- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
لم تتذكر سميرة يوما انها عاشت لحظات سعادة دون ان تدفع فاتورة باهضة ثمنا لتلك اللحظات تجعلها تعيش اياما واعواما في دوامة حزن لاتنتهي ..
لكنها كانت دوما صابرة مبتسمة متفائلة بان القادم سيكون اجمل وان العمرالقادم لايمكن ان يحمل سوى الاحزان فقط ...
في طفولتها البسيطة الريفية لم تتوقع ان تغادر والدتها هذه الحياة باكرا وتعيش طوال حياتها تعاني اليتم واشياء كثيرة غيرها , كان عليها ان تتحمل باكرا جدا مسئولية اخويها ووالدها واعبائهما التي خلفها لها رحيل والدتها فجأة ...
وزاد شقاءها حين تزوج والدها من امرأة اخرى بحجة اعفاءها من مسئولياتها تلك لكنه كان ينظر الى حاجته فقط لامرأة اخرى في حياته لا لمن تخفف وطأة اليتم عن ابناءه ..
جاءت زوجة الاب لتتقاسم مع سميرة اعباء هذه الاسرة كند وخصم وتعاملت معها معاملة المرأة للمرأة لا لطفلة لم تفهم معنى كهن النساء بعد ..
صراع وخلاف وشجار كل يوم بين والدها وزوجته هي سببه وضحيته فقد عاشت سميرة ظروفا اصعب من ان تروى في حكايات الصغار , فساندريلا رغم شقائها لم تعاني نصف ما عانته الفتاة الريفية البائسة ذات الجسد النحيل والهم الكبير والحمل الثقيل , مما دفع باهل ابيها لتزويجها من احد ابنائهم واخراجها من هذا الشقاء ..
لم تعرف سميرة القراءة والكتابة اطلاقا بالرغم من انها تزوجت بمعلم مدرسة ولم تعرف من علوم الحياة سوى ان تكون زوجة مطيعة مخلصة سعيدة بطوق النجاة هذا , وانجبت اربعة اطفال كانوا لها كل الحياة..
لكن الاحزان لم تمهلها كثيرا ففاتورة تلك السعادة جاءت قاسمة للظهر حينما حل مرض عضال بزوجها فجأة عانت معه لأعوام وانتقلت مع اسرتها الصغيرة للعيش في العاصمة لكي يستطيع زوجها مواصلة العلاج والذهاب من مستشفى لعيادة لطبيب بسهولة اكثر ..
لم يمهله فقر المعلم و تردي الاوضاع الصحية في بلادنا كثيرا وكان الموت نصيبه المحتم , وكان الشقاء هو المصير المنتظر لسميرة وايتامها الاربعة الذين يتموا باكرا كأمهم .
ولأنها عاشت وعانت وعرفت معنى اليتم وذاقت مرارة ألمه فقد انعكفت تربي اطفالها وتدللهم وتحيط بهم وتبذل كل جهدها في تعويضهم عن فقدان والدهم فطلقت الدنيا بما فيها وتركت كل لحظة متعة يمكن لها ان تسعد قلبها وتركت السعادة فقط في رؤية ابنائها سعداء لا يطالهم الهم ..
تقربت من كل اقرباءها اخوتها حتى اخواتها من خالتها كانت لهم الام الحنون بعد وفاة ابيها ثم زوجة ابيها ولم يعرف احد من حزنها سوى ابتسامتها ودماثة اخلاقها وفطرتها وبراءتها التي لم تستطع دناءة الدنيا تلويثها ...
لم يعرف احد متى تسعد ومتى تحتاج للمساعدة وبما تفكر وكيف تعيش ولكن الكل كان حولها يسعى جاهدا لتخفيف وطأة حزنها وعبء حملها الذي اصرت ان تتحمله وحدها باكرا ...
لم يعرفها احد تتشاجر او تختصم مع احد لم يرها احد تغضب او تلاعن او تشتم وتقذف احد ..
لكن الايام لم تمهلها ايضا للعيش عند هذا المستوى من الالم فالفاتورة لم تدفع بعد كاملة ..
جاءت هذه الحرب المأفونة لتحملها وجعا لايمكن لقلبها المسكين سوى ان يتحمله بصمت تهتز له اقسى القلوب واكثرها تحجرا ..
فقصف صنعاء بصواريخ التحالف العربي الذي تكالب على اليمن الغارق في حرب اهلية طاحنة بمباركة دولية لم تترك سميرة واسرتها الصغيرة دون ان تكون احدى ضحاياها دون ذنب ..
قرب منزلها الصغير المتواضع من احد اقرباء المخلوع صالح جعلها تحمل ابنائها وتنزح الى القرية لتعيش معهم وضعا صعبا للغاية خصوصا انه في هذه الحرب بالذات لم يعد هناك مكان آمن حتى في قرية تعتلي اعلى قمة في جبل ريفي بعيد جدا عن المدينة , قررت ان تعود ادراجها لمنزلها مرة اخرى لتفكر في مكان اخر, تنقل اولادها اليه يكون اقل صعوبة في المعيشة واكثر امنا لأولادها الصغار, واصر صغارها ان يعودوا معها ويفكروا سويا.
لم يمهلهم قصف التحالف لحظة للتفكير فبعد عودتها بأيام قليلة جدا وفي ليلة حالكة الظلام تم قصف الحي الذي تسكنه سميرة واطفالها كان صوت الصواريخ قريب جدا واهتزاز بيتهم الشعبي البسيط جراءها كفيل بان افزعهم ودفعهم لمغادرته سريعا قبل ان يسقط على رؤوسهم ..
امسك احمد اصغرهم بثيابها متشبثا بها يثق بانه في مأمن قريب منها وانه لن يفارقها ابدا بتشبثه هذا ..
هرولت معهم لفناء المنزل واستغاثت ببيت عمهم المجاور لهم فهو بيت كبير قوي ومتين وسيصمد بالتأكيد امام كل تلك الصواريخ التي تتساقط عليهم ..
وصلوا لباب المنزل مع سقوط الصاروخ الرابع فتح لها الباب ولم تعرف بعدها ما الذي حدث فقد حل الظلام والصراخ وسقطت في عمق لامتناهي واصبحت غير مدركة تماما لما يحدث ..
حينما عادت سميرة لوعيها ادركت انها نقلت الى المستشفى شعرت بشيء غريب في وجهها وان عينها اليمنى غير طبيعية وارادت ان تتحقق من ذلك ففوجئت بان ذراعها اليمنى قد بترت من المرفق تلك الذراع التي كانت تحمي صغيرها احمد لم تنصدم لفقد ذراعها بقدر ما هالها مصير ابنها صرخت بأول كلمة تنطقها سائلة عن ابنها الذي لم يفارق ابدا ذراعها وتلابيبها , هل معقول ان تكون قد فقدته مع ذراعها ؟؟
اصر الجميع بان اولادها كلهم بخير وان احمد مصاب بكسر بسيط وهو في مستشفى اخر ولا يستطيعون احضاره لها في الوقت الحالي ولا يستطيع التحدث معها.
حين زرتها كانت متماسكة مبتسمة خجولة من رؤية الناس لها فاقدة ذراعها وعدد كبير من الغرز تغزو وجهها الذي تصر الابتسامة ان تعتليه بالرغم مما حل به ..
اخبرتني انها راضية بما حل بها وانها سعيدة لان ابنائها كلهم بخير همست لي انها تحن لأحمد وتريد رؤيته وفي عينها كان رجاء بان اطمئنها عليه ان ازوره واحمل لها صورة له لكن من حولي قاطعوها قبل ان تكمل همسها وتبوح بطلبها.
زرتها وانا منهارة بعد مشاهدتي لصورة ابنها وقد بترت يديه ونصف رأسه ودمائه تسيل دون توقف حتى بعد ان ووري التراب مع ابناء عمه الاربعة ..
ماذا اقول لك يا سميرة وكيف احكي لك عن وجع ابنك وعن الرعب الذي عاشه وهو يقطع اشلاء نتيجة سقوط بوابة المنزل عليه وابناء عمه ... تلك البوابة التي بترت ذراعك المحيطة به ... اخذته بعيدا عنك للابد ..
كيف اخبرك ان ابناءك يعيشون وضعا نفسيا صعبا للغاية وانهم يموتون رعبا في كل لحظة يسمعون فيها صوت ازيز الطائرات واصوات المضادات الاف المرات.. يجرون ويصرخون في هستيريا بحثا عن ملجأ ومكان امن ينادونك برعب ويبكون بقوة يفتقدونك حولهم يريدون عودتك لتحتويهم وتهدئي من روعهم ..
من يستطيع اخبارهم بان احمد قد فارقهم للابد من يستطيع اخبارهم بان امهم فقدت ذراعها وتشوه وجهها الذي يرونه دوما اجمل واحن وجه في الدنيا ..
سميرة حتى اليوم مبتسمة متفائلة تعتقد انها وابنائها قد نجوا بأعجوبة من هذه الفاجعة وان فاتورتها هذه المرة لم تكن فادحة رغم اصابتها بعدد من الامراض بالإضافة لهذه التشوهات التي سكنت جسدها ..
من ستتملكه الجرأة والشجاعة ليخبر سميرة بان احمد قد رحل للابد ... وكيف ستكون وقع الصدمة عليها هذه المرة؟؟ .. واي تعويض سينسيها فاجعتها وباي عذر سيقابلها من كانوا سببا في مأساتها وباي وجه سيقابلونها عند ربها حين تحتكم له فيما حل بها ؟؟..
هل ستظل البسمة قائمة على محياك وهل ستتحملي برضا ايضا هذه الفاتورة ؟؟ اتمنى من كل قلبي ان تكون هذه اخر الفواتير وان ترحل عنك هذه المصائب لمن يستحقها ولمن كان سبب كل هذا البلاء وجرعك الويل انت وكثير من هذا الشعب المغلوب على امره وان تكون فاتورته اضعافا مضاعفة لما يدفعه من ابناء هذا الوطن المكلوم ..
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر