الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
حمير علاية
عن أربعاء إبّ الحزين.
الساعة 17:44
حمير علاية

 

حين وقعتْ  عيني على خبر تفجير المركز الثقافي في إب، صُدمت! شُلّت روحي.. استجمعتُ أنفاسي.. أدركت أنّها فاجعة، سيموت النّاس، ستختلط دماؤهم على أديم الأرض، وسأفقد أصدقاء لي.
ظللتُ واجماً خائفاً أترقّب..
لم أمسك بجوالي للاتصال، ولم أكفّ عن متابعة الأخبار بقلق. قضت روح صديقي خليل، وقضت معها أرواحٌ بريئة.. باتت بين يدي الرحيم الكريم.

استلقى خليل على ظهره.. تضمّخ بدمه.. قلمان مثبتان في جيب قميصه الأبيض، لم ينفلتا. التوت ربطة العنق الأنيقة حتى كتفه الأيمن. غادر عالم الضغينة والقبح.

كتب قبل استشهاده لأصدقائه: " للتذكير! إلى كل من أحببتهم بصدق.. فقط يومين وتنتهي الحكاية". قال لصديقه الذي أعدّ معه الريبورتاج عن سيرة النور قبل فجر يوم الفاجعة" تخيل لو متنا يا رمزي ويستدعيني أنا وأنت رسول الله ليكرمنا لأننا قعدنا بلا نوم الى هذ الوقت المتأخر لإتمام عمل كلمات من نور لمولد الهدى و سيرة النور!"
من عرف خليل، يعرف بأن لا كلمات ترثيه ولا دموع تملأ مكانه.
في المركز الثقافي، بتأبينية محمود درويش قبل سنوات، كنت أشير إلى الشعراء الذين تنبّأوا بموتهم، وموعده، بل وبطريقته، كمحمود درويش ومحمود البريكان، ما يثير فينا الدّهشة. كان خليل المهنا شاعر آخر، يسمع حفيف روحه الطّاهرة في الأفق قبل الرّحيل.

لا يدري من أزهق تلك الأرواح البريئة بأنه يعتدي على بعض روح الله.
ألا قاتلك الله أيها الفاجر، يا لخن الروح..!
كان المركز الثقافي ملاذنا.. مكان إقامة أرواحنا. نقيم الفعاليات، ونبتهج بأنفسنا.. بما تضمه عقولنا من أفكار، وكأنّ أزاميل النور بأيدينا نحفر بها الصخر لنعبر. كنّا نلتقي باستمرار، في صباحات تتنفّسنا نُذُراً من مهجة وطن، نودّ لو أن تستحيل أرواحنا وروداً على طرقاته، وشموعاً على حواف لياليه.
ذات يوم، أصبح هذا المكان ملغوماً بالموت..

تلطّخت جدرانه بدم الكلمة.. وبات ضريحاً، تأبى الأرواح التي قتلت فيه أن تغادره، لتبعث منه شاهدةً على فجور الإنسان وظلمه.
يا إلهي!

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص