الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
هل حان وقت عودة المثقفين اليمنيين إلى الواقع؟!
الساعة 22:55 (الرأي برس - ابابيل نت)

يواجه المثقفون اليمنيون، من يعول عليهم في قيادة التحولات، مشاكل عدة، أبرزها، أن الغالبية كأفراد والجميع كأحزاب، يعيشون داخل عالم من الأوهام والخيالات التي لا تنتهي، والتي أنتجت لنا بالمحصلة تشوهات عدة، حتى أصبح الصراع يصور وكأنه يدور في عالم غير هذا الذي نعيش فيه، ومن أجل أهداف لا علاقة لها بالمصالح المباشرة للشعب.


كل يوم يظهر عشرات الكتاب والناشطين وحتى المسئولين على الفضائيات يناقشون الشأن اليمني. وهؤلاء لديهم ذلك العجز المزمن الذي يمنعهم من ملامسة جوهر المشكلة، وتبيين معالم الصراع الحقيقي. نريد دولة بينما نعالج مشاكلنا بنفس طريقة منظمات المجتمع المدني!. بربكم هل نجحت هذه المنظمات في حل مشكلة واحدة في أي مكان من العالم؟


يدور الصراع في الواقع، ونشأت بذوره وتطورت مساراته في الواقع أيضا، ولا يمكن الحصول على فهم حقيقي ومن ثم طرح حلول مناسبة دون مغادرة عالم الأوهام الأثيري. بمعنى آخر دون العودة إلى ميدان الصراع الفعلي والمساهمة الفاعلة في توجيه هذا الصراع نحو وجهته الحقيقية.

الأمم المتحدة، البنك الدولي ومجمل المؤسسات التي أنتجتها الرأسمالية والثقافة الليبرالية، على المستوى الدولي أو حتى الوطني، هي مؤسسات أصبحت تتحكم بعالم اليوم وتطبعه بطابعها. وهي بالمحصلة ليست سوى التضخم في أقصى تعبيراته المادية لعالم الأوهام التي يتم تسويقها للعالم الثالث، حيث العجز عن فهم المشكلات والعجز عن حلها هو ميثاق الشرف الذي لا يمكن الخروج عليه. وهو أمر متعمد على أية حال، فالعالم لا يعيش في نفس عالم الأوهام الذي نعيش فيه كما قد نعتقد، العالم فقط يساعدنا على الانغماس ويبارك خطواتنا الجادة في هذا المجال.


لهذا بان كي مون يعبر كل يوم عن قلقه، وولد الشيخ كل يوم يعبر عن تفاؤله، بينما اليمنيون يقتلون ويموتون جوعا ومرضا، ويجري تحشيدهم خلف يافطات تم جلبها من أقبية التاريخ، وبدلا من وضوح الرؤية أمام من يبدون اهتماما، في أحسن الأحوال ستجدهم حاملين لعصا الوعظ انطلاقا من عوالم الأوهام الداخلية، أو مجرد رجع صدى لانحطاط الواقع وتجلي عدم قدرتنا على احتماله سوى بالتعاطي معه كواقع فرض نفسه ومن نفس المنطلقات التي يثيرها.


وكما كتب معن دماج في وقت سابق، وهو على رأس قلة من المثقفين الذين يمكن استثناءهم من الوضع الذي أصبح عليه المثقفين في هذا البلد، كتب يقول: “مع بائعي أوهام الهويات الدينية الرجعية وكل أنواع الهويات، يقسم الشعب ويخوض الفقراء معارك الزيف ضد بعضهم ومن أجل الأوهام… الأوهام والكوابيس!!” بينما المطلوب، ولا يزال الكلام لمعن، أن “يتوحد الشعب في مطالب الحرية والخبز والهيمنة الشعبية على الثروة المشتركة”.


بالطبع ثمة عدد كبير من المثقفين الذين لا يزالون على علاقة بالقضية الوطنية وبهموم الغالبية من أبناء الشعب، سواء كان المنطلق ثوري أو حتى إصلاحي. هؤلاء مثلا يقفون على الضد من تحالف الحوثي وصالح السلطوي الذي هو في الأساس ثورة مضادة للتاريخ ومساراته المشرقة، كما للحاضر وفرصه النادرة التي يمكن من خلالها جعل حياة ومستقبل اليمنيين أفضل. لكنهم ينسون أن المواجهة الحقيقية لا يمكن أن تتوافق مع كل هذا التشبث بالعالم الطوباوي ومع إبداء هذي الممانعة العجيبة في رفض النزول إلى الواقع.


ثم هناك “حالة الاستسلام للمقسوم” السائدة وسط المثقفين، وهذا توصيف لعبد القاهر عبده سعيد، وهو مثقف نوعي آخر، حيث لا يستبعد أن تكون الأوهام هي من قادت إلى تلك الحالة الاستسلامية التي أصبحت تتميز بصلابة الخنوع. وبرأيه “تكمن الخطورة هنا في أن الأوهام يمكن الافاقة منها بهزة واقعية شديدة لكن الاستسلام للمقسوم يقوض كفاحية الجماهير”.


وبالمحصلة يبقى أن القضية العادلة، ليست مهمة فقط لأجل أن يصبح الموقف الأخلاقي متفوقا، بالنسبة لمن يؤمنون بها، كما أنها أبعد بكثير من مجرد موقف أو منشور في فيس بوك بالنسبة لمن يفترض بهم أن يقودوا نضالاتها اليومية. القضية العادلة، وقضية اليمنيون هي عادلة بامتياز، لابد أن يمنح الوعي اللازم بها طاقة مادية كبيرة، ينبغي استثمارها لانجاز المهام الملحة. تلك التي من شأن انجازها أن تقود الجموع المقهورة إلى الانتصار في نهاية المطاف.


والوعي الحقيقي ـ بالضرورة ـ معاكس لعالم الأوهام الجميل، لذلك العالم الطليعي السائد في الواقع اليمني.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص