الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الحرب تعيد سكان عدن اليمنية إلى العصور البدائية
الساعة 19:20 (الرأي برس ـ عدن (اليمن) / شكري حسين/ الأناضول)

رغم تمكن القوات الحكومية والمقاومة الشعبية اليمنية من استعادة محافظة عدن، جنوبي اليمن، من الحوثيين قبل نحو شهر، إلا أن سكان المحافظة ما زالوا يعيشون حياة بدائية، جراء الحرب التي منعت عنهم حتى المتطلبات اليومية.

فكثير من سكان المحافظة الذين تقطعت بهم السبل في الحصول على أسطوانات غاز الطبخ، منذ أكثر من شهرين، عادوا إلى استخدام وسائل بدائية قديمة في حياتهم، حيث يجمعون الحطب، وأوراق الشجر، من أجل إشعاله لطهي الطعام. 

ورصد مراسل الأناضول معاناة عدد من المواطنين، بعد استعادة محافظتهم من أنصار جماعة "أنصار الله" المعروفة بـ "الحوثي".

تقول ريهام محمد أحمد (30 عاماً) وأم لثلاثة أطفال "لم أعثر على أسطوانة غاز الطبخ منذ منتصف شهر رمضان الماضي، ولم أجد أمامي سوى الحطب الذي يعد الحصول عليه همٌ يضاف إلى جملة الهموم والمشاكل التي نعاني منها منذ دخول الحوثيين إلى عدن أواخر مارس (أذار) الماضي".

ورغم المشقة والمتاعب التي تواجهها الحاجة قمر صالح محمد (65 عاماً)، في جمع عيدان الحطب، إلا أنها بدت سعيدة كونها تسترجع "الحياة البسيطة" التي عاشتها في الماضي.

وتقول الحاجة قمر "على الرغم من المعاناة التي نعيشها هذه الأيام، والمشقة في جمع الحطب وأوراق الشجر لطهي الطعام، إلا أنني راضية بهذا الواقع الذي يعيدني لاسترجاع الماضي الجميل، وهو ما لا يتقبله أبنائي وأحفادي في أيامنا هذه".

رشيد الدولة (50 عاماً)، أب لطفلين، يقول "للأسف عانينا في هذه  الحرب من أمور صعبة كثيرة، كنقص المواد الغذائية وخلو الأسواق منها، والحصار الذي كانت تفرضه علينا مليشيات الحوثي و(الرئيس السابق علي عبدالله) صالح، ومنعها دخول الدواء والغذاء، وانعدام البنزين والمحروقات وغيرها من الأمور، إلا أن أكثر ما عانيت منه هو اختفاء غاز الطبخ من منزلي، وصعوبة إعداد الطعام بأعواد الخشب، لوجودي في شقة ضيقة".

ويضيف "أشعر بأن الأرض ضاقت علينا بما رحبت، فلولا وجود بعض الجيران الذين سمحوا لنا باستخدام أسطح منازلهم للطبخ لمتنا جوعاً".

ويتساءل الشاب حسين طه العوبان (17 عاماً) عن الفترة التي يحتاجها المواطن في عدن حتى يتم حل مشكلة غاز الطبخ، وهي المشكلة التي باتت هماً يؤرّق سكان المدينة جميعهم، كما يقول .

تساؤل العوبان نقلته الأناضول إلى ناصر أحمد مهدي، مدير عام مصنع البريقة لأسطوانات الغاز (قطاع خاص)، فأجاب قائلاً: "المشكلة تتمحور في عدة نقاط ، أولها أن الحكومة الشرعية ما زالت عاجزة عن إصلاح الأعطاب التي تعرضت لها المصفاة بعد استهدافها من قبل مليشيات الحوثي أكثر من مرة، إبان الحرب التي دارت رحاها في مناطق مختلفة من عدن".

وأضاف "مواسير نقل الغاز تم إتلافها جراء القصف، وبحسب كلام محافظ عدن، نايف البكري، فإن قطع غيار تلك المواسير غير متوفرة في الوقت الحالي، وهو ما يعني استمرار المشكلة إلى وقت غير معلوم".

وتابع "قاطرات الغاز التي كانت تصل إلينا من محافظة مأرب (شرق)، تم منعها من الوصول إلى عدن من قبل مليشيات الحوثي وصالح، عقاباً كما يبدو، بسبب قتال أبناء المحافظة لهذه الميليشيات طوال الأشهر الماضية".

وأردف قائلاً "ولأن المشكلة ليست محصورة في عدن، وإنما في المحافظات الأخرى وإن كانت بشكل أقل، إلا أن نقل أسطوانات الغاز إلى عدن يكلف مبالغ كبيرة قد تصل إلى 10 آلاف ريال يمني (حوالي 46 دولاراً) على عكس السعر السابق الذي كان خمس دولارات، ومع ذلك هي غير متوفرة الآن".

وعلى صعيد حل المشكلة، رأى أنه "لابد من إصلاح الأعطاب التي تعرضت لها مواسير نقل الغاز في مصفاة البريقة، ونقل كمية كبيرة إسعافيّة من الغاز من محافظة مأرب بصورة عاجلة، حتى يتسنى لمصانع الغاز في عدن، والشركة الوطنية للغاز، استئناف عملها".

ويمتد، من مأرب، الأنبوب الرئيسي لضخ النفط من حقول "صافر" بالمحافظة، إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر غربي البلاد، كما يوجد بها أنبوب لنقل الغاز المسال إلى ميناء بلحاف بمحافظة شبوة (شرق)، إضافة إلى وجود محطة مأرب الغازية (الكهربائية) التي تمد العاصمة صنعاء وعدة مدن يمنية بالطاقة الكهربائية.

وسبق للحوثيين أن قصفوا منشآت نفطية؛ حيث قاموا أواخر رمضان الماضي، باستهداف مصفاة "البريقة"، و"خزانات الزيت"، ما أسفر عن احتراقها، بحسب مصادر أمنية، وحكومية، وشهود عيان آنذاك. 

وفي 26 مارس/ آذار، أعلن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، انطلاق عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، تمثلت في غارات جوية ضد أهداف ومواقع الحوثيين، فيما أعلن التحالف في 21 أبريل/ نيسان الماضي، انتهاء العملية، وبدء عملية "إعادة الأمل"، قال إن من أهدافها شق سياسي متعلق باستئناف العملية السياسية في اليمن، بجانب التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للحوثيين، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة من خلال غارات جوية.

وبالتوازي مع انطلاق عمليات التحالف، بدأت "المقاومة الشعبية"، التي تتكون غالبيتها من أهالي مدينة عدن، من الرافضين للوجود الحوثي في المدينة، بعمليات عسكرية ضد الحوثيين، انضمت إليها "اللجان الشعبية" الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي.

وفي منتصف يوليو/تموز الماضي، أعلنت الحكومة اليمنية برئاسة خالد بحاح، رسمياً، تحرير عدن من سيطرة الحوثيين المتحالفين مع صالح، في عملية سُميت بـ"السهم الذهبي" شاركت فيها قوات من الجيش الموالي للرئيس عبدربه منصور هادي، وعناصر من "المقاومة الشعبية"، وبدعم من قوات التحالف الذي تقوده السعودية.

ومنذ ذلك الوقت، تعمل الحكومة والإدارة المحلية في محافظة عدن، على حصر الأضرار الناجمة عن الحرب، لإعادة إعمار المرافق الأساسية، وقطاع الخدمات وخاصة المياه، والكهرباء، والغاز، والمستشفيات، والمدارس، والموانئ وغيرها، وهو ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة، راجح بادي، في تصريحات صحفية، قال فيها إن الأولوية في الوقت الراهن، هي تجهيز المطار والميناء في عدن، لاستقبال مواد الإغاثة التي حُرمت منها المدينة أثناء سيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى إعادة الخدمات كالكهرباء، والمياه التي تضررت شبكاتها جراء المعارك، والأهم من ذلك هو إعادة تأهيل المدينة لتؤدي مهام "العاصمة المؤقتة للبلاد" كما أسماها الرئيس هادي عندما خرج من صنعاء في 21 فبراير/شباط الماضي.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص