- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
صارت القنوات الفضائية العربية والعالمية ومعها كل وسائل الإعلام الأخرى لا حديث لها ولا شاغل يشغلها إلا الحروب والمذابح التي تدور في بلاد العرب والمسلمين، مع شحن مذهبي نتن، حتى أنك تصاب بالغثيان وأنت تستمع لقنوات تنسب نفسها زوراً وبهتاناً للإسلام وهي تصب جام غضبها على (روافض الشيعة) وفي مقابلها قنوات أخرى تصب لعناتها على (نواصب السنة).
تكفير متبادل، واحتكار للإسلام، وتفسيرات وتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان. تركنا قول الله تعالى [محمدٌ رسول الله والذين معه أشداءُ على الكفار رحماء بينهم] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، وبدلاً من ذلك جعل كل فريق منا كل جهده وهمه أن ينهي إخوانه المسلمين المخالفين له في المذهب.
أناس تقمصوا دور (العلماء) وأرادوا أن يجعلوا من المذاهب الإسلامية ديانات جديدة، وأقفاص إسمنتية أو حديدية جامدة يتوجب على المسلمين أن يسجنوا أنفسهم فيها. مع أن المذاهب الإسلامية عندما نشأت كانت مجرد اجتهادات الهدف منها التيسير على المسلمين في أمور دينهم، لكننا حولناها من رحمة ويسر إلى نقمة وبلاء.
صار لكل مذهب أوصياء نصبوا أنفسهم أولياء وحماة لهذا المذهب أو ذاك، وما على الأتباع إلا السير في ركابهم وعيونهم مغمضة، يسيرون على غير هدى، ويمنحون عقولهم إجازة.. فالتفكير محرم وممنوع، فلا طريق للواحد منا ولا رأي يتبعه إلا ما قال به أولئك (الأوغاد).
أحد أولئك المغالين في تعصبهم قال في جلسة نقاش بأن المسلم الذي لا مذهب له هو خارج عن ملة الإسلام! سألته عن المرجعية الشرعية والفقهية التي بنى عليها (نتيجته المرعبة) فاكتفى بأن قال بأن ذلك ما قال به أسلافنا. فقلت له إذاً أنت بذلك تُكَفِر كل المسلمين الذين عاصروا نبي الرحمة والذين عاشوا من بعده خلال القرن الأول الهجري لأنهم لم يعرفوا المذاهب والمذهبية التي تتحدث عنها.
فعودة للتاريخ وباستعراض الأعوام التي ولد فيها الأئمة الذين تنسب لهم المذاهب الإسلامية (السنية والشيعية) سنجد أنها تتسلسل على النحو التالي:
• زيد بن على، إمام المذهب الزيدي، ولد في سنة ( 75 هـ ).
• أبو حنيفة النعمان، إمام المذهب الحنفي، ولد سنة ( 80 هـ ).
• جعفر الصادق، إمام المذهب الجعفري "الإثناعشري"، ولد سنة (83 هـ ).
• مالك بن أنس، إمام المذهب المالكي، ولد سنة (93 هـ ).
• محمد بن إسماعيل، إمام المذهب الإسماعيلي، ولد سنة (121 هـ ).
• أبو عبدالله الشافعي، إمام المذهب الشافعي، ولد سنة (150 هـ).
• أحمد بن حنبل، إمام المذهب الحنبلي، ولد سنة (164 هـ).
فإذا أخذنا أقدمهم، الإمام زيد بن علي، سنجد أن ولادته كانت بعد مرور ( 88 ) سنة من البعثة النبوية، وبعد أن نضيف إليها سنوات طفولته وتحصيله العلمي قبل أن يصل إلى مرحلة الاجتهاد والبدء في تأسيس مذهبه الفقهي، سنجد بأن ظهور أول مذهب إسلامي سيكون بعد قرابة مرور قرن وربع على ظهور الإسلام، ثم توالى ظهور المذاهب الإسلامية تباعاً، مع ملاحظة أن الفارق بين مولد الإمام زيد أولهم والإمام ابن حنبل آخرهم يبلغ تسعون عاماً.
وقد ثبت في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم...إلى آخر الحديث". وفي هذه الحالة سنكون موضوعين أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما أن نُكَذِب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاشا لنا أن نفعل ذلك. وإما أن نُكَذِب ذلك الدعي وأمثاله من الذين يعتبرون المسلم غير المتذهب خارج عن ملة الإسلام.
وذلك يعيدنا إلى النظرة الراقية التي كان ينظر بها أئمة المذاهب إلى اجتهاداتهم، فهذا الإمام مالك يقول: كلٌ يؤخذ من كلامه ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذاك الإمام الشافعي يقول: إذا خالف قولي قول الرسول صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي عرض الحائظ. بينما رفض الإمام زيد الانسياق وراء المتعصبين من أتباعه الذين طلبوا منه تفسيق الشيخين أبوبكر وعمر، فامتنع ووصف أولئك الغلاة بالرافضة.
وذلك يجعلنا نقول: بأن كل من يريد تحويل المذاهب إلى ديانات أو سجون نتمترس فيها علينا أن نرفضه ونمقته، وكل من يقتل أو يعتدي على حقوق الآخرين باسم الدين أو المذهب يجب أن ننبذه، وكل من يدمر مساجد مخالفيه ويهين مقدساتهم يتحتم علينا أن نخرجه من بين صفوفنا، وكل من يُكَفِر أتباع المذاهب الأخرى ويعتقد أن أتباع مذهبه هم فقط من يمثلون الفرقة الناجية لن نكون من أتباعه، وكذلك كل من يدمر آثارنا العريقة ويشوه حضارتنا الإنسانية الخالدة بحجة أنه يخلصنا من الشرك والوثنية هو في نظرنا مجرد عدو للحياة وداعية خراب ودمار.
خلاصة القول: أنا مسلم وكفى ، منهجي القرآن العظيم وقدوتي النبي الكريم، لا أنا سني ولا أنا شيعي، والمذاهب بالنسبة لي هي مجرد اجتهادات آخذ منها مجتمعة ما يطمئن له قلبي وأقتنع بصحته، وأترك ما دون ذلك. كل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله هو أخي في الإسلام، وأتعامل معه وفقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.. سباب المسلم فسوق وقتاله كُفر.
وسيكون علينا أخيراً أن ندرك بأن هناك من يتربص بنا، من يريدنا أن نغرق في خلافاتنا ونستبيح دماء بعضنا لنريحه من عناء مواجهتنا، بحيث يظل المسلمون مجرد رعاع يعيشون على هامش الحياة والحضارة، وتذهب ثرواتهم وجهودهم لتعمير حضارات أخرى خارج ديارهم . لكن الإسلام الحق الذي جعل الرعيل الأول من المسلمين يتحولون من رعاة للشاة والبعير إلى صناع حضارة خلدها التاريخ، سيجعلنا قادرين بالتأكيد على تصدر حضارة العالم من جديد إن استعدنا روح إسلامنا التي كانت.. فهل نحن فاعلون؟ مفتاح ذلك في قوله وتعالى [إن الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم] صدق الله العظيم.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر