الاربعاء 13 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الاثنين 4 نوفمبر 2024
طمّاح: نحن جزء لا يتجزّأ من منظومة التحالف
الساعة 19:31 (الرأي برس - عربي )

سبعينيّات القرن الماضي برز اسم محمّد صالح طمّاح في جنوب اليمن، كأحد أبرز الوجوه في القوّات المسلّحة التابعة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقاً). تدرّج طمّاح في مناصب عسكرية عدّة حتّى عيّن مستشاراً لوزير الدفاع. ومع انتهاء حرب صيف 1994 كان من بين الضبّاط الذين تمّ تسريحهم من وظائفهم. واقعة حفرت أثرها في وجدان طمّاح الذي شكّل، بعد سنوات، عماداً رئيساً من أعمدة جمعية المتقاعدين العسكريين، نواة الحراك الجنوبي المطالب بفك الإرتباط عن الشطر الشمالي من اليمن. يشغل العميد محمّد صالح طمّاح، اليوم، منصب نائب رئيس مجلس الحراك في محافظة لحج، ورئيس المجلس العسكري الجنوبي في المحافظة نفسها. في مقابلة مع "العربي"، يستقرئ طمّاح واقع الحراك راهناً، والتحدّيات الماثلة أمامه، مستشرفاً، من وجهة نظره، ما ستؤول إليه مشاورات السلام المنعقدة في الكويت.


كيف تنظرون إلى المشهد السياسي اليمني، اليوم، في ظلّ ما ترسله مشاورات الكويت من مؤشّرات سلبية، لا يُستبعد أن تؤدّي، في نهاية المطاف، إلى فشل ذريع؟
لا شكّ أنّكم تدركون تطوّرات المشهد السياسي اليمني، والأحداث الكارثية التي يمرّ بها اليمن منذ مايو 1990، مروراً بفشل الوحدة، ووثيقة العهد والإتّفاق، وحرب صيف عام 94، واستمرار الصراع منذ ذلك الحين، والذي توّج باحتلال الجنوب ورفض الجنوبيّين لسياسة الإحتلال اليمني، واستمرّ في مقاومة الإحتلال، منذ ذلك الحين، وتوّج بالثورة السلمية الجنوبية في 2007، وثورة التغيير في الشمال في 2011، وأخيراً عاصفة الحزم التي أحداثها مستمرّة حتّى اليوم. ولقد غيّرت عاصفة الحزم موازين القوى لصالح القوى الوطنية في الشمال، والثورة التحرّرية في الجنوب، وأصبح المشهد السياسي اليمني أكثر تحوّلاً لصالح التغييرات الجذرية شمالاً وجنوباً.


إن الحوارات التي جرت وتجري الآن في الكويت لن يُكتب لها النجاح، لأنّها ابتعدت عن جوهر الصراع والأزمة الحقيقية، وهي القضية الجنوبية. وبدون حلّ هذه القضية، والدخول في الحوار المباشر بين الشمال والجنوب، سيظلّ المشهد السياسي في صراع دائم لا يمكن أن يتوقّف، إلا بالإعتراف بحقّ شعب الجنوب في فكّ الإرتباط واستعادة دولته المستقلّة، على حدود ما قبل 1990.


ماذا لو نجحت مفاوضات الكويت في التوصّل إلى تسويه سياسية، من دون أن تكون القضية الجنوبية جزءاً منها. كيف سيكون موقفكم؟
نحن موقفنا وموقف الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية وكلّ طيف الشعب الجنوبي بكلّ مكوناته واضح، من قبل أن تعقد مفاوضات الكويت، ومن كلّ الحوارات التي تُعقد بين الإحتلال؛ أوضحنا فشلها قبل انعقادها. سواءً اتّفق أو لم يتّفق المتحاورون في الكويت، فهم كلّهم أبناء منطقة واحدة وأهدافهم واحدة واتّجاهاتهم واحدة، ولكن خلافهم على النفوذ والسلطة والغنائم والفساد، ونتمنّى أن يتّفقوا في ما بينهم حتّى تُعقد الجولة الجديدة بين الجنوب والشمال. وإذا لم يتمّ ذلك، نؤكّد أن الحلول سوف تظلّ مفقودة، والأمن والإستقرار مفقودَين، وتجاهل قضية الجنوب لايمكن أن يحقّق أي هدف لأيّ كان. ونحن على يقين، وفي الواقع منذ 94، بأنّه لايمكن أن يتمّ استقرار أو سلام أو مصالحة إلّا في العودة إلى دولتين متجاورَتين تنعم كلّ منهما بالأمن والإستقرار والتعايش السلمي إن أرادوا ذلك. وإن رُفض الحوار الندّي بين طرَفي الأزمة اليمنية فلا يمكن أن تحلّ أيّ من القضايا. وندعو الأشقّاء في مجلس التعاون الخليجي إلى مراعاة المشهد السياسي اليمني، وأن يقفوا مع حقّ شعبنا الجنوبي الذي تعرّض لأبشع صنوف الإرهاب والقهر والبطش، من قبل نظام صنعاء الإحتلالي. ونحن على ثقه بأن تدخّلهم سيساعد على حلّ هذه الأزمه العميقة. طمّاح: عوامل كثيرة وعديدة تعترض توحيد جهودنا


يبدو، من خلال التصريحات وبعض الإجراءات العملياتية، أن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، تميل إلى تكريس الأقاليم كأمر واقع. كيف تنظرون إلى هذا المشروع الذي كان مؤتمر الحوار اليمني قد أقرّه؟ 
موقفنا من موقف شعبنا الذي واجه الإحتلال اليمني منذ عام 94م . ورأينا في الحراك الجنوبي واضح: تحرير واستقلال واستعادة دولة. وقدّم شعبنا على هذا الطريق قوافل من الشهداء والجرحى والمعتقلين، وذاق مآسي الاحتلال التي لا توصف، وعلى هذا الأساس تعتبر الوحدة المشؤومة منتهية في ضمير ووجدان شعبنا الجنوبي. وموقف الحراك الجنوبي من حوار صنعاء كان واضحاً ورافضاً لتلك المهزلة والمسرحية الرخيصة، وكنّا على يقين بفشل تلك الحوارات ومخرجاتها، ولا زلنا نرفض الإنتقاص من حقّ شعبنا في تقرير مصيره على ترابه الوطني وإستعادة دولته المستقلّة، بحدود ما قبل عام 90م، مع مراعاة التطوّرات التي أفرزتها عاصفة الحزم في الحفاظ المشترك على الأمن القومي العربي، وأمننا وأمن جيراننا في مجلس التعاون الخليجي، فنحن جزء لا يتجزّأ من منظومة التحالف العربي، الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.


تضعون "الإستقلال" هدفاً لكم. ما هي استراتيجيّتكم لتحقيق ذلك؟
في اعتقادي، أن استراتيجيّتنا واضحة المعالم منذ حرب 94. نرفض الإحتلال بكلّ صوره وأشكاله. وقد وقف شعبنا سدّاً منيعاً في مواجهة جحافل الإحتلال منذ ذلك التاريخ، وقدّم في سبيل ذلك آلافاً من الشهدا وآلافاً من الجرحى والمعتقلين والمشرّدين، وعانى شعبنا أسوأ احتلال في تاريخ البشرية. ورغم كل الإجراءات القمعية لقوّات الإحتلال، إلّا أن شعبنا استطاع أن يعلن عن ثورته السلمية في 7/7/2007، وكان واضحاً في مطالبه، وعبّر عن ذلك في كل نداءاته وبياناته وإعلاناته ووثائقه ومهرجاناته ومليونيّاته، وكلّ كتّابه وشعرائه ومثقّفيه ومناضلينه العسكريّين والأمنيّين، وكلّ فئات الشعب بدون استثناء على هدف واحد ورأي واحد، وهو طرد الإحتلال واستعادة الهوية الجنوبية وبناء الدولة الجنوبية الوطنية الحرة على كامل تراب الوطن، بحدود ماقبل عام 90. هذه هي الأهداف الإستراتيجية التي لارجعة عنها، آخذين بعين الإعتبار التطوّرات التي أفرزتها عاصفة الحزم، بقيادت المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتّحدة، حيث أنّنا أصبحنا شركاء أمام مصير الأمن القومي العربي، وكذا أمننا وأمن مجلس التعاون الخليجي، والأمن العالمي، لأن بلادنا تتمتّع بموقع استراتيجي هامّ. وننظر بعين الإعتبار إلى الطريقة التي يتمّ من خلالها استعادة الدولة الجنوبية، والوسائل الممكنة التي تضمن حق شعبنا في تقرير مصيره.


إذاً، لماذا تعجزون عن إيجاد حامل سياسي موحّد؟
أقول لك إن شعبنا الجنوبي العظيم هو الحامل السياسي، والضامن الحقيقي لأهدافه الوطنية، والحراك الجنوبي هو الحامل السياسي الموحّد لقيادت النضال التحرّري، وأثبت ذلك طوال عقود من الزمن. وفي اعتقادي، أن هناك توافقاً لتوحيد الإطار القيادي، خاصّة في هذه الظروف التاريخية. وإننا على ثقة بأن معظم قيادات الجنوب مقتنعة بحقّ شعبنا في تقرير مصيره، ولكن هناك عوامل عديدة وكثيرة تعترض توحيد جهودنا، وإبراز قيادة فعّالة، منها سلطة الإحتلال وماسخّرته من وسائل قمعية ضدّ كوادر الجنوب، حيث أن معظم قيادات الجنوب مشرّدون في أصقاع الأرض، ومن الصعب تجميعهم في مكان ما، وعدم وجود الإمكانيات المادّية، لأن النظام القمعي استخدم سياسة التجويع والتشتيت تجاه شعبنا. ولكنّنا اليوم، بفضل التدخّل العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتّحدة، الذين أدركوا حجم المخاطر التي تهدّد وجودنا جميعاً، وهذا التدخّل قد غيّر مجرى الأحداث، وأربك كلّ المخطّطات العدوانية لنظام الإحتلال، ونحن سائرون في طريق توحيد كلّ جهود أبناء الجنوب خلال الفترة القادمة، بإذن الله تعالى. 


كيف تنظرون إلى الحملة الأمنية في عدن، في ظلّ الإتّهامات الموجّهة إلى السلطة المحلّية باتّخاذ إجراءات عنصرية، تحت ستار الأمن؟
في اعتقادي، أن المسألة الأمنية تحتلّ الدرجة الأولى في أيّ بلد من بلدان العالم، وعلى الجوانب الأمنية يتوقّف كلّ شيء: أمن المواطن والحفاظ على السكينة العامّة والممتلكات الخاصّة والعامّة. وكذا، يعكس الجانب الأمني وجه السلطة وقدرتها على تحمّل المسؤولية، ولا اعتراض على مسمّى الحملة الأمنية، ولكن أنا لست مع تلك الطريقه المفاجئة التي تمّت بها تلك المعالجات. أوّلاً، كان من المفترض أن يوجّه إنذار لكلّ من لايحمل أيّ هوية وثبوتيات، بأن عليه المغادرة فوراً، ويُعطى وقتاً زمنيّاً محدّداً. ثانياً، يجب أن تستهدف الحملة الأمنية تلك العناصر المخرّبة والمرتبطة بالأعمال الإجرامية والمخلّة في الأنظمة والقوانين والمرتبطة بدوائر الإستخبارات. ثالثاً، كان يفترض أن يشمل الإجراء الأمني كلّ مديريّات المحافظة، وكذا كلّ المحافظات المحرّرة، بتعليمات من سيادة الرئيس ووزير الداخلية وقيادات المنطقه والسلطات المحلّية، لكي يتحمّلوا المسؤولية جميعاً وليس جهة منفردة. نحن مع تشديد الإجراءات الأمنية على جميع المخالفين، من أيّ محافظة كانوا بدون استثناء، حتّى لاتعطى فرصة لتشويه الإجراءات المخلصة والقانونية، والله وليّ التوفيق.


كيف تقرأون قرار منع دخول القات إلى عدن؟
نؤيّد أيّ قرارات أو إجراءات أو أيّ معالجات تستهدف قلع هذه الشجرة الخبيثة، ومنع تداولها كأحد أنواع الموادّ المضرّة بصحّة الإنسان، وبشخصيّته. كما أنّنا ندعو كلّ إنسان يتمتّع بالثقافة والحرص على مستقبل الوطن الجنوبي العزيز، وعلى أبنائنا، إلى العمل من أجل بناء جيل حضاري يتمتّع بالعلم والمعرفة. إنّنا نشعر بالحزن عندما نشاهد الأطفال في مقتبل العمر، وهم يتناولون تلك الشجرة الخبيثة التي تلهيهم عن أداء واجباتهم مثل التعليم والصحّة وتأخذ من الوقت الكثير، وتستنزف الإنسان اقتصاديّاً وصحّيّاً. وأسترشد بتصريح المهاتير محمّد، رئيس وزراء ماليزيا، عندما زار اليمن، وأشار إلى عدم تطوّر الشعب اليمني كلّه سواء جنوباً أو شمالاً عندما قال إن هذه الشجرة تستنزف 60%من المياه العذبة للقات و60%من الأراضي الصالحة للزراعة. إنّها هدر للوقت في الجلوس وتضييع ساعات، والناس في الشوارع والمقاهي، وتحت الأشجار والوديان، وفي كلّ مكان، والناس مرمية بدون تفكير في أيّ واجب أمام أسرهم وأنفسهم ووطنهم. ويجب أن تنهض القوى الثورية أوّلاً لكي يضرب بها المثل ويبدأ التطبيق من عندها. ولنا تجربة في ذلك، عندما اتّخذ الرئيس الشهيد سالم ربيع علي قرار منع القات ماعدا الخميس والجمعة. ونتمنّى أن ينتهي القات نهائيّاً وأن توجد بدائل للمواطن كي يقضي وقته في أماكن مفيدة مثل الرياضة والمكتبات والتعليم. الله يرحم الشهيد سالم ربيع علي، وربنا يوفقّنا جميعاً لأن نسير على طريق التخلّص من هذه الآفة الخبيثة.


كلمة أخيرة؟
تحيّة لشعبنا الجنوبي الصامد والمثابر في ميادين الشرف والبطولة، وندعوهم إلى توحيد الصفّ، والإلتزام بمبادئ وأهداف ثورتنا التحرّرية. وتحيّة خاصّة إلى دول التحالف العربي في عاصفة الحزم، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتّحدة. وألف رحمة على أولئك الذين وهبوا أرواحهم فداءً لأرض الجنوب الطاهرة، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً