- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
تصرخ والدة صخر أحمد مياس، الفتى العشريني المعتقل لدى جماعة الحوثيين منذ 25 نوفمبر 2015م:" إذا كان ابني مخطئا فليحاكموه ويعاقبوه، وإلا فليطلقوا سبيله ليعود إلى حياته، عيوني وهنت من البكاء"..
تجسد عبارات الأم خديجة محمد مياس معاناة المئات من عائلات المعتقلين تعسفياً لفترات تصل بعضها إلى نحو عام دون توجيه تهم قانونية تبرر أسباب الاعتقال وبدون محاكمات ودون أي إجراءات قانونية..
تتساءل خديجة بوجع:" ماذا أفعل؟ ولمن أتجه؟ لقد قمت بكافة الإجراءات القانونية، وقمت بالاستجداء والوقوف اليومي في مكاتب المختصين، دون أية فائدة، كله ظلم وافتراء وتعسف"..
منذ انقلابها وسيطرتها على السلطة في اليمن أواخر سبتمبر من العام 2014، شنت جماعة الحوثي المسلحة حملة واسعة من عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري طالت مئات المدنيين في المحافظات الخاضعة لسيطرتها تركزت معظمها خلال العام 2015..
شكل الـ 21 من سبتمبر 2014، وفقاً للتقرير، نقطة تحول مفصلية في مسار العملية السياسية في اليمن لتتسع دائرة النزاع المسلح وتزداد حدة عنفوانه موجدة بذلك مدخلاً لوضع جديد يتسم بالتردي غير المسبوق في حالة حقوق الإنسان والحريات العامة.. في هذا التاريخ سيطرت جماعة الحوثي المسلحة بالتعاون مع قوات عسكرية موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح على العاصمة صنعاء بقوة السلاح لتفرض الجماعة نفسها سلطة أمر واقع بديلة.
ما سبق أوردته منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في تقريرها حول وقائع الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري تحت سلطة جماعة الحوثيون المسلحة في اليمن، والمعنون بـ" ليسوا هنا"..
تعطيل أجهزة الضبط
تتهم المنظمة الحقوقية اليمنية جماعة الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء وبقية المحافظات بتعطيل أجهزة الضبط القانونية من أقسام شرطة وأجهزة أمن ونيابات، وأحلت بديلاً عنها مجاميعها المسلحة مقوضة بذلك القوانين النافذة الحاكمة لإجراءات القبض والإيقاف والإفراج والإحالة، وهو ما ترتب عليه وقائع انتهاكات جسيمة لحقوق مئات الأفراد الذين اعتقلتهم الجماعة وتعرضوا لسلسلة من الانتهاكات و ضروب مختلفة من أشكال المعاملة المهينة في مختلف المراحل. بالإضافة إلى احتجاز عدد من المعتقلين في أماكن احتجاز غير قانونية وغير ملائمة، بعضها منازل خاصة أو مدارس أو مؤسسات حكومية احتلتها الجماعة..
يقول التقرير:
أدى احتجاز معتقلين في أماكن معرضة للقصف في مدينة ذمار إلى مقتل ثلاثة من بينهم صحفيين اثنين، وقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، في قصف لطيران التحالف وهي واقعة ترفع باستمرار مخاوف أسر المختفين قسرياً والمعتقلين تعسفياً وتزيد من قلقهم على سلامة ذويهم الذين لا يزالون رهن الاختفاء القسري أو الاعتقال.
وقائع اعتقال واخفاء
تحققت منظمة مواطنة لحقوق الانسان من 53 حالة اعتقال تعسفي و26 حالة اختفاء قسري نفذتها جماعة الحوثي ضد مدنيين مختلفين ومعارضين سياسيين لها شكل المنتمين لحزب التجمع اليمني للإصلاح غالبيتهم. وقد طالت هذه الاعتقالات مواطنين عاديين وصحفيين محليين ونشطاء سياسيين ومدافعين عن حقوق الانسان، أطباء وأكاديميين ورجال دين وسياسة، وكذلك بعض أبناء الأقلية اليهودية في اليمن .كما تعرضت ثلاث نساء من قيادة التجمع اليمني للإصلاح للاعتقال والحجز المؤقت.
ويضيف:" ولم تنجُ الفعاليات المدنية السياسية والحقوقية من حملة القمع الموجهة والمضايقات الممنهجة، فلقد كان منظمو هذه الفعاليات هدفاً للاعتقال والاعتداءات والتهديد والمضايقات أكثر من مرة، عند محاولة الاحتشاد للمطالبة بكشف مصير المخفيين والمعتقلين، أو عند تنظيم عمل إنساني لا تقره الجماعة"..
فمن بين سلسلة استهداف الجماعة للحريات العامة والفعاليات المدنية والحقوقية، يُعدالـ12 من أكتوبر 2015 حدثاً بارزاً، داهم فيه مسلحون تابعون للجماعة أحد فنادق مدينة إب وسط اليمن لتعتقل 30 ناشطاً مدنياً وصحفياً كانوا ينظمون لتسيير قافلة إغاثة بالماء لمدينة تعز التي كانت تشهد حصاراً خانقاً فرضته الجماعة آنذاك. ورغم إفراج الجماعة عن 28 معتقلاً منهم، إلا أن اثنين منهم الناشطان أمين الشفق 47 عاماً، وعنتر المبارزي 37 عاماً لا زالا رهن الاختفاء القسري حتى اللحظة.
توثيق شهادات
وثقت منظمة مواطنة شهادات أقارب للضحايا، تحدث فيها عدد منهم عن الظروف والمعاملة السيئة التي يعاني منها ذويهم المعتقلون وعن تعرض بعضهم للتعذيب وللتحقيق لساعات طويلة، كما أن الحالة الصحية لعدد من المعتقلين متدهورة ولا يتلقون الرعاية الصحية المناسبة، ومن بين المعتقلين تعسفياً 10 صحفيين ظلوا مختفين قسرياً لعدة أشهر قبل الكشف عن أماكن احتجازهم، ووضع بعضهم في زنازين انفرادية مع تعرضهم للتعذيب حسب بيان أصدره أهاليهم في مارس2016.
يسلط التقرير الضوء على وقائع الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري التي نفذتها سلطات الحوثي وطالت مدنيين في محافظات صنعاء، تعز، الحديدة، حجة، إب، ذمار و عمران، منذ سيطرة الجماعة على السلطة وحتى مايو 2016م.
وحققت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في 53 حالة اعتقال تعسفي تضمنت 10 صحفيين و26 حالة اختفاء قسري من خلال البحث الميداني وتنفيذ نحو 200 مقابلة مع عائلات الضحايا، والضحايا الذين تم الإفراج عنهم، وشهود العيان.
اعتقالات بدون تهم
وتحققت مواطنة من عدد من الاعتقالات التعسفية لأشخاص تم الإفراج عنهم في أوقات متفرقة، وتفاوتت فترات اعتقالهم من بضعة أيام إلى عدة أشهر، وشملت هذه الاعتقالات نشطاء مدنيين وأكاديميين ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين وكتاب ونشطاء سياسيين، بينهم ثلاث نساء قياديات في حزب الإصلاح، وجميعهم ممن كتبوا أو نفذوا أو سعوا إلى تنظيم فعاليات احتجاج سلمية ضد ممارسات وانتهاكات جماعة الحوثيين، هذا بالإضافة إلى أناس عاديين تم اعتقالهم دون سبب واضح، وقد تعرض كثير من المعتقلين المفرج عنهم بحسب شهاداتهم التي قدموها لمنظمة مواطنة للتعذيب والمعاملة السيئة، ومنهم من تم وضعه في أماكن مهددة بهجمات مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
بحسب العشرات من الوقائع التي حققت فيها منظمة مواطنة لم توجه تهم واضحة للمعتقلين، ولم تتخذ معهم الإجراءات القانونية المفترضة في هذه الحالات، وقد أمضى بعضهم رهن الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري ما يقارب العام أو يزيد، كما أن العديد من المعتقلين قد تعرضوا للاختفاء القسري لفترات طويلة قبل الكشف عن أماكنهم والسماح لذويهم بزيارتهم أو معرفة مكان احتجازهم..
وقد وثقت منظمة مواطنة شهادات أقرباء الضحايا، حيث تحدث عدد منهم عن الظروف والمعاملة السيئة التي يعاني/عانى منها ذويهم المعتقلون وعن تعرض بعضهم للتعذيب ولضروب مختلفة من المعاملة القاسية أثناء التحقيق معهم لساعات طويلة، كما أن الحالة الصحية لعدد من المعتقلين حسب إفادات أقاربهم متدهورة ولا يتلقون الرعاية الصحية المناسبة. ومن ضمن المعتقلين تعسفياً 10 صحفيين ظلوا مختفين قسرياً لعدة أشهر قبل الكشف عن مكان احتجازهم، فيما لا يزال الصحفي وحيد الصوفي رهن الاختفاء القسري حتى ساعة إصدار هذا التقرير مايو 2016.
عبد الحافظ جمعان.. وجبة إفطار ترسله إلى زنانين الحوثي
عند حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحاً من يوم الأحد الموافق 28 فبراير 2016م، وبينما كان عبد الحافظ إسماعيل جمعان، الرجل الأربعيني المتقاعد يتناول وجبة الإفطار مع سبعة من أصدقائه في شارع الزبيري بالعاصمة صنعاء، قدمت مجموعة من الحوثيين على متن طقم تابع للجماعة وقامت باعتقاله وأخذوهم إلى قسم شرطة البليلي..
في نفس اليوم تم نقلهم إلى إدارة أمن منطقة الوحدة في منطقة عصر، قيل لأسرته حينها بأنه تم نقلهم إلى إدارة البحث في شارع بغداد، غير أن جماعة الحوثي أنكروا وجودهم في قسم البليلي وقالوا بأنهم أفرجوا عنهم..
تقول ألطاف عبد الحافظ جمعان (27 عاماً)، وهي ابنة المعتقل:" بحثنا كثيراً عن أبي وأصدقائه وبقينا لأسابيع لا نعلم أين هم، وما سبب اعتقالهم، ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرض فيها والدي للاعتقال، فقد تعرض للاعتقال قبل أشهر لمدة تسعة أيام وبعدها تم الإفراج عنه".
يفيد عبدالكريم جمعان 50 عاماً- شقيق المعتقل، أنه تم اعتقال شقيقه عبد الحافظ بتاريخ 28فبراير 2016م، عند حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا في شارع الزبيري بالعاصمة صنعاء مع مجموعة من أصدقائه.
يقول عبد الكريم: تواصل معي عبد الحافظ حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحا وقال لي بأنه تم اعتقاله مع سبعة من أصدقائه وأنهم في قسم البليلي، لم أتأخر عن الذهاب إلى القسم، فقد وصلت حوالي الساعة الحادية عشرة صباحاً..
ويضيف:" عندما سألت عنهم قال لي أحد عناصر الأمن في القسم بأنهم بالداخل، بينما أنكر مسلحو الجماعة في القسم وجود شقيقي عبد الحافظ وأصدقاؤه وأخبروني بأنهم قد أخلوا سبيلهم وبأنهم ليس لهم مصلحة في اعتقالهم"..
أخبار كثيرة من مصادر متعددة وردت أسرة جمعان، وفقاً لشقيقه، تفيد بأنه تم نقلهم من منطقة أمن الوحدة إلى إدارة البحوث في شارع بغداد وهو مركز أبحاث مدني اتخذت منه جماعة الحوثي معتقلاً لها. ومن ثم إلى بيت علي محسن الأحمر، ثم إلى سجن جهاز الأمن السياسي..
غير أن الجماعة ظلت تنكر وجودهم في هذه الأماكن.. "عندما سألت عنهم في تلك الأماكن أنكروا وجودهم": قال شقيق المعتقل.. وفي 26 إبريل 2016م أشار عبد الكريم لمنظمة مواطنة إلى أن جماعة الحوثي سمحت لوالدته بزيارة أخيه يوم الجمعة 22 إبريل 2016م، وأنه قام بزيارته في اليوم التالي لزيارة والدته.
صخر مياس.. وعيون أمه التي وهنت البكاء
سمع صخر أصواتهم المرتفعة والجلبة التي أحدثها طرق مسلحين للباب.. هبَ من غرفته إلى الصالة ظناً منه أن هناك مشكلة عائلية، لم يكن يرتدي سوى ملابسه الداخلية فقط.. لكن المسلحون الثلاثة عندما رأوا صخر بادروا بإلقاء القبض عليه وجره إلى خارج البيت، وعندما سأل والده عن السبب، لم يوضحوا وعند إصراره قال أحدهم بأن السبب (تحري).
كان ذلك صبيحة يوم الاثنين الخامس والعشرين من فمبر 2015، اليوم الذي جرى فيه اعتقال صخر أحمد مياس البالغ من العمر 20 عاماً من منزله في حي الصادق بمنطقة نقم– مسيك في العاصمة صنعاء.
تفيد خديجة محمد مياس- 46 عاماً، وهي والدة المعتقل،: يوم الاثنين الساعة السادسة صباحا حضر مسلحون بزي عسكري، لم تكن تعرف من يتبع لون ذلك الزي الذي كان أخضر مموج، حد وصفها..
دخل إلى البيت ثلاثة منهم ومعهم امرأتان، والرابع كان في السيارة، لم يكن لديهم أية أوراق رسمية مثل طلب حضور أو غيره، كانت النساء في المقدمة والعسكر يتبعونهن، تقدموا إلى الدور الثاني وهم يصرخون أين صخر؟.
سمع والد صخر الصوت واستعد لفتح الباب لمعرفة مصدر وسبب الصراخ، وإذا بهم يخبرونه من خلف الباب بأنهم أصدقاؤه ويريدون التحدث معه، وقال أحدهم:"أين صخر؟، نريد التحدث إليه".. حينها نظرت أخته من الشباك وصرخت:" هؤلاء عسكر بسيارة وليسوا أصدقاءه"، ففتح الباب أبو صخر، وكانوا ثلاثة مسلحين ببنادق ورشاشات، تتقدمهم امرأتان.
تقول أم صخر:" ذهلنا حينها لأن ابني صخر مسالم وملتزم، تزوج فقط منذ شهرين، بعدما خرج مباشرة لحقت بهم أنا من الباب الخلفي، وحين رأيت عسكريا رابعا لا يزال واقفا بعد أن وضع ولدي في السيارة..
وبدون أن تخبره بأنها أم صخر، سألته: لماذا أخذتم صخر؟.. فأجابها:" يا حجة في الأسبوع الماضي تم تفتيش المنزل المجاور وتم استخراج كيس كبير ممتلئة بالمتفجرات، وهذا الشاب أخذوه وكان لديه حزام ناسف- يقصد صخر"..
لم تستطع الأم تمالك نفسها بعد أن سمعت هذه الإجابة من العسكري، أخبرته بأنها والدة صخر وانهالت عليه بالسباب.. قلت له: "زملاؤك الجنود قبضوا على ابني بالملابس الداخلية فعن أي حزام ناسف تتحدث؟"
بوجع الأم تتابع خديجة: ابني أُخفي قسريا لمدة ثلاثة أشهر وطول الثلاثة الأشهر لم أتوقف عن المتابعة وزيارة جهاز الأمن السياسي، مُنعنا من مقابلته أو الحديث معه أو الاطمئنان على صحته، لم أستطع مقابلة أحد من المسؤولين الكبار رغم محاولاتي المستمرة، كنت فقط أسمع أسماءهم وجميعها كنى ( أبو فلان وأبو فلان )..
ظلت أسرة صخر تتردد على مكتب قيادة جهاز الأمن السياسي بشكل يومي من أجل مقابلة القيادات المكلفة من جماعة الحوثي ولم تجد أي مسؤول، تلقت الوعود الكاذبة من الحوثيين ومن العسكر في الأمن السياسي وكانوا أيضا يطلبون من الأسرة مبالغ مالية..
بعد ثلاثة أشهر سمحوا لأسرته بزيارته.. كانت حالته يرثى لها صحيا ونفسيا.. تقول والدة صخر:" لقد فقد ابني الكثير من الوزن، لون بشرته تغير وصار أكثر اسمرارا ، كان شعر رأسه وذقنه لم يحلق منذ مدة طويلة، ابني تغير تماما، وبالرغم من أنه لم يخبرني عن تعرضه للتعذيب من عدمه، لكنني كأم أحسست بأنه قد تعرض للتعذيب".
حالياً يُسمح لأسرة المعتقل بزيارته مرة واحدة في الأسبوع، يوم الأربعاء، وفقاً لأم صخر التي تحدثت عن حالة ابنها قائلة:" ابني في زنزانة انفرادية مظلمة تحت الأرض (بدروم)، صحته تتدهور، أسنانه بدأت بالتفتت والتساقط، وإحدى عينيه تدهور النظر فيها ولا يرى بها".
تتساءل خديجة:" ماذا أفعل؟ ولمن أتجه؟، لقد قمت بكافة الإجراءات القانونية، أرسلت ووجهت العديد من المذاكرات للنائب العام والنيابة الجزائية والأمن السياسي، قدمت الوساطات القبلية، قمت بالاستجداء والوقوف اليومي في مكاتب المختصين وأنصار الله، بدون أية فائدة"..
وبصوت مبحوح تصرخ:" كله ظلم وافتراء وتعسف، إذا كان ابني مخطئا فليحاكموه ويعاقبوه وإلا فليطلقوا سبيله ليعود إلى حياته، عيوني وهنت من البكاء"..
عبد الله العامري.. أحلام محجوزة في مركزي صنعاء
بعد أن أنهى امتحانات الترم الأول بجامعة صنعاء، كان عبدالله غالب عبد حزام العامري- 22 عاماً في زيارة لأمه حيث مقر إقامة أسرته بالمطار القديم شمال مدينة تعز..
بعدها قرر الذهاب إلى صنعاء من أجل استخراج جواز سفر، ومن ثم العودة إلى تعز ليتزوج ويسافر بعد زواجه إلى روسيا أو ألمانيا لاستكمال الدراسة والعيش هناك..
لكن جماعة الحوثيين لم تدع أحلام الطالب في المستوى الثاني إدارة بجامعة صنعاء لتكتمل.. عند وصوله إلى مقر الجوازات بصنعاء في شارع خولان تم اعتقاله من قبل عناصر جماعة الحوثي المتواجدين حينها في مبنى الجوازات..
ذلك ما أفاد به لمواطنة صهر المعتقل، حفيظ أحمد الراعي 37 عاماً، الذي أشار إلى حضور عبد الله إلى صنعاء للاختبار النهائي للترم الثاني قبل اعتقاله بأسبوع..
بعد الاعتقال نقلوه إلى قسم 45 في منطقة الصافية بالعاصمة صنعاء، وقد ظل هناك قرابة الشهر ومن ثم تم نقله إلى البحث الجنائي وبعدها إلى السجن المركزي بصنعاء..
كان عبدالله يعمل في المجال الخيري، بتوزيع الأدوية للفقراء من خلال المبادرة الشبابية "عمارة الأراضي"، وسُمح لعائلته أن تزوره بعد يومين من اعتقاله.
كانت الساعة حوالي الحادية عشرة من صبيحة الثامن والعشرين نوفمبر 2015، التوقيت الذي تبخرت فيه أحلام الشاب العشريني..
ومع حركة عقارب الساعة الموحشة لحظتها في ذاكرة العمر توقف الزمن عند أقبية ثلاث زنازين سافر فيها عبد الله العامري بدلاً من السفر إلى ألمانيا أو روسيا، وفيها احتفى بوجعه عوضاً عن احتفاله بعرس زواجه.. ويافرحة ماتمت..
علي الكريبي.. ممنوع من الزيارة بزعم الدعششة
عصر أحد أيام العام 2015 وبينما كانت نجاة عبد الرحن السقاف عائدة من خارج المنزل، شاهدت ابنها علي عبد الله الكريبي البالغ من العمر 27 عاماً في يد أحد عناصر الحوثي.. ليقضي باقي أيامه في سجون الحوثيين دون تهمة سوى الرد بـ"داعشي"..
قبل العملية، وفقاً لوالدة المعتقل، أتى أحد أصدقائه إلى المنزل منادياً علي الكريبي الطالب في جامعة صنعاء، فخرج إليه ومن ثم اعتقاله..
كانت الساعة الخامسة عصراً من يوم 23 نوفمبر 2015.. وقتها كان هناك في الحي ثلاثة أطقم عسكرية وعليها مسلحين بزي مدني وآخرون بزي عسكري..
تفيد نجاة السقاف 45 عاماً، والدة المعتقل:" في ذلك اليوم قاموا بمحاصرة الحي وأخذوا أكثر من عشرين شاباً من الحارة تقريبا من بينهم ابني علي"..
وتقول: في نفس اللحظة داهموا جامع الفلاح الذي يقع في الحارة بحثاً عن أسلحة لأن الجامع فيه بدروم حسب حديثهم يومها، وعندما سألنا المسلحين والجنود لماذا اعتقلتموهم: قالوا (تحري)..
ذهب معظم من في الحارة إلى قسم آزال المكان الذي اقتيد إليه المعتقلون من سكان الحي، خرج غالبية من اعتقلوا بسبب ضغوطات من أهاليهم ومعارفهم.. بينما بقي علي وأربعة آخرين من سكان الحي معتقلين..
في ذلك اليوم رفضوا أن يسمحوا لأسرة علي الكريبي بزيارته أو تعطيه أكلاً، وفقاً لنجاة السقاف، التي تفيد: وعندما ذهبنا في اليوم الثاني أخبرونا بأنه تم نقلهم إلى البحث الجنائي، وحين سألناهم عن التهمة كان الرد الشفهي والغير رسمي "دواعش".
بعد أسبوع من نقله إلى البحث الجنائي قال الحوثيون للأسرة أن ابنها علي بايع أمير للقاعدة في محافظة إب في وقت سابق قبل اعتقاله.. تؤكد والدة المعتقل:" على الرغم من أن ابني لم يزر إب مؤخرا، وحاليا يقول الحوثيون لنا بأنهم (المعتقلون) مغرر بهم".
تضيف:" يشهد أهل الحي لولدي علي بالاعتدال والاحترام، وقد قمت بجمع توقيعات أكثر من 100 شخص من سكان الحي على شهادتهم لولدي".. وتسأل والدة علي: كيف يوقع أكثر من 100 من سكان الحي لشخص إذا لم يكن ملتزم أو محترم؟!..
تشير والدة صخر إلى أنه في 18 يناير 2016، يوم تعرض مقر الشرطة الراجلة المجاور لسجن البحث الجنائي لغارة شنتها مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية، تم نقل المعتقلون إلى السجن المركزي ثم منعوا عنهم الزيارة..
من حينها والمخاوف تتملك الأم نجاة السقاف من تعرض ولدها لأذى.. "أخاف أن يتعرض ابني للتعذيب، كما أخشى عند تقديم شكاوى أن يتم نقله أو تعذيبه، ابني يعاني من التهابات في الصدر وأماكن الاحتجاز غير مناسبة لصحته"..
مطالب مشروعة
تطالب منظمة مواطنة لحقوق الإنسان جماعة الحوثي سرعة إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفياً، والكشف عن مصير المختفين قسرياً تحت سلطة الجماعة، والإفراج عنهم دون أي تأخير قد يضاعف المخاطر التي تهدد حياتهم او إطالة تقييد حرياتهم وحرمانهم من حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.
ويشدد التقرير على جماعة الحوثي الكف عن تعطيل دور الجهاز القضائي في الإشراف القضائي على ممارسات الاعتقال والاحتجاز، وتمكينه من أداء دوره القانوني.
كما يطالب بالتحقيق في عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والجرائم المرتبطة بهما، مثل التعذيب وتعريض المعتقلين للخطر، وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم بما يتلاءم ودورهم في تنفيذ هذه الأعمال.
ويشدد على الجماعة تعويض ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والانتهاكات المترتبة عليهما وبما يتوافق وجسامة الجُرم الذي تعرضوا له.
ويدعو إلى تمكين المنظمات الحقوقية من زيارة المعتقلات ومتابعة قضايا المعتقلين وتقديم الدعم القانوني اللازم، وكذا الاحتفاظ بسجلات متاحة للتفتيش لكل محتجز، تشمل السند القانوني للاحتجاز والمعلومات الخاصة بتاريخ، ومبرر الاعتقال، ومنفذ الاعتقال، والإجراءات المتبعة عند الاعتقال، وما إذا كان السجين قد مثل/ أو لم يمثل أمام قاضٍ ومتى تم ذلك.
ويؤكد على عدم احتجاز الأطفال تحت السن القانونية بشكل مطلق، إلا عندما يكون هذا الإجراء هو الحل الأخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة، بما يتفق مع معايير عدالة الأحداث، ويجب ضمان ألا يتم احتجاز الأطفال في مراكز احتجاز الكبار.
التقرير طلب من الحكومة اليمنية مساندة الجهود الرامية لتشكيل آلية تحقيق دولية مستقلة في جميع قضايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب، وإعداد ملفات قانونية مكتملة لتعويض الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
داعياً إياها إلى التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وكذلك التوقيع على نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، وإعداد تشريعات من شأنها اعتبار الاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها بعقوبات تتناسب مع جسامة الجريمة.
وطالبت المنظمة، في تقريرها المجتمع الدولي الضغط على جماعة الحوثي للإفراج عن جميع المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً، وعلى الحكومة اليمنية من أجل التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وكذلك التوقيع على نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية.
وشدد على المجتمع الدولي دعم تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان في اليمن بما في ذلك جميع وقائع الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، وما ترتب عليهما من انتهاكات وبشكل خاص منذ اندلاع النزاع المسلح الجاري في اليمن، وتوفير الدعم اللازم لكل الجهود الرامية إلى إيجاد آلية دولية مستقلة لإنصاف الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر