- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- مقتل ضابط رفيع في هيئة الأركان العامة الروسية جراء تفجير سيارته في موسكو
- ماجد المصري عن «أولاد الراعي»: دراما إنسانية مليئة بالمشاعر
- ترامب يستبعد نحو 30 دبلوماسياً من مناصبهم كسفراء
- توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان
- إيران: برنامجنا الصاروخي دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض
- اتهامات أميركية لـ«حزب الله» بالسعي لإعادة تسليح نفسه
- بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع
- احتفاءٌ كبيرٌ بالروائيّ اليمنيّ الغربيّ عمران بتُونسَ
- «المنتدى الإماراتي الروسي الأول للأعمال» ينطلق في دبي لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتكنولوجية
- من الكاميرات إلى اللاسلكي.. كيف تتبعت إسرائيل القادة الحوثيين؟
في اللحظات الفاصلة من تاريخ الشعوب، لا يكون الخطر دائماً في صوت الرصاص، بل في صمت العقل حين يعلو ضجيج الانفعال، واليمن اليوم يقف عند واحدة من تلك اللحظات الحرجة التي تتطلب قدراً عالياً من الحكمة، وتغليباً واعياً للمصلحة الوطنية، قبل أن تنزلق الأمور إلى مسارات يدفع ثمنها الجميع، ويكون المستفيد الوحيد منها هو العدو الحقيقي.
ما تشهده بعض المحافظات اليمنية من توتر وتصعيد لا يمكن فصله عن السياق العام للصراع، ولا عن حقيقة أن مليشيا الحوثي ما زالت تمثل التهديد الأكبر لمستقبل الدولة اليمنية ووحدتها وسيادتها.
وكل انقسام داخل معسكر القوى المناهضة للحوثي، مهما كانت مبرراته، لا يفضي في النهاية إلا إلى إضعاف هذا المعسكر، وإعطاء الجماعة المسلحة فرصة ثمينة لإعادة التموضع، سياسياً وعسكرياً.
لقد جاءت الرسائل العربية الأخيرة واضحة وصريحة، ليس فيها إدانة بقدر ما فيها حرص، وليس فيها تهديد بقدر ما فيها تحذير أخوي من عواقب التصعيد.
هذه الرسائل لم تُطلق عبثاً، ولم تصدر من فراغ، بل جاءت بعد محاولات مضنية للتهدئة، وبعد وساطات متواصلة تبذلها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حتى اللحظات الأخيرة، انطلاقاً من إدراك عميق لحساسية المرحلة وخطورة الانزلاق إلى مواجهات داخلية.
والحقيقة التي ينبغي الاعتراف بها بشجاعة أن الوقت لم يعد يحتمل المزيد من المكابرة أو اختبار النوايا، فالعقل والمنطق يقولان إن أي معركة جانبية، وأي نفخ في كير الخلافات، لن ينتج عنه إلا نار تحرق الجميع، فيما يبقى الحوثي في موقع المتفرج المستفيد، أو اللاعب الخفي الذي يراكم المكاسب دون أن يطلق رصاصة واحدة.
ليس المطلوب اليوم انتصار طرف على آخر، ولا فرض رؤى بالقوة، بل استعادة روح الشراكة، وإعادة الاعتبار لمعنى وحدة الصف في معركة مصيرية تتعلق بوجود الدولة ذاتها، فالتاريخ علّمنا أن القضايا العادلة لا تُخدم بالاندفاع، وأن الحقوق لا تُصان حين تتحول الخلافات إلى صدامات، وأن أشد الخسارات هي تلك التي تأتي بأيدينا.
إن الدعوة إلى التراجع عن التشدد ليست ضعفاً، بل شجاعة سياسية، والاستجابة لنداءات التهدئة ليست تنازلاً، بل استثمار في المستقبل، والجلوس إلى طاولة العقل ليس هروباً من الواقع، بل مواجهة له بأدوات أقل كلفة وأكثر حكمة.
ما تزال هناك نافذة مفتوحة، وإن كانت تضيق مع كل ساعة تمر.. نافذة يمكن من خلالها تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لإعادة ترتيب الصفوف، وترميم الثقة، وتوحيد الجهد نحو الهدف الذي يجمع الجميع: إنهاء مشروع الحوثي، واستعادة الدولة، وفتح الطريق أمام سلام عادل ومستدام.
اليوم، قبل الغد، يحتاج اليمن إلى من يُطفئ النار لا من يؤججها، إلى من يسمع صوت العقل لا صدى الهتاف، إلى من يدرك أن اللحظة لا تحتمل مزيداً من التصعيد.
فإما أن نلتقط هذه الرسائل الأخوية ونحسن قراءتها، أو نترك الساحة مفتوحة لصراع لا رابح فيه سوى الحوثي، ولا خاسر فيه سوى اليمن.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر