ووفقا لموقع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، قرر فريق من العلماء مؤخرا القيام بتجربة مبتكرة لرصد سبب هذا السلوك اعتماداً على كون الغربان لا تنسى وجها قد يشكل تهديداً، وهو ما أكدته أبحاث سابقة حيث إن سلسلة من الدراسات التي يقودها جون مارزلوف، من جامعة «واشنطن» في سياتل بالولايات المتحدة، كشفت أن الغربان تتذكر الفرد الذي يبدو خطيراً ويشكل تهديداً لها حيث إنها تصرخ بصوت عال منبهة الآخرين، ما يعني أن مجتمع الغربان بأسره يتذكر هذا الوجه حتى بعد مرور سنوات.
ولمنع أي مضايقة من الغربان، تقدم أحد الباحثين ويدعى «سويفت» هو يرتدي قناعا من اللاتيكس إلى المنطقة التي تعرف بتواجد الغربان فيها، وهو يحمل غراباً ميتاً، وكان عليه أن يظل واقفاً رافعاً الغراب الميت مدة 30 دقيقة بينما يدرس زملاؤه سلوك الغربان الأخرى.
وفي اليوم الأول، بقيت الغربان بعيداً متجنبة الاقتراب من الغراب الميت، وبدلاً من ذلك بدأت بالصياح وإظهار سلوك عدواني حيث تجمعت لتظهر بمظهر المهدد، فهي تعرف ماهو الموت وتعرف الخوف منه، وعندما عاد الشخص المقنع في اليوم التالي، حتى بدون وجود الغراب الميت، بقيت الغربان بعيدا متجنبة الاقتراب من المنطقة التي تعتبرها خطرة.
وتشير هذه النتائج إلى أن الغربان تتجنب منطقة الخطر أو الشيء الذي يعتبر خطراً على جنسها، وبعبارة أخرى، الغربان تعرف ما هو الموت وتعرف الخوف منه، ويعتبر هذا العمل مثالا آخر على كيفية تطور الغربان لتتمكن من العيش مع الإنسان بنجاح، كما أظهر البحث أن هذا الخوف يستمر مع الغربان في وقت لاحق، فبعد مرور 6 أسابيع استمر سلوك أكثر من ثلث 65 من أزواج الغربان على نفس النحو، كما تبين أن الغربان لا تصيح بنفس الحدة عند تغيير الغراب الميت بحمامة ميتة.
وتعتبر الدراسة التي نشرت في دورية «سلوك الحيوان»، آخر بحث في محاولة لفهم أفضل لكيفية استجابة الحيوانات لموتاها، وتعد الغربان الآن الأحدث في مجموعة صغيرة من الحيوانات المعروفة بالحداد على موتاها، فمن المعروف أن الفيلة والزرافات وقرود الشمبانزي والعديد من الأنواع الأخرى أيضا تبقى بالقرب من أفرادها النافقين مؤخرا.