الخميس 21 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عبد الكريم المدي
لقاءاتي الأخيرة بعلي ناصر العومري
الساعة 02:04
عبد الكريم المدي

لروحك الرحمة والسلام  أخي الأستاذ الكبير علي العومري.
من لم يعرفك من قبل سأحاول التعريف بك:
علي العومري رجل الملكات والحسّ وملك القانون والإدارة.
ابن قبيلة الحدا ، تعلّم وأصبح معلما في التربية والسياسة والقيم.
عرفته في العام 2008 وبقدرما كانت شخصيته القوية تتعب البعض ، فقد كانت أيضا نموذجا لكل طامح.
تصاحبنا وتسايرنا أجمل أيام العمر.
الرجل كان تأثيره غير عادي ، رجل خُلِقَ للإدارة والتأثير وإمتلاك قلوب الآخرين.
لديه ملكة نادرة ، تتمثّلُ بقوة الشخصية وفهم للقانون بشكل لا يتصوره أحد.
يراعي البعض ويقسو عندما لم يجد متاحا في التساهل.
أما سرد وفائه فلن أجد مساحة لذكر ذلك.
علي العومري قلعة حصينة من الصلابة والحنكة والرؤية.
قابلته في القاهرة وهو مريض بالسرطان وأضاف لي جديدا في شخصيته وصفاته وعظمته لن أذكرها اليوم.
 وأنا أرثيه.
العومري صديقي ..كان مستودع الرأي وقائد المشورة وخزّان زملائه ومرجع كل طامح للإدارة والنبوغ.
فقيدنا الكبير أتصل بي بعد وصوله للقاهرة كصديق وزميل قال لي :
أشتي أشوفك ( بالطبع عشرتي معه طويلة) 

قابلته بعدها في فيصل القاهرة أنهرت أمامه عجزت عن وصف مشاعري تجاهه.
 ، فهم إني أريده يسامحني ، فقال لي حرفيا: أعرفك وإحنا أخوة ، وأضاف مازحا:
ليش بيض رأسك ، يا عبدالكريم ، مسرع ، قلت له : تصاريف اليوم وأخوك " ربي أوزعني"
تكلمنا كثيرا وغادرت وأنا كظيم.
بعدها
طرقت باب شقتي مع طرقي لهاتفه.
رد ، عبرت له بما في قلبي.
وطلبت منه أن نلتقي:
فورا رد وقال حاضر:
أشتي أشوفك بس ونجلس.
قلت له :
غدا :
قال: 
تمام:

ألتقينا ، بناء على دعوتي ،  وصدفة كان هناك زحام شديد في المكان ولم أكن أعلمه والله ..
ذهب معظمهم وجلست معه..ملأت قلبي بعلي العومري الذي أعرفه، لم يختلف قيد أنملة قوة وصلابة وإنسانية وأخوة.
كنت أشاهد وجهه المائل وروحي تميل معه ، لكن حديثه كان يسندني وهو لا يعلم.
جلسنا معا بحدود ساعتين وخرجنا معا.

رافقته مسافة في الشارع مع واحد من أنبل الرجال وأوفى رفاق الحياة وبعدها توادعنا على أمل اللقاء في مستشفى القصر العيني.
ظليت على تواصل وبعد العملية زرته للمستشفى..لو وصفت لكم معنوياته فلن يكفيني عشرين مقالا.
كان يتحدث كأنه جبل رغم جدب الغيث.
يتحدث بثقة وقوة صبر نبي الله أيوب وبه ما به من تعب ، رغم جروح العملية الغارة في وجهه وصدره.. عملية كبيرة ومؤلمة.
كنت أسأله:
هل تقوم أخي علي؟
قال لي بجلال و " وجلال" نعم أقوم.
قلت له:
 أنت بخير إذن .
قال لي :
نعم.
والخميس أخرج بحول الله.
مما تعاني ؟
قال: أنا أقوم .
أنا تمام وسأخرج يوم الخميس.
قلت له سأزورك قبل الخميس وأنا معك وأخفي دمعي في أعمق خزنة في رأسي.
مرت 24 ساعة.
أتصل لي أحد الأصدقاء ( عرفات )  " قائلا :
" خرّجنا علي اليوم الخميس وهو في الشقة.
قلت له بشرك الله وغدا أنا عندكم.
فاتتني ساعات (  كنت في نفس الوقت بعزاء وفاة زوجة أخي وبنت خالي ومتابعة طفلتها الأخيرة )
السبت قبل الظهر يتصل لي شخص يقول لي : 
" صاحبك مات" 
تيبست في مكاني ، قلت له : من أرجوك ؟
قال: " علي العومري " 
لساني غاب عني وصوتي رحل ونفسي غابت في غابات الحزن والبكاء.
لٍمن يقرأني الآن !
أقول على المستوى الشخصي : " فقدنا ركنا كبيرا ومعنى عظيما في حياتنا" 
ذاكرتي مرتبطة به ،  إنطلاقي مرتبط به مشاكساتي يعرفها ، تحمّلني وتحمّلته، قبل بي وقبلت به ، سايرني وسايرته.
قيّلنا معا في أكثر من مجلس ومكان ، سافرنا معا ، زرنا معا" 
أخيرا أتذكر المسبحة التي لا تفارق يده في آخر أيامه.
أرجوكم الدعاء له بالرحمة والمسامحة.
علي ناصر العومري رحمك الله وجمعنا بك في الجنة.
للحديث بقيّة كثيرة ، وجع وذكريات جميلة.
* ملاحظة:
الصورة بعد مغادرته اليمن وهو يعاني من وجعه.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص