السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أزمة الكهرباء تتفاعل... "أنقذونا ولو بماطور صيني"
الساعة 21:09 (الرأي برس - عربي )

تتزايد الإحتجاجات الشعبية في عدن على تردّي أوضاع خدمات الكهرباء، في وقت تبدو فيه السلطات المحلّية عاجزة عن إيجاد حلول للأزمة. ظلام دامس وجوّ حار يبلغ 40 درجة مئوية يخيّمان على عدن. وبخروج محطّات توليد الكهرباء عن الخدمة تضاعفت حالة الطقس، واستحالت أشبه بجحيم لا يُطاق لدى سكّان هذه المدينة الساحلية.


ابتداءً من يوم السبت، بدأت الشوارع العامّة تعجّ بالمحتجّين الذين قطعوا الطرقات في الشيخ عثمان وحيّ القاهرة وعمر المختار ودار سعد، في مشهد ارتأى البعض أن يوصّفه بـ"ثورة الكهرباء".
توصيف لم ير محافظ عدن، اللواء عيدروس الزبيدي، الذي اتّهم بعض الأحزاب بممارسة "الإستغلال الرخيص لمعاناة أهلنا، وتوظيفها توظيفاً يخدم مشاريع عدائية لأمن واستقرار ونماء عدن، ويهدف إلى إغراقها في المحافظة"، معتبراً "ممارسة أعمال عنف تحت مبرّر الإحتجاج على انقطاع الكهرباء جزءاً من ذلك الإستغلال".


هذا التصريح جاءت بعض ردود فعل الوسط الإعلامي متناغمة معه، فيما بدت ردود أخرى مغرّدة في سرب مغاير


"ثورة الكهرباء مؤامرة"
بالتوازي مع اشتعال الإحتجاجات والمصادمات في شوارع عدن، والتي راح ضحيّتها الشاب محمّد عوض، احتدمت الساحة الإعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي بالمواقف والمواقف المضادّة. الصحافي ياسر اليافعي، رئيس تحرير صحيفة "يافع نيوز"، الصادرة في عدن، يميل إلى توصيف الحالة بأنّها "مؤامرة خلفها حبتور وبقايا المخلوع"، وأن "القائدين عيدروس وشلّال أمامهما مسؤولية تفكيك شفرة اللعبة، وإلّا فإنّهما ضحية... الشعب لن يصمد طويلاً" . في حين يتحدّث الإعلامي الجنوبي، صلاح بلغبر، عن "مؤشّرات قوية إلى وجود مخطط لإغراق عدن في الفوضى"، معتبراً أن "الساعات القادمة ستكون حاسمة". وقال إن "من بين تلك المؤشّرات وجود مجموعة من الجنود تخرج منذ يومين من أحد المعسكرات المعروفة بالتبعية لعلي محسن، تقوم بإحراق الإطارات في الشوارع، وما إن تتجمّع الناس الغاضبة من انطفاء الكهرباء، حتّى تنقل أولئك لمكان آخر"، مضيفاً "أنّنا رأينا تلك الوجوه، اليوم، في المنصورة، وقبل قليل في الشيخ، وأمس في المعلّا، ومنها أيضاً إعلان بعض أصحاب الإرتباطات المشبوهة أنّهم سيعلنون فكّ الإرتباط. أيضاً، المشاكل التي تحدث في الضالع، وهناك مؤشّرات أخرى كثيرة لم يحن الأوان للحديث عنها".


وأشار إلى أن "عملية الترحيل استندت إلى معلومات مؤكّدة بالتخطيط لإسقاط عدن في هذا اليوم، وهناك خلايا ضبطت مرتبطة بالموضوع".
من جهته، يعتبر الإعلامي والناشط الجنوبي، عبدالسلام عاطف جابر "ما يحدث من تضييق الحياة في عدن وقطع الكهرباء مؤامرة تكاد تنجح"، لافتاً إلى أن "هدفها تبرئة الشرعية وتركيع الحنوبيّين وإسقاط ‏اللواء عيدروس، فالحذر الحذر"، مختتماً منشوره بوسم " ‏مع_عيدروس_لو_نلصي_فانوس ".


"ثورة الكهرباء ليست مؤامرة "
فريق آخر من الإعلاميين اتّخذ مواقف مدافعة عن "ثورة الكهرباء"، ورافضة لتوصيفها بـ"المؤامرة". محرّر صحيفة "عدن تايم"، أحمد الدمّاني، كتب مقالاً تحت عنوان "إلى حاملي المبخرة"، قال فيه إن "هناك أطرافاً ليس لها صلة بالوطنية، بل مجرّد صورة مع العلم الجنوبي التقطت لهم في إحدى الدول العربية، وهناك أيضاً أشخاص لديهم صلة قرابة وجوار لحاكم عدن، بدأوا في عملية استفزاز أبناء عدن فوق استفزاز الكهرباء". ويضيف أنّه "يتمّ إلصاق تهمة إخواني لأيّ شخص خرج لقطع الخطوط مطالباً بعودة الكهرباء، يتمّ اتّهام من يحتجّ على الفساد والفشل في إدارة عدن بأنّه عميل، يستلم أجرة من الحوثيّين وعفاش لزعزعة استقرار عدن ". ويتابع "كلّ هذه التهم لمجرّد أنّك تقول أريد حقّي، أريد أبسط حقوقي كمواطن، تصبح هكذا. في السابق كان إذا تمّ المقص من أحد يتمّ اعتقاله، ويتمّ تصنيفه قاعدة، والسبب أن هذا الشخص رفض أن يكون أداة لأجهزة الأمن". صحافيّون: "الحقيقة المرّة أن الأشقّاء يفكّرون في أمنهم القومي فقط"
وتوجّه الدماني إلى المتّهمين بالقول: "قبل أن تصل رسائل تهديداتكم ووعيدكم، اذهبوا يا حاملي المبخرة إلى أسيادكم، وأخبروهم أن مسنّين وأطفال وجميع المرضى في عدن يريدون كهرباء كهرباء، وبعد أن تأتي الكهرباء سأكون منتظراً لباقي الصكوك الوطنية الخاصّة بكم". 


بدوره، توجّه الصحافي كرم أمان، رئيس تحرير موقع "عدن حرّة"، إلى محافظ عدن، اللواء عيدروس الزبيدي، قائلاً: "حذاري من غضب الشعب... فثورة الغضب لا تبقي ولا تذر..."، وطالبه بأن "امتصّ غضب الشارع بتحسين أهمّ الخدمات في عدن وهي الكهرباء والمياه والمرتّبات... وأوقف أيّ مواضيع أو مشاريع أخرى"، زائداً "إحفظ صورتك وحافظ على محبّتك ورصيدك لدى الجنوبيّين، ولا تشوّهها تحت أيّ ظرف كان... لأن صبر الشعب أكيد سينفذ يوماً ما ". وأردف "اقتلع جذور الفساد من مؤسّسة كهرباء عدن، وقم بتكليف شخصية نزيهة تستطيع أن تعيّن بطانة نزيهة".


العصا من الوسط
فريق ثالث من الإعلاميين آثر إمساك العصا من وسطها. مراسل قناة "أبوظبي" في عدن، ماجد الشعيبي، رأى أنّه "لا يمكننا بأيّة حال تأويل أيّ احتجاجات شعبية أنّها ضدّ المحافظ عيدروس، خصوصاً إذا كان الأمر متعلّقاً باحتياجات الناس الأساسية"، منبّهاً، في الوقت نفسه، إلى إمكانية "أن يكون الهدف الأخير من الإحتجاجات زعزعة الأمن والأستقرار في العاصمة عدن، عبر استغلال هذه الإستحقاقات ذريعة لتعميم الفوضى".


ولفت الشعيبي إلى أن "مشكلة الكهرباء ليست مشكلة وليدة اللحظة، وحلّها لا يمكن أن يتحقّق في يوم وليلة، لهذا، السلطات معنية بحلّ هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن، وإنهاء معاناة المواطنين"، داعياً المواطنين، في المقابل، إلى "مراعاة الظروف الإستثنائية التي تمرّ بها عاصمتنا الحبيبة عدن، وتجنيبها أيّ اختلالات أمنية مضاعفة قد تخدم الأطراف التي تسعى إلى تقويض سلطة المقاومة الجنوبية، وإخضاعها لمسلسل الفوضى التي لا يمكن أن تحمد عقباها إن حدثت". 


من جانبه، أيّد الإعلامي البارز لطفي شطارة "مساعدة المحافظ لا محاربته"، واستعرض، في مقال مطوّل، تراكمات الفساد في مؤسسّات خدمات الكهرباء، مشيراً إلى أنّه "بدأ خراب الكهرباء بشكل عام مع بدء نظام التأجير لتوليدها، والذي أسّس لأباطرة فساد في كلّ جزء من هذه المنظومة. وزراء في نظام المخلوع صالح أسّسوا لهذا الفساد في الطاقة، ثمّ جاء وزراء في حكومة الوفاق بعد ثورة الشباب، وصعد وزراء فاسدون جدد بينهم جنوبيّون استغلّوا سلطتهم كممثّلين للإصلاح، ودخلوا لعبة الفساد في الطاقة المؤجّرة عبر شركات مع أقربائهم لتأجير الطاقة، أو الإستيراد لمواد توليدها". واعتبر أنّه "لا يمكن ،بأيّ شكل كان اليوم، أن نحّمل فساد الطاقة المؤجّرة في عدن مثلاً المحافظ عيدروس الزبيدي، أو في حضرموت بن بريك، والتي تحتاج إلى فكّ الشيفرة التي تحرّك هذا الفساد في الطاقة، الذي دوّخ دول التحالف وتحديداً الإمارات، التي صدمت باستشراء الفساد بين المسؤولين ليس عن الطاقة فحسب، بل وفي قطاعات كثيرة". 


وعاد شطارة، في ختام مقاله، لتأييد نظرية المؤامرة بقوله "إني أشتمّ حملة منظّمة وغير مسؤولة على محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، الذي لم يتجاوز بضعة أشهر، وتحميله فساد عشرات السنين".


دور السعودية
من بين كلّ تلك المواقف برز موقف لافت للصحافي فتحي بن لزرق، ناشر ورئيس تحرير صحيفة "عدن الغد". إذ ألقى بن لزرق باللوم كلّه على السعودية، قائلاً إنّه "خلال الحرب ألقت السعودية في محافظات الجنوب الآلاف من أطنان الأسلحة المقدّرة قيمتها بمليارات الريالات، وكان الهدف، كما قيل، مساعدة الناس في التصدّي للحوثيّين ونصرة لهم".


وتابع أنّه "اليوم يموت عشرات الآلاف من الناس بسبب شدّة الحرّ في عدن. تكلفة 200 ميجاوات لن تتجاوز تكلفة 4 مناطيد أسلحة، ولكن، لم يفكّر أحد بإلقاء ماطور صيني، بقوّة 3 كيلووات".
وأردف بن لزرق أن "الواجب الأخلاقي يقول إنه مثلما وقفنا وضحّينا بالمئات من الشهداء لأجل الدفاع عن أمن الخليج الإقليمي، يجب ان يقفوا معنا في محنة الكهرباء هذه"، منبّهاً إلى أنّه "اليوم، يموت الناس فعلاً، وعدد الضحايا جاوز العشرات بسبب شدّة الحرّ، وكارثة أكبر تلوح في الأفق".
واختتم بن لزرق منشوره بأن "الحقيقة المرّة أن الأشقاء يفكّرون فقط بأمنهم القومي، ومادون ذلك إحرق إحرق حتّى تموت".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً