الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
بلد المغامرات القاتلة
الساعة 18:46
أحمد طارش خرصان



يفقد اليمنيون قدرتهم على مواجهة الحياة ، ومقارعة غوائل الزمن والتغلب على عوامل الوهن المستشري في الذات اليمنية ، ويبدو أن حكمة اليمنيين ذهبت أدراج الرياح ، وأضحت الحكمة في ظل هذا الإحتدام القاتل مدعاة للشفقة والسخرية في آن واحد .

ربما استسلمنا في لحظة وهن فاضح لمنطق العنف ، وآثرنا الإنحناء بغية أن تهدأ العاصفة ، لنتفرغ لرسم حياة تليق بحضارة موغلة في التواجد والحضور. ربما كان ما قمنا به تكتيكاً ، أو هروباً وتنازلاً - لن يكون شريفاً - متى أدركنا ( اللا اكتراث ) التي قوبل به هذا السلوك ، وبتعالٍ يكشف حجم الجهل والغباء المتوغل في العقلية المنتصرة - افتراضاً -والذي قادنا بامتيازٍ إلى ما نحن فيه اليوم. 

بين ولاية الله - بحسب محمد البخيتي - وبين شرعية هادي - بحسب السعودية وباقي المشاركين في الحرب ضد اليمن - ، تتوزع مواقف اليمنيين وفق هذا الفرز إلى موقفين متناقضين ، أبرزا حالة الإنقسام الحقيقية للشارع اليمني ، والإختلال الواضح في بنية العقل والذات اليمنية المستباحة ، وبتواطئ لا يمكن أن يمنحنا الكرامة والإحترام - لذواتنا - كلما حاولنا الخروج من دائرة التبعية والعبودية المهينة. 

ينطلق المؤيدون للعدوان على اليمن ، من إيمانهم أن ( الإهانة لا تجَزَّأْ ) ، وحجم الإهانات التي سددها الحوثيون لمعارضيهم عامة والإصلاح خاصة ، فيما يذهب المعارضون للعدوان من طبيعة العلاقة القائمة بين السعودية واليمن ، والتي اتسمتْ بالتبعية والذوبان ، وبما يظهر صورة اليمن - برمزيته التأريخية - مشوهةً وصادمة للذات اليمنية الممتلئة بالتأريخ والحضارة الضاربة جذورها في أعماق التأريخ ، ولعل الإهانات التي طالت اليمنيين من الساسة وكافة النخب السياسية والحزبية - منذو ما بعد إغتيال الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي رحمه الله ووالدي - وحتى اليوم مؤشر واضح على حالة الإستلاب الحقيقية والكرامة المنقوصة للبلد برمته. 

لم يؤسس الحوثيون لما يمكن أن يساعد في تشكيل جبهة داخلية ، قد تقف في وجه كل محاولات الإختراق والإستلاب - قديمها وحديثها - ، وتعمل على بناء دولة يحترمها الآخر ، لا متاريس لتصدير الموت وتوزيع المخاوف ، وتحويل البلد برمته إلى ما يشبه قنبلة موقوتة. 

لقد أثرى الحوثيون - وفق منهجيتهم - قيم الكراهية ، وعملوا على إذكاء الضغائن والأحقاد لدى غالبية أبناء الشعب اليمني ، ما أفقدهم التضامن الحقيقي إزاء ما يتعرض له الحوثيون - لا البلد - بحسب مخزون الكراهية ، التي كان للحوثيين الدور الأبرز في تكوينها ،اعتماداً على أراء الشارع واتجاهاته المختلفة. 

لا أحد يستوعب ماقام به الحوثيون إزاء قيادات التجمع اليمني للإصلاح من اختطاف واعتقال ، في ظل الدعوة والحاجة لمواجهة العدوان - كما يدّعون - ناهيك عن الإهانات والممارسات السابقة ( اقتحام مقرات - إقصاء وظيفي وتهميش - إستهداف كوادره وناشطيه في المحافظات... الخ) إنتهاءً بحل الحزب ، والذي عدّه الكثيرون إنتحاراً لقيم الديمقراطية ، وإقراراً بالهزيمة والفشل الذريع في التعامل بذهنية الحاكم ، واللجوء لأخلاقيات العصابات وقطاع الطرق ، لتسوية الخلافات السياسية ، وكأن الإصلاح جمعية خيرية ، تمكن مسلحو الحوثي من إخضاعها للسيطرة ، متناسين - بقصد أو بدون قصد - أن الإصلاح حزب سياسي عبر خمس محطات إنتخابية ، وأن أكثر من مليونين ونصف المليون ناخب ، ما زال حضورهم يرتبط بصناديق الإقتراع ، لا زناد البندقية كما هو حال الحوثيين اليوم. 

لن يكون هذا العمل المستهجن مدعاة للزهو ، بقدر ما هو إعلان إفلاس وهزيمة - لن تكون الأخيرة - سيألف الحوثيون تذوقها مع مرور الوقت ، كلما أحسوا بحمق وغباء ما قاموا به ، وردة الفعل الناتج عن هذا الإجراء الأحمق وغير المدروس، والذي سيقود بالضرورة لعمليات مشابهة في المستقبل القريب.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص