الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
إب... السلم في زمن الحرب
الساعة 19:44 (الرأي برس - عربي)

نجحت مدينة إب في الحفاظ على سلميّتها من دوّامة العنف، رغم محاولات تفجير الأوضاع عسكريّاً فيها، وتحويلها إلى مدينة أشباح كما حدث في مدن أخرى، إلّا أن لغة العقل والحكمة لجمت لغة البندقية. جميع الأحزاب السياسية، ومن ضمنها قيادات حزب الإصلاح والتيّارات الدينية التي اختلفت في صنعاء وتعز ومأرب وحجّة، اتّفقت على عدم جرّ الصراع إلى عاصمة السياحة اليمنية، التي تبعد عن صنعاء 180 كم جنوباً، ويشكّل سكّانها ما نسبته 10.8% من إجماليّ سكّان اليمن. المدينة التي كانت حتّى ما قبل الحرب واتسّاع نطاق الإقتتال الداخلي، المقصد الأول للسياحة الداخلية والخارجية، أصبحت مخيّماً مفتوحاً للنزوح من مختلف المحافظات الملتهبة.


إب مدينة السلام
نظراً لموقعها الجعرافي وسط البلاد واتّصالها بمحافظة ذمار من الشمال، ومحافظة تعز من الجنوب، وبمحافظتي الضالع والبيضاء من الشرق، وبمحافظة الحديدة من الغرب، استقبلت محافظة إب أكثر من 300 ألف نازح من مختلف المحافظات. إلّا أن نازحي إب، ومعظمهم من محافظة تعز، التي تبعد 65 كم عن المدينة، لايشعرون بحياة الشتات في محافظة لا يجوع فيها غريب أو ابن سبيل. على مدى أشهر الحرب، لم تتلقّ المنظّمات الدولية
أي استغاثات من إب لإشباع النازحين فيها من الجوع، أو تأمينهم من خوف الليالي والأيّام. لم يكتف أهالي المحافظة بتقديم العون والمساعدة لكلّ نازح، بل دشّنوا مبادرة محلّية تحت شعار "ساعد تسعد"، ونشروا 10 ثلّاجات للطعام في شوارع مدينة إب لإطعام الفقراء والمحتاجين.


وأكّدت الأمم المتحدة، مطلع العام الجاري، وعلى لسان يما مكجو لوريل، ممثّل برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في اليمن، خلال زيارته إلى مدينة إب، لتفقّد أوضاع النازحين، أنّها تولي إب اهتماماً كبيراً وخاصّاً، وأنّها تسعى لإعلانها مدينة سلام، يأتي إليها كلّ الناس دون استثناء.


مخيّمات نزوح
يتواجد النازحون في أكثر من مخيّم داخل المدينة أو في مشارفها، وتحظى المخيّمات التي كان بعضها مدارس ومبان حكومية باهتمام السلطات المحلّية. الأخيرة افتتحت، نهاية العام الماضي، مركزاً لإيواء النازحين في مديرية الظهارالواقعة على مشارف المدينة. يتكوّن المركز من 70 غرفة مع ملحقاتها، خُصّصت للنازحين القادمين من خارج المحافظة، كما يتواجد مخيّم "وقير" لإيواء النازحين، الذي يحتضن مئات الأسر النازحة. الأحزاب السياسية خلافاتها واتّفقت خطّيّاً على عدم السماح بتفجير الأوضاع
ورغم قلّة المخيّمات مقابل التواجد الكثيف للنازحين، الذين كان لهم دور في إحداث حراك تجاري في مدينة إب، إلّا أن معظم الأسر النازحة احتضنتها أسر في المدينة وخارجها، وقدّمت لها المأوى والمأكل والمشرب، سيّما وأن معظم الأسر القاطنة في مدينة إب تنحدر من أرياف المحافظة، ويعمل أبناؤها في دول الخليج والولايات المتّحدة الـمريكية وبريطانيا. ويبلغ إجماليّ المغتربين من أبناء المحافظة في مختلف دول العالم قرابة المليون مغترب، وهو ما انعكس إيجاباً على الأوضاع المعيشية لمعظم أبناء المحافظة.


محاولات فاشلة
أفتى مفتي إب، الشيخ عبد الرحمن الحميدبي، بتحريم القتال في المدينة، ودعا إلى تجنبيها الدمار والخراب والحفاظ على دماء أبنائها وعلى سكينة أهلها. ووافقه في ذلك الشيخ السلفي، محمّد المهدي، الذي يعدّ أحد المرجعيّات السلفية في اليمن. وتجاوزت الأحزاب السياسية خلافاتها، واتّفقت خطّيّاً على عدم السماح بتفجير الأوضاع في المدينة، فيما وقّع قبائل ومشائخ المحافظة وثائق قبيلة تحرّم تحويل قراهم ومديريّاتهم إلى ساحات للعنف. إلّا أن حزب "الإصلاح"، الذي يمتلك قاعدة حزبية عريضة في المحافظة، عمد عمد إلى فتح جهات داخل عدد من مديريّاتها، منذ النصف الثاني من العام الماضي، محاولاً تحقيق أيّ تقدم باسم "المقاومة الشعبية" الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وتمّ تفجير الأوضاع في بعدان والشعر والعدين وقعطبة، غير أن كلّ تلك الجبهات التي لا يزال بعضها مشتعلاً لم يحقّق نتائج تُذكر لـ"الإصلاح". 


رعب العبوات الناسفة 
لم تسلم مدينة إب من القصف الجوّي الذي شنّته طائرات "التحالف العربي" داخل المدينة أو خارجها، بل تعرّضت لعشرات الغارات التي استهدفت مجمّعات سياحية ورياضية، ومنازل مواطنين، ومواقع عسكرية ومعسكرات، نجم عنها سقوط العشرات من القتلى والجرحى. ولغياب دوافع الحرب توقّفت تلك الغارات، إلّا أن الفشل في المواجهات دفع ببعض التيّارات المتطرّفة المناهضة للسلام إلى تدشين موجة كبيرة من الإنفجارات بواسطة عبوات ناسفة،
استهدفت، على مدى الأشهر الماضية، رجال أمن، وزُرعت أمام الأسواق، وعلى أرصفة الشوارع العامّة، وفي جوانب الطرق، وبالقرب من المدارس والفنادق العامّة، والمنتزهات، بهدف إثارة الخوف والرعب في أوساط سكّان المدينة, خوف يُضاف إلى القلق المتنامي من الإنتشار الكثيف للكلاب الضالّة، والتي تسبّبت بارتفاع الإصابات بداء الكلب إلى أعلى المستويات خلال الفترة الماضية.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص