، ناهيك عن الأسر التي فقدت عائلها الوحيد من جرّاء الحرب القائمة.


وفي الوقت الذي يكون قد تمكّن فيه البعض من توفير خدمة بديلة من الكهرباء، عن طريق الطاقة الشمسية مثلاً، لا يزال قطاع واسع من الناس في الظلام، الظلام الذي يحاصرهم منذ وقت طويل.
يقول محمد الفهيدي "عن أي رمضان تسأل؟ وعن أي حال ونحن معطلين عن العمل؟"، يسأل محمد ويجيب "قدوم رمضان هذا العام لم يحمل لنا أي جميل، سوى أنه يضاعف معاناتنا ويضاعف من همومنا وأوجاعنا".


في حديثه، لـ"العربي"، يقول أشرف الريفي "من وجهة نظري، إن رمضان، بمتطلّبات أجواءه وطقوسه اليمنية، بات ثقيلاً على معظم اليمنيين الذين يخوضون معركة قوية مع الفقر... ولا يستطيعون الإيفاء بمستلزمات الحياة المعيشية، ناهيك عن بعض المناطق التي لا تزال تشهد الحرب وتعيش أجواء الخوف وعدم الإستقرار، فهؤلاء لا يعيشون روحانية الشهر ولا استقراره ومعانيه الدينية والقيمية، كما تعيش أسر كثيرة في هذا الشهر وقد فقدت قريباً لها أو معيلها في الحرب، فيما لا تزال مئات الأسر تعيش حالة فقد لأقاربها المعتقلين أو المشرّدين، بفعل الحرب التي عكّرت استقرار اليمن واليمنيين".


يجمع الغالبية من اليمنيين على أن رمضان هذا العام ليس على ما يرام، وأن لا فرحة رافقت قدوم الشهر هذه السنة. الجميع في وضع مؤسف، خصوصاً وأن البلاد لا تزال مفتوحة أمام الحرب والمواجهات، في حين الأطراف السياسية لا تزال تتجاذب المشهد السياسي في دولة الكويت، ولم تعر هذا الوضع الإنساني أي اهتمام.


في تعليقه، لـ"العربي"، يقول نجيب الكمالي "رمضان لم يعد مصدراً للفرحة والبهجة الروحانية والدينية والإجتماعية في حياة اليمنيين، والتي كانوا ينتظروها بشغف... اليوم يهلّ رمضان للمرّة الثانية ليمثّل غصّة أشدّ وأمرّ في حياة اليمنيين، وهم يكتوون بلظى واقع بائس ومرير فرضته سلطات الأمر الواقع على كافّة مناحي الحياة المعيشية والدينية".


جميع اليمنيين، رجالاً ونساء وأطفالاً، يواجهون هذا المصير المؤلم. لا أحد بات يسلم من قساوة الحياة ومن صعوباتها اليوم، في بلد تمزّقه الحرب منذ أكثر من عام. "رمضان في اليمن استثنائي هذا العام، بسبب الإزدياد الكبير في معدّلات الفقر والنزوح والبطالة، وهذا جعل غالبية الشعب اليمني غير قادر على توفير الحد الأدنى من المستلزمات الغذائية الأساسية" هذا ما يقوله أحمد القرشي، رئيس منظّمة سياج للطفولة، لـ"العربي"، مشيراً إلى أن، بحسب تقارير حقوقية، نحو 14 مليون يمني "يطحنهم الفقر الشديد ونقص الغذاء... وللأسف فالأطفال يمثّلون أكثر من نصف السكّان، وهم المتضرّر الأكبر من نقص الغذاء والخدمات الأساسية للحياة". 


في رمضان هذا العام، تكاد تكون الهموم كبيرة والظروف الإقتصادية والسياسية لم تعمل على انهيار الإقتصاد وغلاء المعيشة فحسب، بل غيّبت الكثير من أعمال الخير، وغيّبت قطاعاً واسعاً من الجمعيات الخيرية التي كانت تمثّل الزائر الخيري الوحيد لبعض الفقراء.


على هذا الجانب، يعلّق القرشي بالقول "ربما هناك مشكلة كبيرة تتمثّل في أن غالبية الجمعيات الخيرية ومؤسّسات القطاع الخاصّ الوطنية التي كانت تتعهّد الفقراء بمساعدات غذائية وعينية، أغلقت أبوابها نتيجة الأوضاع الأمنية والتدهور الإقتصادي المريع والذي ألحق بها خسائر كبيرة".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص